لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف خاص حول الذكرى الستين لتأسيس الاتحاد النسائى
نشر في حريات يوم 01 - 02 - 2012

مقال من الاستاذة نفيسة أحمد الأمين إحدى مؤسسات الإتحاد النسائى:
بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس الاتحاد النسائى
الإتحاد النسائى وما أدراك ماهو؟ أنه تنظيم لم يكن مجهول النسب فقد خرج من رحم الحركة الوطنية السودانية نتاجاً حتمياً وطبيعياً لها وهى فى قمة فورانها ووهجها…ولم يكن مشوهاً بل خرج إلى حيز الوجود سوياً مكتملاً..ولم يكن عملاً مستورداً فقد إستمد فكره وأساليبه ووسائل عمله من أصالة الشعب السودانى الضاربة جذورها فى أعماق التاريخ… وقد ولد على أيدى سودانيات أمدرمانيات بنات بلد ..نجحن فى تحقيق الموازنة السليمة فى الصراع بين دوافع التغيير وقوة التقاليد، فلم يندفع هائجاً متهوراً . ولم يتباطأ مسترخياً متلكئاً… لذلك كسب ثقة المجتمع السودانى فى زمن قياسى. وحتى الذين عارضوه وهاجموه بإسم الدين والتقاليد فقد خدموه من حيث لايقصدون إذ ان تسليطهم الضوء عليه أكسبه المزيد من المؤيدين مستندين على حقيقة وضع المرأة فى الإسلام الذى كرمها وكفل لها حق العلم والعمل والحياة الكريمة.
ومنذ البداية كان نهج الإتحاد فى نشاطه وبرامج عمله فى كل المجالات المختلفة يسير فى خطوط متقاطعة قد يسبق أحدها الآخر ولكن لايتعارض فى أهدافها المختلفة معه، وفى بداياته الأولى جعل العمل الاجتماعى مظلة للعمل السياسى مقتفياً أثر مؤتمر الخريجين فى التعامل مع الظروف الاجتماعية والسياسية آنذاك، لذلك اشتد عوده وشمخ فى وقت وجيز قياسى.
الإتحاد النسائى كان الشرارة التى أوقدت الحركة النسائية المعاصرة وكان وقودها ومنارتها ، وكان النافذة التى أطلت بها المرأة السودانية على نساء العالم والصوت المجلجل لها فى ساحات العمل الإقليمى والدولى .
الإتحاد النسائى كان المدخل والأساس المتين لكل المكاسب الاجتماعية التى تحققت للمرأة جاعلاً التعلييم والعمل والديمقراطية ركائز أساسية لتمكين المرأة. وقد فتح الطريق واسعاً وممتداً للتنظيمات النسائية التى تأسست بعده. والتى كانت صغيرة أو محدودة النشاط فنشطت وتوسعت واعادت تكوينها على أسس جديدة.
الإتحاد المسائى أدرك منذ البداية أهمية وسائط الإعلام فى نشر فكره ونشاطه فأسس له ركناً له ثابتاً بالأذاعة السودانية بعد تكوينه مباشرة كان مقر الإذاعة السودانية فى منزل صغير بحى الهاشماب بإدارة المرحوم الأستاذ متولى عيد ورفاقه القلائل ، وكان لى شرف تأسيس هذا الركن مع الزميلة الراحلة عزيزة مكى عثمان أزرق فأصبح المنبر الذى يسمع صوت الإتحاد، وإنبرت أقلام الرائدات فى الصحف تبشر به وتوضح وتدافع عن مقاصده. كان بعضهن يكتب فى الصحف بأسماء مستعارة ذات مدلول خاص بينما كان الأخريات يكتبن بأسمائهن الحقيقية فمثلاً كانت فاطمة طالب تكتب بإسم الزهراء، وحاجة كاشف تكتب بإسم شورى، وكنت أكتب بإسم أبنة النور.
وبعد ستين عاماً على تأسيس الإتحاد النسائى لا ندعى بطولة ونرجى مكسباً فإنجازات الإتحاد مجملة هى حصيلة لجهود قياداته وقواعده فى مراحل مختلفة أعطت ومابخلت حسب إمكاناتها وقدراتها وظروفها. وإستناا على هذه الحقيقة فإن هذه الوقفة ليست مناسبةإستعراضية ولكنها وقفة مع تنظيم كان الأداة الفاعلة المؤثرة فى إحداث التغيير الإجتماعى. وكان الطريق الممتد المتواصل للنهوض بالمرأة وتمكينها لتؤدى أدوارها الثلاثة، الإنجابى، والإنتاجى والمجتمعى، نعم هى وقفة للتأمل والتقييم العملى لمساره الساطع الذى تعرض خلاله للكثير من العقبات والهزات . عينا أن نقيم كل حدث فى إطار ظروفه ومعطياته إذ أن الحراك فى الحاضر بعقلية الماضى فقط يصيب الحركة النسائية بالكساح ويعمل على تفكيك صفوف النساء التى ينبغى أن تكون دائماً متراصة قوية.
رحم الله كواكب رائدة رحلت عن دنيانا الفانية وغابت عن هذه المناسبة التاريخية. رحم الله فاطمة طالب إسماعيل، وثريا أمبابى ومدينة بابكر الغالى وفاطمة محمد شعرون وأم سلمة سعيد، وعمائم آدم وثريا الدرديرى وخديجة مصطفى وعزيزة مكى.
ليس هذا سرداً أو حصراً لمسيرة الإتحاد النسائى ولكنها وقفات ولمحات فقط وليعش الإتحاد النسائى ولتعش الحركة النسائية معافاة فى ظل الديمقراطية والحرية والعدالة.
نفيسة أحمد الأمين
أبنة النور
31/1/2012م
مقابلة مع الشاعر الأستاذ السر دوليب وهو أحد أعضاء اللجنة الرجالية التى ساندت الإتحاد النسائى منذ تكوينه. وكان أحد أبرز الناشطين بتلك اللجنة كما قام بتأليف عدد من القصائد لصالح نهضة المرأة ودعم الإتحاد النسائى إلتقته حريات وسألته عن أسباب إنتماءه للجنة الرجالية فى ظل مناخ تقليدى جافى حركة النساء لحد ما فأجاب:
” عندما كنا فى المرحلة المتوسطة فى نهاية الأربعينات من القرن الماضى كنا نقرأ لطه حسين والعقاد وشوقى ونسمع عن حركة المرأة المصرية وتقدمها ورائدتها “هدى شعراوى” وغيرها من الأسماء وكنا نتحسر ونفكر أين نحن من ذلك الحلم اذ كانت المرأة فى ذلك الوقت لازالت أمية مبلمة لاتخرج إلا ليلاً وتحت حراسة أسرية مشددة ونكاد لانرى وجهها الا فى اللعبة أى الحفلة.
هل كانت النساء يأتين للحفلات وهن كاشفات الوجه؟
لا أبداً كانت الواحدة منهن تجلس كعادتها مبلمة ولكن عند الرقص تكشف عن وجهها فقط للحظات رقصها وبمجرد انتهاء الأغنية تعاود مكانها وهى مبلمة.
هل كمثقفين كنتم تشعرون بالحزن على هذا الواقع اذ اللحظات الوحيدة التى ترون فيها المرأة كانت وهى تعرض نفسها للزواج؟
لكى أكون صادق كنا لازلنا صغار وحسب السياق الثقافى كان هذا معتاداً عليه وكنا ننتظر بيوت الأفراح بشغف لنرى الأقمار سافرة ومع رمية كرومة “الطايق البوخ أو بدور القلعة وجوهرا كنا نتوسل للرق كى لايصمت لكن وبمجرد تفتح وعينا بالفعل أصبنا بالأسى خصوصا كما ذكرت لك سابقا بعد تبلور حركة المرأة المصرية.
ومتى بدأ التغيير؟
فى بداية الخمسينات بدأ الحراك القوى اذ كانت هناك إرهاصات ولكنها لم تتخذ الشكل المؤسسى المستقر الا فى بداية الخمسينات حيث تجمعت السودانيات المثقفات والمعلمات وتلميذات الثانوى ومن أكملن الأولية وحتى غير المتعلمات ممن إتسمن بالوعى وكون جمعيات متعددة وبرز مايسمى بالإتحاد النسائى كأول تنظيم يرمى لتطوير المرأة فى السودان.
وكيف بدأت علاقتك به؟
كنا فى زهرة الشباب ونضارة الفكر المتحرر فرأينا فى تلك الحركة مايستدعى منا الدعم والمواكبة فإنخرطنا معهم تحت مظلة قريباتنا عزيزة وزكية مكى عثمان أزرق ومن ثم تعرفت على بقية السرب نفيسة أحمد الأمين وسعاد إبراهيم عيسى وحاجة كاشف وغيرهن من الرائدات الأوائل وبمجرد ان توطدت معرفتى بهن وأدركت مدى معرفتهن وثقافتهن علمت حينها ان الحركة النسائية قد بدأت بالفعل فإنخرطنا عبر لجنة رجالية فى مساعدتهن ودعمهن بكل قوة.
فى رأيك كيف رسخت تجربة الإتحاد النسائى فى ذلك الوقت؟
لجملة أسباب فى أولها الذكاء الفطرى الإجتماعى الذى تمتعت به الرائدات مماجعل حركتهن جاذبة للمجتمع رغم قساوة أحكامه فى ذلك الزمان، بالإضافة لان المناخ العام كان به حس وطنى جارف وغيرة قومية عالية مما دفع الرائدات ومن دعمهن للعمل بتفان وابداع، ومن الأشياء الهامة مشاركتنا كرجال ودعمنا لهن فقد كنا نسهم بشكل كبير فى تنفيذ البرامج لأرض الواقع ، ومن الأسباب التى إرتبطت بالمناخ العام هو وجود صحافة نيرة دعمت عبر كتاباتها وإفرادها مكاناً للأقلام النسائية دعمت بصورة مميزة عمل الإتحاد النسائى، ومثلما كان المجال الإعلامى فى فتوته كان مجال الشعر والإبداع أيضاً فى عنفوانه فساهم بصورة كبيرة فى دعم الإتحاد.
كشاعر كيف تجسدت مساهماتك فى دعم الإتحاد النسائى؟
لم أكن وحدى فقد كنت جزء من موجة عالية بها الصديق صديق مدثر والذى كان لازال بالمدرسة الثانوية فكتب رائعته يافتاة الوطن وكانت الموجة تضم شعراء ومغنين بارزين أيضاً كأحمد المصطفى.
هل بإمكاننا أن نقول إن الظرف التاريخى كان مؤاتياً لقيام الإتحاد النسائى؟
بالتأكيد فرغم إن المجتمع كان متخلفاً فى نظرته للمرأة فى ذلك الوقت الا انه وبذات الوقت وجدت الحركة النسائية دعماً أسرياً كبيراً ممايشى بإستعداد وقبول لدى المجتمع لتغيير نظرته للمرأة وهذا بالتأكيد لايقلل من الجهد والتضحيات الضخمة التى قدمتها الرائدات، الا ان وجود جمهور سودانى مثقف يتطلع للنهضة والتقدم وينادى بإستقلال والديمقراطية وهزيمة التخلف والرجعية كان سنداً وشكل فعلا ظرف مؤاتى لنشوء حركة نسائية قوية.
هل مناخ مقاومة الإستعمار ساهم أيضا فى حشد المشاعر للنهضة؟
مؤكد. ولكن الحكومة البريطانية رغم انها حكومة إستعمارية الا انها كانت فى النهاية حكومة “صاحبة الجلالة” ولذلك كان لها حدود فى تقبيح صورة المرأة لأن ذلك يدخلها فى تناقض مع ماتدعيه من فكر متقدم ولذلك سنحت فرصة قيام مدارس ثانوية للبنات وكلية للمعلمات ومدارس أهلية كمدرسة الأحفاد ومدارس الراهبات، هذه الفرصة سمحت للنساء بإمتلاك معارف ساعدتهم فى تنظيم أنفسهن لمناهضة الإستعمار نفسه.
المدارس الأهلية بذرت بذرة الإستقلال” مابخاف الموت المكشر مابخش مدرسة المبشر” كيف أسهمت فى دعم العمل النسوى؟
نعم كانت المدارس الأهلية عموماً هى بداية المقاومة لتهجين السودانيين وبالتأكيد أهم صرحين فى هذا المجال هما الشيخ بابكر بدرى والشيخ المليك والإثنان جعلا من تعليم البنات هدفاً لهما.
هل ساهمت علاقات وشخصيات الشيخين فى دعم تعليم البنات؟
نعم ساهمت شخصيتهما كقياديين وعلاقاتهما وحتى انتماءاتهما الحزبية ساهمت بقوة فى دعم تعليم ونهضة النساء كما ان المجال العام كما ذكرنا كان منفتحاً فلقد مدارسهما التشجيع الكبير من السيد عبد الرحمن المهدى الذى دفع ببناته للعلم وإشارات خفية ضمنية مشجعة من السيد على الميرغنى وخلافه مما جعل الأصوات الرجعية والمتخلفة خافتة ولا يوجد لها تأثير كبير.
برأيك ماهى أهم منجزات الإتحاد النسائى بعد إكتمال نشأته؟
لقد إستطاعت الحركة النسوية ممثلة فى الإتحاد النسائى أن تقر أهم مبدأ وهو تعليم البنات فأصبح التعليم متاحاً ومقبولاً . كما حاولت ان تبلور الحقوق التى أثبتتها الكتب السماوية ودعمتها المواثيق الدولية، كما جعلت المرأة العاملة تعمل بأجر متساوى مع الرجل بعد جهد جهيد وتم ذلك فى وقت متأخر نوعاً ما “فى عهد مايو” والحق يقال ان بدايات عهد مايو خلق مناخاً مؤاتياً وداعماً لمطالب الحركة النسوية ولولا تلك الفترة لظلت الكثير من الإنجازات فلسفة وفكرا بلا إنجاز أو تطبيق على أرض الواقع.
كيف ترى واقع المرأة السودانية بعد ستين عاماً من النضال ؟
الواقع الحالى سيىء فرغم ان تعليم البنات قد رسخ وصارت الطالبة منافسة للطالب فى كل مناحى الحياة العملية الا ان صدور قوانين عبر مداخل أيدلوجية كقانون النظام العام أو الزى الموحد للطالبات الجامعيات قوانين مجحفة ولا تعود بتطور حقيقى للمرأة السودانية. وعموماً أرى ان هناك إنحسار للنشاط النسوى الفاعل ومرد ذلك برأيى الى عدد من الأسباب على رأسها إستجابة حركة المرأة وإستسلامها للاستيعاب السياسى الحزبى وتجاهل القضايا النسوية وخصوصيتها ولذلك رغم وجود النساء فى العديد من المناصب العليا التنفيذية الا إن نسبة الأمية بين النساء لازالت أعلى من 80% !! والقيادات مسلوبة الإرادة بالكوابح السياسية وببريق السلطة ولذلك لاتتخذ موقفاً قوياً من قضايا المرض والجهل والفقر والقضايا التى تمس النساء بصورة مباشرة.
أرى أيضاً ان هناك تقصير فى بلورة أو قل سودنة مفهوم الجندر وتم طرحه بصورة غير عميقة مما سمح بتشويهه وبدأ كحركة ضد الرجال مما أفرز مناخ غير متعاطف مع الحركة النسوية من المجتمع التقليدى وبذلك تم نفى الرجل عن النشاط النسوى على عكس الماضى.
وكيف ترى المخرج؟
بتجاوز كل ما أسلفت من سلبيات. ولكن بالتأكيد هناك أمل فالأمل يرتبط بالمرأة وهى سر الحياة لذلك لايمكن التفكير بتشاؤم فى أمر يخصها مهما كان الواقع مظلم.
طرحت حريات على عدد من الناشطات سؤال حول كيف ترين الواقع بعد ستين عام من النضال النسوي الطويل؟
الأستاذة عائشة موسى:
أرى الواقع النسوي كما يرى الطبيب النفسي مريضه بالشيزوفرانيا! حققت النساء نجاحاً يستحق ان يُحتفى به في ارتياد جميع المجالات في العمل.. وأمامي احصائية بهيجة للأعداد التي حصلت على المؤهلات الأكاديمية والمهنية والفنية الفوق العليا! فيالها من امرأة هذه السودانية! أراها في ذات الوقت حتى وهي في مركز صُنع القرار تنصاع للرأي الآخر ! تنصاع للسياسة قبل المنطِق، وقبل المصلحة العامة لمن تصنع عنهم القرار. وأحسبها، أعني المرأة في المناصب العُليا، إما انها حريصة على درجاتها الوظيفية والعلمية، أو ان تيار اللعبة السياسية للحصول على السيادة غسل مُخها فهي لا ترى الا سيدها في الحزب أو الجهة التي بوّأتها المنصب. والمرأة الأخرى التي لا تنشغل بوظيفتها ولا حزبها مشغولة بنفسها وجمالها والعناية بالشعر والبشرة وتعليم البنات الرقيص تحسُّباً لزواج مُباغِت… الخ ولا تهتم بما يحدث حولها.أرى صورة مزدوجة تُبرِز امرأة ضعيفة مهزوزة الشخصية ضحلة الثقافة أخاف علىها وعلى عيالها منها…أرى أقلية مثالية استطاعت ان توفق بين الجبهات المتعددة تحمل العبء الثقيل وتواجه كل الأغلاط المجتمعية بالرفض ومحاولة التصحيح لذلك فهي مُستهدفة من حَرَسَة النظام الذي بدا يظهر لي وكأنه صيغ ليقمع النساء ويكسِّر مقاديفهن! بل مُستهدفة من الجميع وحتى الذين يصفقون لها لا يقدموا سوى الصفيق! أو ان نظري ضعيف من الكِبَرْ؟
الأستاذة إنتصار العقلى:
بعد 60 عاماً من مسيرة المرأة السودانية ونضالات وجهد مبذول فى العمل العام بمجالاته المختلفة وولوج المرأة للعمل السياسى والمشاركة فى الحركة الوطنية من أجل الإستقلال البلاد ونجاح فى العمل الخيرى والتعليم . أجد الان هموم وتعب وفاقد تربوى وتسرب من المدارس وتفكك أسرى أدى لتشرد فتيات ولم يكن مجتمعنا يعرف مثل هذه الظواهر. دخلت المرأة البرلمان فيما تفتقد نساء كثيرات فرص العلاج .
بعد 60 عاماً أرى جرح عميق بفقد أخوات وصديقات ذهبن جنوباً ولقد كنت طالبة دراسات مجتمع فى جامعة جوبا وعرفت خلال فترتى الدراسية أخوة وأخوات يحز فى قلبى الا يضمنا وطن واحد.
تمت كثير من عمليات نشر لثقافة السلام عبر الاعلام وقاعات الدرس التدريبية ولكن لازال صوت الحرب يعلو لقد عجزنا عن استتباب الأمن والسلام.
لم نستطع كنساء نعمل فى العمل العام ان نقوم بالدور الممكن للتصدى للإبادة الجماعية العنصرية التى يقوم بها النظام لإحتواء ومساندة النازحات وتعاظم الخراب.
وبعد 60 عاماً على الحركة النسوية يجب ان تعى دورها وتجتمع وتصطف من أجل سودان ديمقراطى موحد.
د. احسان فقيرى:
الواقع الحالى النسوى هو حالة ردة سببتها حكومة شمولية متدثرة بالدين مما قلل فرص المشاركة النسوية بل وصل حد لإمتهان المرأة انه تم عبر قوانين تحديد زيها ومكان تواجدها بل حتى مشيتها فقانون النظام العام يجعل من المنفذ الحكم على سلوك اى امرأة بالطريق ليتم القبض عليها بحجة التواجد بمكان مشبوه وقد يكون شارع النيل فلا أحد يفهم المعايير التى يتم بها تحديد الزى الخليع أو السلوك الجارح ولا الأماكن المشبوهة فالقد صمم القانون ليحد من حركة ونشاط النساء لذا فهو فضفاض بمايكفى لترويعهن فقط.
الحركة النسوية عاجزة كغيرها من التنظيمات التى يتضاءل نشاطها فى عهد الديكتاتوريات لان الأنظمة القمعية تستهدف التنظيمات عموماً والتنظيمات النسوية على وجه الخصوص فمنذ عبود ومروراً بنميرى وحالياً الإنقاذ فإن أول ماتقوم به الحكومات الديكتاتورية مصادرة مقر ومؤسسات الإتحاد النسائى .
الحكومة الحالية عدا مصادرتها للديمقراطية فإنها قد أتاحت للفكر السلفى والفتاوى الظلامية المنابر الاعلامية فتم التلاعب بالعواطف الدينية بصورة سلفية وأدى ذلك لتراجع الحركة النسائية وسط العامة. وبذات الوقت ويتم دعم هذا التفكير السلفى نصوص قانونية مستمدة منه لتصبح حدود سلطاته ليس على العواطف بل على الحياة العملية.
بعد 60 عاماً من النضال لأجل حقوق المرأة المتساوية وحق النساء فى المشاركة أرى ان عنوان الردة على هذه السنوات الطوال هو إستشهاد “نادية صابون” وهى تسقط بين أقدام عساكر الكشة .
تغطية إحتفال الذكرى الستين لتأسيس الإتحاد النسائى السودانى
وسط حضور نسائى كبير إحتفل الإتحاد النسائى مساء الأمس بالذكرى الستين لتأسيسه وذلك فى بيت الفنون بمدينة بحرى وقد كان لافتاً للنظر الحضور المتنوع من حيث الأعمار والمجالات حيث جلست بالصف الأول الرائدة واحدى مؤسسات الإتحاد النسائى الأستاذة نفيسة المليك . وتقدم الإتحاد بكلمة عبر رئيسته الأستاذة عديلة الزئبق .كما تواجدت الفنانة أم بلينا السنوسى والأستاذة فاطمة عطية والدراميات بلقيس عوض ومنى عبدالرحيم وعدد غفير من القياديات والناشطات. ولقد وقفت بالمعرض الذى يسرد تاريخ الحركة النسوية شابات يافعات يعلن عن إستمرارية الإتحاد النسائى، ومثل الحضور كان البرنامج غنياً ومترعاً بهموم المرأة حيث سردت شابة من جنوب كردفان لحظات الرعب التى عاشتها أثناء قصف قريتها فأدمعت القلوب وهى تذكر الفظائع التى تعرضت لها قريتها وعززت الآمال بصمود النساء وهى تسرد كيف ان النساء رغم ان بعضهن حوامل كن يجعلن من كل مخبأ منزل للحنان والإهتمام بأطفال توفيت والداتهن بالطريق.
كما تحدثت مندوبة لنساء المناصير وسردت الظلم الكبير الذى حاق بمواطنى المناصير وكل المتأثرين بقيام السدود وكيف تضررت النساء على وجه الخصوص وختمت قولها بأنهن كنساء مناصير سيظللن مدافعات عن حق أطفالهن فى مستقبل مشرق وانه مهما كثر الظلم فإرادة المظلومين أقوى وأنهم بإذن الله منصورين.
كما قام الإتحاد النسائى بتكريم عدداً من القيادات الوطنية والنسوية أسهمت فى دعم مسيرة الإتحاد على رأسها الأستاذ الصحفى محجوب محمد صالح والأستاذ الشاعر محجوب شريف والأستاذة الراحلة عزيزة مكى.
وإحتوى البرنامج على عدد من الفقرات الإبداعية حيث تغنى كورال الإتحاد والفنان علاء السنهورى والفنانة مى محجوب شريف. وقدمت الدراميتين بلقيس عوض مسرحية شخص واحد قصيرة من تأليف الاستاذة بخيتة أمين وتناقش الهوس الشعبى بتفضيل الذكور كما قدمت الأستاذة منى عبد الرحيم مقطع شعرى مؤثر ختمته ب:
لمتين صباى مكتوف
أدونا فرصة نشوف
نشوف أحلامنا فى جرة قلم مسنون
فترنا ..صبرنا عشان نحنا نساء من نور
وفى إتصال هاتفى حيت الرائدة محاسن عبد العال الحضور بكلمات نافحات للصمود والنضال كما كانت هناك “ونسات” قصيرات مع الحضور فى مقاعدهن كان يجريها الدرامى طارق الأمين والأستاذة حنان حيث دردش الحضور مع الرائدة أم بلينا السنوسى والاستاذة فاطمة عطية وعدد من الرائدات.
وأختتم البرنامج بعديلة من تأليف الأستاذ محجوب شريف وألحان الأستاذ شمت محمد نور وغناء الأستاذة مى محجوب ووسط “عرضة الرجال الحضور والزغاريد صدحت كلمات الأغنية تقول:
ياعديلة يابيضا
عريسا جيدا جيت
ماقلنا جبت وجيب
عروسنا مابتتباع العزة توبا قشيب
بين الأهل والناس فرح الشباب والشيب.
جانب من كلمة الإتحاد النسائى والتى قدمتها الأستاذة عديلة الزيبق:
التحية لكم ونحن نقف على أرث فاق عمره نصف قرن من الزمان التحية لنساء السودان وهن يضربن أروع الأمثال للصمود والتضحية ونخص ذلك الجيل الذى مهد لنا هذا التحية لنساء دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وهن يقاومن أقسى أنواع القهر وأبشع الإنتهاكات، التحية للطالبات الصامدات وهن يعانين الأمرين من ظروف تحصيل غاية السوء وانتهاكات لاتعرف الحرمات، التحية لجماهير المناصير وهم يقبضون على قضيتهم العادلة التحية للنساء فى كل الميادين والمجالات وربات الأسر، التحية لكل جماهير الشعب السودانى التحية لكم أيها الحضور النبيل. كما لايفوتنى أن أحيى على البعد الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم التى نذرت نفسها من أجل أبناء هذا البلد والنساء والأطفال على وجه الخصوص.
نلتقى اليوم لنحى ذكرى تاريخ حفر ساسه ذلك الجيل من رائدات الحركة النسائية ووضع لبناته الأولى التى بقيت كالجبل الأشم لم تذهب بها عوامل التعرية أو تذروها الأعاصير. لقد استطاعت تلكم النساء المثابرات أن يحطمن قيود العادات والتقاليد التى نحسبها أقوى وأرسخ من القوانين والقرارات التى تفرضها الأنظمة، ليخرجن بعد أن تسلحن بوعى وإرادة ليشعلن لنا منارات سرنا ونسير وتسير على هديها الأجيال من بعدنا.
نلتقى اليوم لابصدد الوقوف على الأطلال والتباكى على الماضى وإنما نستلهم تلك العبر ونسبر أغوار الماضى لننطلق إلى فضاءات أرحب نحو المستقبل وقبل ذلك لابد لنا من وقفة متأنية فى حاضرنا بعد مسيرة ستين عاماً لنقف على ما آل إليه وضع المرأة اليوم.
إن التاريخ ليشهد إن نضالات المرأة السودانية لم تتوقف بل تعددت أشكالها وتنوعت منابرها لم تضعف الشدائد همتها ولم تلن عزيمتها بل قويت شكيمتها بعون من ساند قضيتها من أحزاب ونقابات وتنظيمات وأفراد وبما جابهت من تحديات تمثلت فى التراجع الذى حدث فى كثير من المكاسب التى حققتها وانتهاكات صارخة لحقوقها واستهداف كاد أن يرجع بها الى المربع الأول. فرغم خروج المرأة الكاسح للعمل والذى فرض نفسه إما بوعى النساء بحقهن فى العمل وإعتراف المجتمع أو للأسباب الإقتصادية التى قلبت الكثير من الموازين السائدة حيث خرج الجميع يلهث وراء لقمة العيش .
كما تحدثت عن فرص التعليم التى فتحت أمام النساء ومحصلتها قبض الريح فبلغت نسبة القبول فى المدار س للبنات 62% مقابل 73% للأولاد ووصلت الأمية وسط النساء الى 52% .
وتحدثت عن مجال الصحة وواقع المرأة البائس بها حيث صار معدل الوفيات الأعلى فى العالم. كما أسهبت فى الحديث حول تلوث المياه وشظف المعيشة ومعاناة المرأة الريفية، والإنتهاكات الفظيعة التى تتعرض لها النساء فى مناطق الحروبات والإغتصابات .
كما ركزت على الفجوة الكبيرة فى مجال الحقوق والبون الشاسع بين النظرية والتطبيق والقوانين المختلفة التى تميز النساء كقانون الأحوال الشخصية والأراضى والجنائى والمادة 152 منه .
وإختتمت حديثها بأنه لامناص لحركة نسوية فاعلة دون دستور مدنى ديمقراطى يراعى الحقوق ويسد الفجوات العرقية والنوعية والطبقية والدينية . ومن هذا المنطلق دعت النساء فى تنظيماتهن المختلفة للإتفاق على إستراتيجية تلبى كل إحتياجات المرأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.