إفادات جريئة واتهامات عديدة ، واعترافات أدلى بها وزير الدولة برئاسة الجمهورية د.أمين حسن عمر، وسفير السودان لدى دولة جنوب السودان د.مطرف صديق شملت معظم قضايا الساحة السياسية والاقتصادية وذلك فى ندوة نظمها الإتحاد الوطني للشباب السوداني بقاعة الصداقة حملت عنوان «حوار الشباب مع قيادات الحكومة والحزب الحاكم» فى مكاشفة علنية تناولت الإخفاقات التى أقعدت بالسودان وكبلت خطواته فى سلم الترقى، بالإضافة الى العلاقة الشائكة مع دولة جنوب السودان وملف الفساد وضعف الإنتاج و»كنكشة» السياسيين فى مقاعد الحكم لسنين طويلة دون إتاحة الفرصة للشباب للاطلاع بدورهم. فى بداية الحوار تحدث امين بلغة فلسفية هادئة لخص فيها مشاكل البلاد فى كبسولات قصيرة دعا من خلالها الجيل الحالى الى التغيير وتجاوز عقليات الماضى التى فشلت فى إدارة البلاد بالصورة المثلى، وقال امين «انا ضد هذا الوضع وضد شيخوخة السياسة والسياسات فى السودان وعلينا ان نأتى بجيل جديد نفتح له الفرصة، خاصة وان الأجيال القديمة نشأت على التعصب الحزبي والآيديولوجى وعلى ذاتية مطلقة عكس شباب اليوم الذى يعد اكثر انفتاحاً على الآخرين والتواصل مع الغير.» بينما شدد سفير السودان لدى دولة جنوب السودان مطرف صديق وفى بداية كلمته على ضرورة خلق علاقات طيبة وجوار آمن مع الدولة الوليدة وأقر فى الوقت ذاته بإخفاق الحكومة والتى قال انها عالجت عدداً من القضايا العالقة بصورة عاطفية كان من الأجدى تسويتها قبل الانفصال، هذا قبيل ان يشير الى ان الغاية من انفصال الجنوب لم تتحقق لتتضافر عدد من العوامل وان الحكومة تتحمل جزء منها، واضاف «علينا ان لانرمى اللوم على الاطراف الأخرى وان نراجع انفسنا، و»نحن لا نمتلك شجاعة الاعتراف بأخطائنا وهى اولى خطوات التصحيح» ، وقال مطرف «لم نتبع الاسلوب الصحيح وكثير من القضايا عالجناها بعاطفة اكثر من العقل فى الحدود والامن والاقتصاد وان سعينا لمعالجتها فى اتفاقيات اديس ابابا الأخيرة»، ودعا صديق لضرورة إعمار العلاقة مع دولة جنوب السودان خاصة وان هناك روابط قوية تجمع بين الشعبين ، ونوه الى ان شعب الجنوب حزن لخروج الهلال والمريخ من الكونفدرالية وبكى على رحيل وردى» وأضاف « الفنانة حنان بلوبلو هيجت الحضور فى زواج بنت سلفاكير اكثر من مغنيي الدول الأخرى»، واكد مطرف بأن السودان لديه المساحة الكاملة لإغتنام هذه الفرص لترجيح كفة العلاقات مع دولة جنوب السودان اذا لم يتعامل بردود الأفعال، وشن السفير هجوماً عنيفاً على بعض الاصوات التى وصفها بالعنصرية والشاذة وقال انها تتعامل بصورة عاطفية بعيدة عن المنطق تضر بمصالح البلدين بزرع الكراهية والأحقاد واضاف «لا اريد ان اسمى جهة بعينها ولكن اللبيب بالإشارة يفهم»، وزاد « من يتمنى الحرب كذاب وان نعمة الامان لا يعرفها الا من فقدها». وعاد وزير الدولة برئاسة الجمهورية امين حسن عمر الى المنصة بلغة مختلفة عن التى بدأ بعد توجيه الشباب عدداً من الأسئلة اللاذعة فيما يختص بموضوع الفساد وفشل الحكومة فى ادارة ازمات البلاد وتمدد المعارضة وعلو صوتها ومجاهرتها بإسقاط الحكومة، وفى ردوده وجه عمر سيلاً من الإتهامات لأحزاب التجمع الوطنى بتعاونها مع القوى المسلحة لاسقاط الحكومة واشار الى توقيعها لميثاق اسقاط الحكومة فى يوغندا وقال « ناس ابوعيسى كل يوم يخطبوا لتغيير النظام بالقوة وان لم يقولوها صراحة» واضاف «ابو عيسى وامثال ابوعيسى يراهنون على المجموعات الحاملة للسلاح بالتحريض والضغوط الدولية لاسقاط الحكومة بإستصغار عقلية الشعب السودانى» وقال ان الحكومة لن تسقط بأمانى المعارضة والضغوط الدولية الا بإهتزاز ثقتها فى ضمير الشعب السودانى، وبلغة صاحبها الكثير من الإنفعال قال «لا ارى فى الساحة السودانية افضل منا، واذا كانت الحكومة سيئة لا نجد من هو اقل سؤاً منها»، وفى سياق متصل دافع امين عن قضية الفساد ووصف من يرجون لها بهذا الحجم بأصحاب الأجندة السياسية، وقال «هؤلاء يتحدثون عن الفساد من باب الهجاء السياسى ولكنا لانقول انه غير موجود»، واضاف «موهوم من يفترض ان مفوضية الفساد تستطيع محاربته وعلينا تقوية البنية التشريعية»، وفى ذات الطلعات الهجومية انتقد عمر منظمات المجتمع المدنى ودمغها بالضعف والترهل وقال «ان مجتمعنا المدنى ضعيف جدا» واوضح ان السودان اذا انعدم فيه التضامن الأهلى الحالى لوصل الى مراحل بعض الدول الافريقية والتى قال ان مواردها اكبر من السودان ومع ذلك تصدر المتسولين، وشدد امين على ان الحكومة في حاجة الى اصلاح تشريعى ومراجعة نظم التمويل لمعالجة وضع منظمات المجتمع المدنى وقال «اننا نؤمن ان المجتمع الفعال هو الذى يبنى الدولة، وليس الدولة التى تبنى المجتمع»، وعلى طريقة شهد شاهد من اهلها قال امين «لكن نظامنا السياسى قائم على سقاية الشجرة من الفروع وليس من الساق». وفى الجانب الاقتصادى شن عمر هجوماً عنيفاً على العقلية الإقتصادية التى تدار بها الدولة وقال «ان الإقتصاد الريعى لن يحل مشاكل البلاد وهؤلاء يعتقدون ان اكتشاف بئر بترول جديدة سيحل ازمات الاقتصاد»، واوضح ان السبب الحقيقى يتمثل فى ضعف الإنتاج، واشار الى ان السودان مساحته الحالية تصل الى مليون والف كيلو متر» ولكن بلا انتاج وقال «دولة لبنان مساحتها عشرة الف كيلو متر وتنتج غذاء اضعاف ما تنتجه البلاد بأكثر من سبع وعشرين ضعفاً» وارجع السبب الى المناهج التعليمية التى خلقت من عقلية الانسان السودانى نموذجاً اكثر تطلعاً ولكن لم تعلمه كيف ينتج واضاف « ألا نستحى ماذا فعلنا حتى نرتقى بقدرات المزارع».وفى جانب العلاقة مع دولة جنوب السودان قال عمر ان الحكومة تدرك اهمية هذه العلاقة وان الإعتناء بها مهم، واشار الى ان بعض القيادات الجنوبية مازالت تتعامل بعقلية الغابة وقال «نريد ان يتركوا هذه الثقافة وان يعودوا الى عقلية الغرفة التجارية والمصالح المشتركة».