لدى افتتاحه مؤتمر (الدعم العلمى لتعزيز التحقيقات والعدالة الجنائية ) دعا السيد الحاج آدم نائب رئيس الجمهورية الى مراجعة التشريعات المتعلقة بالاداء الجنائى و التحقيقات، واعتبر استخدام كاميرات المراقبة و التنصت التقنى امراً مساعداً فى التحقيقات والادلة الجنائية مستدلاً بأن الكثير من الجرائم فى اروبا فكت طلاسمها عبر الكاميرات المنصوبة فى الطرقات ، فهو اذن يوجه بالتنصت على المواطنين بهدف المساعدة على كشف الجرائم ، وهى دعوة مخالفة للدستور و القانون حيث تنص المادة (37) من الدستور الانتقالى لسنة 2005 م (لا يجوز انتهاك خصوصية أي شخص، ولا يجوز التدخل في الحياة الخاصة أو الأسرية لأي شخص في مسكنه أو في مراسلاته، إلا وفقاً للقانون ) و ذهبت المادة 27 (2) الى التأكيد على حماية الدولة لحق الخصوصية ( تحمي الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها.) و اوردت المادة نفسها فى الفقرة (4) بأن تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة فى هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها. وبذلك لا مجال لاصدار تشريع ينتقص من الخصوصية فى وجود الدستور الانتقالى لسنة 2005 م ، و لامجال للاعتقاد بأن اى دستور آخر يتم التوافق عليه يمكن ان يحتوى على اى مواد تنتهك هذا الحق ، لا سيما ان السودان ملزم بنص هذا الدستور و الاتفاقيات الدولية التى وقع عليها بعدم المساس بهذه الحريات حيث تقرأ الفقرة (3) تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءً لا يتجزأ من هذه الوثيقة. و هذه الدعوة لاصدار مثل هذا التشريع تتعارض مع الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية و تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التى التزم بها السودان و فى مقدمتها العهد الدولى لحقوق الانسان واهداف الالفية ، و هو امر لا يستدعى احداث تشريع ، فالبينة المسجلة لم تكن فى تاريخ القضاء فى السودان لوحدها سبباً كافياً لادانة اى منتهك للقانون او متهم ، وذلك لشبهة تعرضها للحذف اوالاضافة وهو ما يطعن فى صحتها و بالذات فى المادة (166) من القانون الجنائى السودانى لسنة 1990 م التى تنص على ان - من ينتهك خصوصية شخص بأن يطلع عليه في بيته دون اذنه او يقوم دون (وجه مشروع ) بالتنصت عليه او بالاطلاع على رسائله او اسراره ، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ستة اشهر او بالغرامة او بالعقوبتين معا .وهو نص سابق للدستور الانتقالى لسنة 2005 م ، كما ان قانون الامن الوطنى وان كان قد اعطى الجهاز اختصاص جمع المعلومات حسب المادة (24) الفقرات (ب وج ) الا انه لم يحدد الكيفية التى يتم عن طريقها جمع هذه المعلومات و ما اذا كان التنصت من بينها ام لا ،الا ان القانون استدرك فى الفقرة ( ط) الا يتعارض هذا الاختصاص مع الدستور ، و ابانت المادة (25 ) ان الجهاز يمارس هذا الاختصاص بعد الاطلاع على وثيقة الحقوق الواردة فى الدستور ، و تاسيساً على ذلك فإن دعوة السيد نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم لتكوين فريق عمل بغرض استحداث تشريع لتقنين التنصت غير ممكنة لتعارضها مع الدستور الانتقالى لسنة 2005 م ، المعروف ان بعض الاجهزة عند سعيها لجلب المعلومات لا تكترث للتشريعات التى تمنعها من استخدام اساليب بعينها و من ضمنها التنصت ، اما استخدام كاميرات المراقبة فى الشوارع وهى اماكن عامة و رغم ان اباحتها او منعها لم ترد فى اى قانون سارى الا ان الجدل حول فعاليتها يكون مثار شك ؟، كذلك فإن استخدام الحمض النووى (DNA) لا يعتبر وحده بينة كافية للادانة بالرغم من ان البعض من القائمين على امر العدالة يضعه فى مرتبة (القرينة) التى تحتاج الى بينة اخرى لاثباتها و بالذات فى جرائم السرقة والقتل و الاغتصاب ، ومن بعد ذلك يترك الامر لتقدير الاجهزة العدلية لتقييم البينات المسجلة او الظرفية و ما اذا كانت البينة قد تم الحصول عليها بوسائل يقرها القانون ، وهى تماماً بعيدة عن روح الدين و مقاصد الشريعة ، هذه الرغبة الملحة فى ايجاد تشريع لتقنين التنصت قانونياً انما يرمى الى التضييق على الحريات لا المجرمين و فى حالة حدوثه سيشيع التنصت على المعارضة لا الفاسدين و مخربى الاقتصاد ، اننا ندعو من يهمه الامر الى استخدام القانون والاساليب التقنية الحديثة للايقاع بمن يسيئون استخدام السلطة و للكشف عن الذين يغشون و يستوردون الاغذية الفاسدة و المبيدات و الاسمدة المشعة ، و لضبط الذين عناهم و حددهم تقرير المراجع العام ، اما التضييق على المعارضة فإنه لن يقود الا لتشددها.