تعتبر «القرقريبة» من الادوات السودانية الخالصة الملامح، وهي قطعة من سعف الدوم تستخدمها النساء فى «العواسة»، وإذا قادتك الظروف يوما للجلوس داخل «التكل» سترى كيف تبدع المرأة السودانية حين تقوم بتمريرها على العجينة، وبحسب ما روي عن تسميتها ب «القرقريبة» فإنها تصدر صوتاً فى كل مسحة هو صوت القرقرة، ولذلك سميت قرقريبة. ومازالت «القرقريبة» في الارياف اداة مهمة، ولا تكاد تفارق ايادي النساء هناك ولكنها في المدينة بدأت في التلاشي، حيث استبدلتها الكثيرات ممن يحرصن على «عواسة الكسرة» بكروت الشحن، مع انهن يعلمن أن المادة الرصاصية الموجودة في هذه الكروت تحمل قدراً من المواد السامة. ولما كانت «القرقريبة» ملمحاً مميزاً في البيت السوداني، فقد قل وجودها بشكل ملحوظ في معظم البيوت، وبعض النساء ارجعن السبب الى انها لم تعد متوفرة في الاسواق كما في السابق، فيما نفت أخريات أن تكون «القرقريبة» غير متوفرة في الأسواق، ووصفن النساء اللاتي قلن هذا الحديث بالكسل لأنها موجودة بكثرة خاصة في الاسواق الشعبية، أبرزها سوق الجمعة بالخرطوم الذي تقصده جميع النساء في مدينة الخرطوم، وسوق أم درمان الذي تهاجر اليه النساء من مدن العاصمة الثلاث. وتقول مريم عيسى إنها لم تستخدم كروت الشحن في «عواسة الكسرة»، واذا اضطرت لشرائها تسأل البائعة كيف صنعتها حتى تتأكد من ذلك، قبل أن تعلق على ابتعاد النساء عن استخدام «القرقريبة» مبررة انها في الفترة الأخيرة لم تعد متوفرة في الأسواق الكبيرة، وقالت انه على الرغم من توفر الكروت في كل في مكان ولكنها لم تستخدمها ابداً. وعلى عكسها تقول اماني التوم انها منذ ان نشأت في وسط الخرطوم وجدت «القرقريبة» من اهم مكونات المنزل الثابتة مثل العنقريب والبرش وغيرها من الادوات المحلية المستخدمة في الحياة اليومية، وتضيف اماني انها لن تستبدل «القرقريبة» فقد اعتادت عليها، غير أنها تخشى من المضار الصحية التي قد تنتج من استخدامها، خاصة انها قد اطلعت على معلومات كثيرة تفيد بأن استخدام كروت الشحن في العواسة يتسبب في الاصابة بالامراض الخبيثة لانها تحتوي علي مواد مسرطنة. فيما تقول الحاجة عائشة ان طقوس «العواسة» قد اختفت بأكملها وتغيرت، واضافت ساخرة: «الحريم بقن يعوسن واقفات على البتوجاز، ويعوسن بالكروت ويلعبن على العواسة»، قبل أن تقول: «زمان عدة العواسة براها قدر عدة المطبخ». وطالب خبير التغذية د. محمد عبد الجبار بتحذير النساء من استخدام كروت الشحن في «العواسة»، وقال إنها من أخطر الممارسات على الصحة، لأن البلاستيك إذا تعرض لدرجة حرارة عالية قد يتحلل وتنتج عنه مواد مسرطنة وتختلط بالكسرة، والسعف من المواد النباتية الطبيعية، وهو جزء من شجرة نأكل ثمارها التي لها فوائد غذائية وعلاجية أخرى.