لحتى متى تظل تكابر وتغالط...؟!! وكما ترى فهذا شيء لا يمكن دسدسته واخفاؤه عن الآخرين، فالامر امر زمن ليس إلا فعليك معالجته قبل الذيوع والاستفحال.. فمثل هذا السر يذيع نفسه بنفسه.. ومن ثم يتلقفه الناس، فيسري كما النار في الغباش.. ألا ترى تلك الضحكات المسترقة، والهمسات الهامسة والنظرات الفاحصة؟!! لا بد انهم الآن يدركون.. ولا بد انهم يعلمون. ولا بد أنهم يحللون ويدرسون.. وانت تعتقد انك في مأمن من تقولاتهم. لا عليك لست اولهم ولن تكون آخرهم.. هذه سنة الكون.. فهل في مقدورك تغيير السنن والنواميس...؟!! تخلق الأجنة في بطون أمهاتها خلقاً من بعد خلق.. ألم يقل الكتاب العظيم .. وخلقناكم أطواراً.. ومنكم من يتوفى.. ومنكم... اذن ينكشف المستور.. ان كانت تحمله البطون او سيبين في العيون.. نعم سيكون الأمر بالنسبة لك موجعاً.. لكنك ايها المولع بالتراث.. أما سمعتها تلك الاغنية النبوة (ما دوامة؟!) نعم نعم (الشتيل) ذلك همك الذي يدير رأسك.. الفسيل والعرجون واللينة المتروكة قائمة على اصولها.. الغزالة والجيد الأتلع ذاك الطويل مهوى القرط .. وسباحتك الدائمة بين الرصافة والجسر.. والكرسي الوثير.. والمنصب الخطير، والمجموعة الواقفة على برازخ الانتظار .. وخدينك الجارح حين يحدثك عن (أم جركم) تلك التي لا تأكل خريفين!! نعم خريف الرتوع وليّ إلى غير رجعة.. الإسراف.. الشرة.. الإكثار.. الاستغراق.. مفردات صارت تقفز إلى مخيلتك معاتبة لك.. بزعم انك فارقت الاعتدل والتوسط، وركبت موجة المغالاة والتمادي فها هي المحصلة. وهل نسيت ما قاله لك الطبيب ذات مرة من ان الاثر الوراثي يشكل حضوره حتى ولو تباعدت الاجيال؟! والآن ماذا يساوي الإنسان وهو يفقد أهم حاسة وأخص خصيصة؟!! الماء الأبيض.. الماء الأزرق.. ام هي الشبكية أم هي القرنية.. آه ليس لك كتف تتوكأ عليها.. لقد تخبطت بما فيه الكفاية (إن النظارة السوداء ما هي إلا قناع).. انظر ماذا ترى سوى الدهم السوداء والحلكة الضاربة أطنابها؟! وقديماً قالت الزرقاء إنها ترى شجراً يتحرك فسفهتم قولها؟!! فماذا انت راءٍ؟! ألا ترى شجراً يتحرك؟! او أجحة كثيفة؟!! الا ترى زروعاً ورماناً ونخيلاً؟! الا ترى خريفاً للغضب ؟! او ربيعاً للفرح؟! آه إنه يونس والبحر.. والليل المسدل.. والجنادل العائقة.. وأنت الآن على حافة الخطر تماماً.. وينبثق الموقف في خاطرك.. حيث السحب الماطرة .. والأرض المخضرة الزاهية.. وانتم زغب الحواصل.. والطين اللازب.. والاتراب الوالغين في الطين والتراب.. والشراك المنصوبة المفخخة.. والعصافير الجميلة الملونة. يطلقون عليها الأسماء الدالة.. فهذا قدوم أحمر، وذاك قدوم أصفر.. فالجوخة وعشوشة.. وذاك المقيم.. الذي لا يريم ود أبرق !! اما المك.. ذاك العليه الرك .. ماذا فعلت به من أفاعيل حين قبضته؟! نزعت عنه فروة رأسه فسلختها.. كما يسلخ سادي فروة آدمي متمرد، وغطيت بها بصره.. اسدلتها تماما على عينيه فلم يعد المك من المبصرين.. ومن ثم أطلقته ليطير.. وصرتم تموتون بالضحك وهو يطير الى غير ما اتجاه او جهة.. ويتخبط في عمهه المدلهم. يقول أحمد الكناني ستنبسط قبائل الطير وهي ترانا نلعب بمكها.. فهي الآن ناظرة له وهو واقع في شر اعماله.. ان السلخ بالسلخ فكم سلخ.. وان الجزاء من جنس العمل، فلينل ما يستحق!! يتحدث الجاك سليمان عن عزيز قوم ذُلَّ! وتقول آمنة.. دخلت امرأة النار في هرة.. ويقول مردس إن الطيور على اشكالها تقع... ويقول ابو السيد وهو يضحك رفرفي رفرفي .. يا طيور السلام.. والآن ها هو بعد أن تعب من الطيران غير المنتج وغير المفضي الى موقع .. وبعد ان اصطدم بالاجسام السابحة .. والاسلاك العارضة.. والاعمدة القائمة .. ها هو يقف الآن منهك القوى.. هامد البدن.. يقف وهو لا يدري إنه على حافة الخطر.. بل على حافة بئر السايفون العميقة والمحفورة حديثاً.. وإمعاناً في السادية ها أنت قد زجرته بحجر فانزلق ليهوى في عمقها أربعين خريفاً.. وما زال يتدحرج ويتردى في ظلمتها!! والآن راجع تاريخك.. وقف على ما فعلت.. وأنت على الحافة في عمهك المدلهم.. توشك على الانزلاق والتردي.. إذ لم يبقَ إلا ثمة حجر!!