يعد نهر النيل مستودعاً مائيا كبيراً يغطي 1.3 مليون كيلو متر مربع وتتشارك في مياهه إحدى عشر دولة هي السودان - جنوب السودان- بورندي- تنزانيا- يوغندا- أثيوبيا- كينيا- رواندا- الكنغو الديمقراطية- اريتريا- مصر. ويتزايد السكان على هذا النهر بصورة كبيرة ويتوقع أن يزيد الطلب على مياه النهر خلال ال 40 سنة القادمة نسبة لزيادة السكان، إذ يتوقع أن يزيد عدد سكان السودان 33.419.625 الآن ليصل تعدادهم إلى 73 مليون نسمة بحلول 2050م وفي أثيوبيا يتوقع أن يزيد عدد السكان من (83 مليون نسمة حالياً 2009م إلى 183 مليون نسمة بحلول 2050م) وسكان مصر من (75 مليون نسمة حالياً إلى 121 مليون نسمة بحلول 2050م) ، وبالتالي يمثل الصراع علي مياه هذا النهر امراً معقدا وشديد الحساسية وقد كان لمبادرة دول حوض النيل التي تكونت في العام 1999م دور كبير في ازالة كثير من حواجز الشك والريبة حيث احتوت علي عديد من المشاريع المشتركة بين الدول العشر في حينها قبل انضمام دولة الجنوب تمثلت في مشاريع اقتصادية و بيئية لكي تخدم اهداف التنمية في هذه الدول وان يكون هذا النهر رابطا يربط دول الحوض برباط المصير المشترك والمستقبل الواحد وتكونت من خلال ذلك عدد من اللجان الوطنية الخاصة بكل دولة وبكل مشروع من مشاريعها الثمانية في مجال الاقتصاد والمياه والبيئة والكهرباء والزراعة، وبدأت بذور الثقة تنبت بين تلك الدول الي أن تكون حلف عنتبي الذي تحالفت فيه دولة اثيوبيا ويوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا في جبهة، والسودان ومصر في جبهة اخري، ولزمت بورندي والكنغو الحياد وذلك بعد مطالبة دول الحلف بإقامة مشاريع علي النهر رأت فيها تلك الدول فرصتها للنمو والتطور، في حين رأت مصر والسودان انه يمثل تعديا علي حقوقهما في اتفاقية 1959م بين البلدين وتلا ذلك تجميد السودان لأنشطته في المبادرة وبقاء مصر!!!!! ومن هنا رأت تلك الدول ان تقيم ماتراه من مشروعات علي النهر دون الألتفات الي رفض مصر والسودان ويأتي سد الالفية من دولة اثيوبيا التي تقود حلف عنتبي كرسالة واضحة الي عدم الالتفات الي اتفاقية 1959م والمضي قدما في تنفيذ طموحاتها التي تشمل ايضاً قيام أربعة سدود علي النيل الأزرق الرئيسي اهمها سد الألفية لتوليد الطاقة الكهرومائية (بقدرة 5.250 ميجاوات) بمنطقة بني شنقول علي بعد نحو 20-40 كيلومترا من حدودنا مع إثيوبيا، وقد اعلنت اثيوبيا في العام 2011م بدءالعمل فيه ، وتتضارب المعلومات حول سعة الخزان ما بين 11.1 و24.3 مليارم3 و 62 ثم 67 مليارم3،. واسند انشاؤه إلي شركة (ساليني الإيطالية) ليقام علي ارتفاع نحو 500-600 متر فوق سطح البحر. ان السد يمثل خطورة علي السودان حسب قول الخبراء في مجال السدود اذ انه يقام علي منطقة تغلب عليها الصخور المتحولة وهي منطقة الأخدود الإفريقي العظيم ومايعني ذلك من تشققات ضخمة، ونشاط بركاني وزلزالي مستمر وهذه مشكلة جيولوجية تواجه المشروع، وتشكل خطرا في أن ينهار السد بفعل طبيعة المنطقة ولا توجد فائدة لهذا السد سوي انتاج الكهرباء اذ يتوقع ان ينتج 5225 ميجاوات، وتبلغ تكلفة هذا السد نحو 8 مليارات دولار. إن الأمر في انشاء هذا السد يوضح ان ذهنية الانظمة السياسية في العالم الثالث التي لا تزال تعتمد علي رؤية فخم البناء في انجازتها ولا تتحري في ذلك الجدوي الاقتصادية ولا الاشتراطات البيئية في وجود امكانية استخدام بدائل طاقة نظيفة من التوليد الشمسى الي الحيوي. وسيؤدي ذلك السد المزمع انشاؤه الي إغراق نحو نصف مليون فدان من الأراضي الاثيوبية الزراعية القابلة للري في حوض النيل الأزرق في بحيرة السد، في ظل عدم وجود مناطق أخري قريبة قابلة للري اذا لا يوجد علي الهضبة الاثيوبية كثير من المناطق السهلية المنبسطة مما يضيق علي المساحات القليلة التي تزرع والتي لا تكفي اساساً للافواه الجائعة في الهضبة !!!!! إن مبادرة حوض النيل لو كان قدر لها الاستمرار في مسارها الطبيعي لكانت كفت اثيوبيا تلك المغامرة المكلفة التي قد تؤدي الي زوال اجزاء كبيرة من السودان في حال انهيار السد الذي يقام علي ظهرنا الخلفي وتحتوي قصص التاريخ علي أمم ازيلت بانهيار السدود !!!! فمن يقنع اثيوبيا وساستها الذين مؤكد ينتظرون يوم الاحتفال لكي يرقصوا علي انجاز هزيل مدمر للبيئة ولأقتصاديات الدول وليس له عائد يذكر وقد تراجعت في كل دول العالم ثقافة بناء السدود المائية لمنافع يمكن تحقيقها ببدائل اخري الا الدول المتخلفة تنموياً وعقلياً !!!!!! ان روح المبادرة تقوم علي تقاسم المنافع وقد كان يمكن ان يتم انشاء السدود اذا كانت لها حاجة حقيقية ولا توجد حاجة لهذا في دول حوض النيل العليا اذ يشكل تدفق المطر السنوي نسبة عالية من طبيعة تلك الدول. ان تلك الدول في حاجة الي تنمية من مستشفيات ودور علم واستقرار سياسي بوقف الحروب والصراعات علي الحكم وبناء هياكل زراعية وصناعية تخرجها من فقرها وتبادل للثقافات المشتركة وتعميق الإخاء وان يدرك الجميع أن الماء الذي نشربه في السودان يمر عبر تسع دول حرصت علي تركه ينساب عبر سنوات طويلة لكي يصل الي افوهنا ولكنها فقد تريد رد للجميل بأن تتم مشاركتها في المنافع وليس بالتهديد بتسيير الجيوش فهذه لغة عفي عليها الزمن ، ان الاهرامات التي تزهو بها مصر تبدأ من بورندي منبع نهر النيل فليس هنالك مجال سوي للفهم والتعاون المشترك وتكوين اتحاد دول حوض النيل، لذلك ننوقع من الحردانين في وزارة الري السودانية أن يتراجعوا عن موقفهم ذلك وأن يرجعوا لممارسة دورهم ونشاطهم في المبادرة لكي لا نصحو علي طوفان اهل سبأ وهل نحن في حاجة الي طوفان أخر!!!!! عضو الشبكة الاقليمية لإعلاميي دول حوض النيل