خبأ بريق وثيقة الفجر الجديد من صدر الأحداث في الأيام الماضية الا أن تداعياتها لم تزل مستمرة وحراكها لم يتوقف حيث نظم المركز السوداني للخدمات الصحفية في منبره الدوري ندوة حملت عنوان « تداعيات وتأثير وثيقة الفجر الجديد على الأوضاع السياسية» في البلاد تناولت عددا من المحاور بالاضافة الي الجانب القانوني ومحاسبة الأحزاب الموقعة على الوثيقة حال ثبت تورطها. في بداية الندوة تحدثت رئيسة اللجنة القانونية بالمجلس الوطني بدرية سليمان عن ماهية وثيقة الفجر الجديد وطبيعتها وعلاقة أحزاب التجمع الوطني بها، وقالت ان ميثاق الفجر الجديد هو الاتفاق بين الجبهة الثورية مع قوى الاجماع الوطني، في مشروع قوامه مجموعة من القوى تحمل السلاح ضد السودان، وقطعت أن الوثيقة مهدد حقيقي للأمن الوطني بغرض اسقاط النظام، وهو ما يخالف وثيقة البديل الديموقراطى التي تتحدث عنها قوى المعارضة وعن طبيعة التغيير السلمي الديموقراطي، وقالت علينا أن نفرق بين عبارتي «التغيير والاسقاط»، وذكرت ان المجموعة الموقعة على الوثيقة بما فيها أحزاب المعارضة وقعت على العمل المسلح وان تعمل هذه القوى على اسقاط النظام ولذلك نجدها جمعت العمل المسلح مع السلمي في مشروع في النهاية يؤدى الى اسقاط النظام وهو في نهاية الأمر اتفاق جنائي، يتمثل فى الاتفاق على الفعل وان تعمل كل مجموعة على حِده مع احتفاظ كل قوة بوسائلها، وأكدت ان قوى الاجماع متفقة مع الجبهة الثورية على خيار العمل المسلح وان «عبارة اسقاط النظام في التكييف القانوني هى اتفاق جنائي»، بحسابات أن الوسائل الواردة فى الوثيقة تقول ان هناك مشروعا اجراميا مخالفا للدستور الذي ينُص على ان اي تحول ينبغي ان يكون ويتم عبر الوسائل السلمية وهى الانتخابات المتعارف عليها، وسخرت بدرية من الوثيقة ، وشددت على ان الوطنى لايحكم وحده وهناك مجموعة من الأحزاب تشاركه في الحكومة التي أتت عبر انتخابات حرة ونزيهة، بشهادة المراقبين الدوليين، وتساءلت بدرية هل اسقاط النظام بهذه الطريقة يحل مشاكل السودان بالنضال المسلح وقيادة عمل داخلي سلمى بالضغط على الحكومة بالتزامن مع العمل المسلح كما جاء فى الوثيقة، وقالت ان الحقوق الأساسية للانسان والحريات التي يتحدث عنها هؤلاء موجودة في دستور 2005، ووجهت نقدا لاذعا لما جاء فى ميثاق الفجر الجديد وعلمانية الدولة وفصل الدين عن الدولة واقرار مبدأ الوحدة الطوعية لجميع أقاليم السودان، وقالت نعتقد تماماً ان الوثيقة بهذه المكونات التي جاءت فيها خطرة على الأمن القومي السوداني وان الأحزاب التي وقعت عليها ستخضع للمحاسبة الجنائية خاصة وان التعاون مع دولة معادية مثل يوغندا التي تصنف في خانة العدو بالاضافة الي تقويض النظام الدستورى كلها جرائم تصنف ضد الدولة ما يستدعى المحاسبة. وقال القيادي بحزب الأمة التيار العام محمد عيسى عليو ،ان وثيقة الفجر الجديد التي عرفت بميثاق كمبالا طبيعية جدا في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، وأوضح أن هذه الظروف ليست قاصره على القوى السياسية المعارضة والحركات المسلحة بل تشمل الخلافات في الحزب الحاكم نفسه والانشقاقات في الحركة الاسلامية وفصل دولة جنوب السودان ، وأضاف الوثيقة ليست مستغربة نتيجة لتعقيد الأوضاع في السودان ، الى انه أشار الى الخلافات الكبيرة بين الأجسام التي قال إنها وقعت وانسحبت، وانسحبت ووقعت ، ما يؤشر الي وجود خلاف كبير بين القوى السياسية والمسلحة الموجودة في الداخل والخارج، وأشار الي ان هذا الواقع يجب ان ينبه الحكومة الى حقيقة الأوضاع في البلاد ومعالجتها بصورة جذرية، وأشار الى عدم تماسك الوثيقة ومخاوف قادة الحركات المسلحة من القوى السياسية نفسها وأن يتم اقصاؤها في حال استيلائها على الحكم بصوره لا تتوافق مع طموحاتها، واوضح ان الوثيقة بها كثير من الغموض وتحتاج الى تفسير فى عدد من المحاور خاصة جانب فصل المؤسسات الدينية ما ذهب بالحكومة ان تجزم بان هذه الوثيقة علمانية بحته ويجب بترها. وذكر عليو ان أربع سنين لتحديد الفترة الانتقالية طبيعية جدا لاستقرار البلاد، وقال ان اى حديث عن فترة انتقالية تقل عن اربع سنين غير مجدية ويجب فيها المساواة بين جميع الأحزاب الا انه رأي أن المؤتمر الدستوري ليس من الجيد عقده خلال الفترة الانتقالية، وقال ان هذا الاجراء ينبغي ان تقوم به القوى المنتخبة من الشعب، وقال علي وان قضية النيل الأزرق وجبال النوبة، مرجعيتها للأسف الشديد اتفاقية السلام والبرتوكولات التى افرزتها، وانه لابد لهذه الأقاليم في التسويات من تمييز ايجابي. وانتقد عليو ماجاء فى الوثيقة فى جانب حل القوات المسلحة، وقال نحن ضد حل القوات المسلحة وحل جهاز الأمن ولكنا مع حل الدفاع الشعبي تماما لانه جزء من سبب الأزمة فى البلاد، واشار الى ان الوثيقة تحدثت عن محاكمات وطنية ودولية، وقال لا نؤيد المحاكمات الدولية ونقول إن المحاكم الوطنية هي أنجع السبل في هذه القضية، وأعاب عليو على وثيقة الفجر الجديد طرحها لقضايا الزراعة والرعى في سطرين فقط وقال ان اغلب مشاكل ولايات السودان تتمثل فى الصراع فى الزراعة والرعى. وشن القيادي بالمؤتمر الدكتور ربيع عبدالعاطي هجوما لاذعاً على أحزاب المعارضة التي وقعت علي الوثيقة، وقال للأسف الشديد ذهب هؤلاء الى كمبالا للبحث عن الحريات الموجودة أصلاً والمتاحه لديهم ، وقال ان الذين وقعوا يمثلون أنفسهم ولا يمثلون الشعب السوداني ، ووصف الوثيقة بأنها في غاية الغرابة وان اغلب القوى السياسية أنكرتها واعتبرتها مسوده مرة يقولون إنها تصلح ومرة ينتقدونها من الألف للياء ودمغ مواقفهم بالرمادية، وقال ان أحزاب المعارضة مختلفة فيما بينها ناهيك عن اختلافها مع الحركات المسلحة، وان الذى يجمع الموقعين على هذه الوثيقة هو الطمع فى السلطة وتوزيعها فيما بينهم، واضاف لا نجد أى مبرر يدعو تبنى الفجر الجديد بحجة الأوضاع الداخلية خاصة وأنها لا تحتوى على وجهة نظر ايجابية على الاطلاق بحديثها عن فصل الدين عن الدولة وحل الجهاز القضائي والقوات المسلحة والأمن، وقال عبد العاطى ان الأحزاب التي تنصلت عن الوثيقة لجأت الي كمبلا لأنها تشعر بالضعف السياسي والهزيمة الداخلية والطمع فى السلطة، وأوضح أن الوثيقة مهدد حقيقي للأمن القومي باعتبارها نسخة جديدة من منفستو الحركة الشعبية الذى يستهدف تقسيم السودان وتفتيته وفصله الى دويلات وتفكيك القضاء والجيش وحتى الشرطة وفصل الشعب عن عقيدته ودينه وتاريخه، وقال هذه الوثيقة ينبغي اجتثاثها تماماً من الذين يفكرون فيها سراً وجهراً ، وأضاف «من يقول ان هناك محاسن للوثيقة فهو منهم». وعقب على المتحدثين الخبير الأمنى العميد حسن بيومى وأشار الى أن الوثيقة انطلقت من دولة معادية وفى العقل الأمنية تطرح تساؤلات مهمة «أين ومتى» وأشار الى ان مكان التوقيع فى دولة يوغندا يحمل دلالات غير جيده، وانتقد بيومي ما جاء في الوثيقة وهدمها للدولة ومؤسساتها «النظام السياسي والقضائي والقوات المسلحة والأمنية»، وقال اخشى ما اخشي أن تكون الوثيقة قد كتبت بأيادي أجنبية خاصة فى بنود الوحدة الطوعية للأقاليم، واشار الى ان هذه النقطة تحمل بذرة تفتيت الدولة بالاضافة الي حل الجيش والأمن مايترك فراغا كبيرا يهدد استقرار السودان ومن ثم تعم الفوضى، ونوه الى تجارب عدد من الدول تم فيها حل الجيش والأمن ،وقال ان النتائج كانت كارثية.