من المتوقع ان يسجل رئيس الجمهورية غدا زيارة لولاية البحر الاحمر يفتتح خلالها عدداً من المشروعات التنموية والخدمية بمحليتي بورتسودان وسنكات ، وتأتي الزيارة في وقت تشهد فيه الولاية الساحلية جملة من القضايا المعقدة والملفات الساخنة التي يأمل المواطنون ان تجد العناية من الرئيس. اكثر من خمسة ملفات ظلت تستحوز على اهتمام السكان بولاية البحر الاحمر ويأتي على رأسها مشروع مياه النيل الذي ظل يراوح مكانه دون تنفيذ على الارض برغم مضي سنوات على طرح عطاءاته وتحديد كلفته التي تبلغ 345 مليون دولار دفع منها المركز مقدم العقد البالغ خمسون مليون دولار،وكان الرئيس خلال تدشينه لحملته الانتخابية باستاد بورتسودان عام 2010 قد اقر بان هناك ازمة حقيقية في مياه الشرب بولاية البحر الاحمر ،وعلى اثرها شهدت الفترة الماضية ازمة مكتومة بين والي الولاية ووزير المالية الاتحادي الا ان سحبها انقشعت بتحرير المالية لخطاب الضمان للشركة الصينية المنفذة على ثلاث مراحل ، ورغم ذلك لم يبدأ المشروع وهو امر ينتظر المواطنون تطمينات وافادات حوله من رئيس الجمهورية وذلك من واقع المعاناة التي ظلوا يتكبدونها منذ عقود خلت بسبب المياه خاصة في الريف الذي تبدو الاوضاع فيه مأساوية. ومن الملفات التي تنتظر رئيس الجمهورية قضية عمال الشحن والتفريغ الذين ازاحتهم سياسة التحديث عن مصادر دخلهم بميناء بورتسودان ويواجهون ظروفا حياتية بالغة الصعوبة بحسب افاداتهم ،وكان رئيس الجمهورية قد تبرع بثلاثين مليار في 2011 وحدد نهاية يونيو من عام 2012 موعدا لحل قضية العمال المتأثرين من التحديث ،الا ان ذلك لم يحدث لسببين الاول اشار اليه من قبل رئيس جمعية عمال الشحن والتفريغ خارج البواخر حامد محمد آدم ويتمثل في عدم ايفاء وزارة المالية بالمبلغ الذي صادق عليه رئيس الجمهورية ،اما السبب الثاني فيتلخص في الصراع الذي تشهده ذات الجمعية التي يرأسها حامد محمد آدم ،ومن القضايا التي تستحوز على اهتمام قطاع واسع بالولاية ماتعارف عليه بالمحليات المغضوب عليها من قبل والي الولاية وابرزها طوكر وعقيق وريفي القنب ودرديب وكان سكان هذه المحليات والمتعاطفون مع قضياهم يأملون في ان تشمل زيارة الرئيس احدى هذه المحليات خاصة طوكر التي طالب الرئيس من قبل حكومة الولاية في خطاب له العام الماضي باستاد بورتسودان من ان تنفذ فيها مشروعات تنموية حتى يتمكن من افتتاحها في زيارته القادمة ،الا ان هذا لم يحدث ويتساءل مواطنو هذه المحليات عن اسباب تركيز زيارات الرئيس على محليات محددة منها بورتسودان وسنكات ،معتبرين ان هذا دليل دامغ على عدم تنفيذ حكومة الولاية مشروعات بني تحتية يفتتحها الرئيس بالمحليات المغضوب عليها من الوالي ،ومن الملفات التي يتوقع ان يتناولها والي الولاية في خطابه نصيب البحر الاحمر في ايرادات المؤسسات الاتحادية الموجودة بالولاية والتي ظلت ايضا مثار صراع خفي بين والي الولاية ووزارة المالية الاتحادية . وتأتي زيارة الرئيس غدا في ظروف مختلفة عن سابقاتها ،فخلال الفترة الاخيرة بدأت اصوات مناهضة لسياسة الدكتور محمد طاهر ايلا ترتفع بعدد من المحليات مطالبة بالانفصال عن ولاية البحر الاحمر ،وكان الامرأر قد طالبوا من قبل بانشاء ولاية الساحل وعلى طريقهم مضى مواطنو المحليات الجنوبية الذين بدأ بعضهم الحديث جهرا عن ضرورة انشاء ولاية تحمل اسم طوكر ويؤكد هؤلاء ان تهميشا واضحا يتعرضون له من قبل حكومة البحر الاحمر وان لافكاك منه الا بانشاء ولاية طوكر ، ورغم صعوبة موافقة المركز على انشاء ولايتين في الساحل وطوكر وذلك على خلفية رفضه قيام ولايتي النهود والجبال الشرقية بجنوب كردفان وذلك بسبب الظروف التي تمر بها البلاد ،الا ان مراقبين يعتقدون ان دراسة المركز للاسباب التي جعلت الامرأر وسكان المحليات الجنوبية يطالبون بالانفصال من ولاية البحر الاحمر امر هام وذلك لتدارك مايمكن تداركه وازالة الغبن الذي لحق بمواطني هذه المحليات. ويعتقد رئيس منبر السلام العادل بولاية البحر الاحمر ناصر الطيب ان رئيس الجمهورية مطالب غدا بوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالعديد من القضايا ابرزها مياه الشرب كما اشار في حديثه مع (الصحافة)، ويعتقد الطيب ان مشكلة المياه في الولاية عامة وبورتسودان على وجه الخصوص باتت مزمنة وازمة حقيقية ظلت تراوح مكانها دون ان تجد حلا نهائيا ،وقال ان الرئيس وعد بحلها من قبل ،ويعتقد رئيس منبر السلام ان الدولة لاتملك القدرة على الايفاء باموال مشروع ايصال المياه من النيل وان عليها جلب 12 محطة تحلية كحل اسعافي يجنب بورتسودان تكرار ازمة العطش ،وقال ان لها جدوى اقتصادية بخلاف توفير مياه الشرب للمواطنين وتتمثل في توجيه مياه اربعات للزراعة، قاطعا بعدم حدوث استقرار كامل بالولاية الا بحل ازمة المياه التي اعتبرها السبب المباشر لنزوح المواطنين من الريف صوب حاضرة الولاية. وينظر نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية البحر الاحمر احمد همت الى الوعود التي اطلقها الرئيس خلال زيارته السابقة للولاية المتعلقة بحل عدد من القضايا من زاوية مختلفة ،ويشير في حديث ل(الصحافة) ان كل الوعود التي اطلقها الرئيس من قبل وجدت طريقها للاجراء والشروع في التنفيذ ،كاشفا عن ان مشروع مياه النيل قطع خطوات جيدة وانه لولا الظروف التي تمر بها البلاد لتم الايفاء بكامل كلفته ، معتبرا اصدار خطابات الضمان تأكيد على جدية الحكومة في حل مشكلة المياه ،وقال ان تأخر حل قضية عمال الشحن والتفريغ جاء بداعي اخضاع المشاريع المراد تنفيذها لدراسة متأنية،معتبرا ان الخلاف الذي تشهده جمعية عمال الشحن جزء من تأخير حل القضية ،الا انه اكد بان قادتها يمتلكون القدرة على تجاوز ماحدث اخيرا ،ويعتقد احمد همت ان ظروفا موضوعية حالت دون تنفيذ عدد من وعود رئيس الجمهورية ،وزاد»كل توجيهاته وجدت حظها من الاهتمام واجراءاتها تمضي جيدا لتنزيلها على الارض». الا ان هناك تياراً واسعاً يعتقد ان زيارة الرئيس ستكون مثل سابقاتها ولن يكون فيها جديد، وهذا مايشير اليه رئيس حزب الامة بولاية البحر الاحمر محمدآدم الطيب الذي اكد في حديث مقتضب ل(الصحافة) «ان هذه ليست الزيارة الاولى واتوقع ان تكون مثل سابقاتها وستظل مشاكل الولاية تراوح مكانها دون حل». اما رئيس حزب التواصل حامد محمد علي فيعتقد ان الوضع الاقتصادي المأساوي الذي تمر به البلاد عامة والبحر الاحمر على وجه الخصوص ومع تفشي الفقر وسوء التغذية كان ينبغي ان يتم توجيه تكلفة زيارة الرئيس التي يتوقع ان تتجاوز النصف مليار الى الاسر الفقيرة والمرضى والاطفال المصابين بسوء التغذية ،وقال ل(الصحافة) ان زيارة الرئيس للمشاركة في فعاليات سياحية ليست ذات اهمية وانه من الافضل الاستفادة من تكلفتها. بينما يذهب المراقب السياسي عبدالقادر باكاش في اتجاه معاكس ويشير الى ان زيارة رئيس الجمهورية غدا الى الولاية تأتي في توقيت هام ، متوقعا في حديث ل(الصحافة) ان يتصدر ملف مياه النيل القضايا التي ينتظر مواطنو البحر الاحمر توضيحات حولها من رئيس الجمهورية ،ويرى بان هناك الكثير من القضايا العالقة التي يتوقع ان تطلع قيادة الولاية رئيس الجمهورية بها ومنها حقوق البحر الاحمر من ايرادات المؤسسات الاتحادية علاوة على قضية اراضي سواحل البحر الاحمر ،وقال باكاش انه كان يتوقع ان يسجل الرئيس زيارات لمحليات لم يزرها من قبل مثل دورديب ،اوسيف،طوكر والقنب، وايضا الوقوف ميدانيا على حقول ارياب للذهب وواقع المنطقة وايضا زيارة محلية جبيت المعادن ،ويعتقد باكاش ان زيارة الرئيس لطوكر كانت ستضيف بعدا سياسيا هاما ،وقال ان الرئيس مطالب في زيارته القادمة بالتوجه صوب محلية اوسيف وذلك للتأكيد على سودانيتها لجهة ان احقية السودان في حلايب بات موضوعا مشكوكا في امره.