كل الناس يحتكون بعالم الطفولة سواء من قريب او من بعيد .. وللأطفال عالم فضولي يقوم على حب الاستطلاع والاستكشاف، وكثيراً ما يتعرض الانسان الى مواقف محرجة من الأطفال تتضمن الأسئلة عن امور يحتار الشخص في الإجابة عليها بطريقة دبلوماسية تريح ضميره من جهة وتخلصه من الموقف من جهة أخرى.. وقد يأتي الطفل الي امه بشكل مفاجئ وهو يحمل في مخيلته حزمة من الاستفهامات ليسألها: أين الله؟ من أين جئت؟ وكيف ولدتني؟ وأسئلة كثيرة قد يصعب علي الأم الإجابة عنها بشكل مناسب غير تلك الاسئلة قد يوجهها الطفل الى الآخرين. وفي أحيان كثيرة قد تعتبر الأم أن مثل هذه الأسئلة غير مهمة وتتهرب من الإجابة عنها أو تجيب بكلام مبهم بعيد عن الحقائق التي جاء الطفل متسائلاً عنها وينشد اجابة واقعية، وهذا بحسب خبراء علم الاجتماع خطأ كبير، فالطفل من حقه أن يعرف ويسأل، وإذا لم يصل الي الإجابة سوف يشعر بالحيرة والقلق والتوتر النفسي بل والخوف أحياناً. وبحسب خبيرة علم الاجتماع دكتورة ليلي عبد الله فإن الام تخطئ إذا لجأت إلى الصمت تجاه أسئلة طفلها، لأنه سيحاول معرفة الإجابة من اشخاص اخرين أو بأي أسلوب آخر، وهذا بدوره ربما يكون له تأثير علي نفسية الطفل مستقبلاً، وهو ايضا يعتبر نوعاً من التضليل وقد يؤدي لانطوائه عن الحياة الاجتماعية. وتقول دكتورة ليلي ان اسئلة الطفل تكثر في السنوات الأولى من عمره تحديداً من سن عامين إلى خمسة أعوام بسبب مخاوفه وعدم وجود خبرة سابقة مباشرة، ومن الأسباب العديدة لأسئلة الطفل الخوف والقلق.. فالأطفال يسألون كثيراً عما يخافون منه طلباً للشعور بالأمن والطمأنينة من خطر المجهول، فهم يخافون حتى ولو لم يهاجمهم في حياتهم حيوان ما كالكلب أو الذئب أو خلافه، وهم يخافون اللصوص والمجرمين والمتسولين، فالطفل يجهل ما حوله وما يحدث ويريد أن يعرفه، قبل ان تقول ان من بين الاسباب التي تجعل الطفل يسأل لفت الانتباه والحصول على الاهتمام اذا شعر بأن من حوله مشغولون عنه، بالاضافة الي ممارسة اللغة والمباهاة بها، لإدراكه أنه أصبح يتقن لغة الكلام والمخاطبة والتفاهم. وعن اهمية الاجابة عن هذه الاسئلة تقول خبيرة علم الاجتماع دكتورة ريم عبد الجبار، ان الاجابة عن الاسئلة التي يطرحها الاطفال امر في غاية الاهمية لكونها تزيد ثقة الطفل بنفسه وتحقق الهدف الذي سأل من أجله، وهذا يساعده على النمو نفسيَّاً بشكل سوي وعلى التكيف الاجتماعي وتنمية مقدرته اللغوية وإكسابه الأخذ والعطاء وتعليمه الإصغاء والاستماع، بجانب استمتاعه بمشاركة والديه وجدانياً. وتقول دكتورة ريم ان تصرفات الأم تجاه أسئلة أطفالها، تأخذ صورًا متعددة دون ادراك خطورة تجاهلها هذه التساؤلات التي تشكل طبيعة شخصية الطفل مستقبلاً، واخطرها التهرب من الإجابة بالصمت وتجاهل الأمر وتغيير موضوع الحديث، وايضاً الإجابة بردود غير مقنعة وغير صحيحة أو بإجابات عشوائية، والخطوة السليمة في مثل هذه الحالات الإجابة الصحيحة وبشكل علمي، وتضيف دكتورة ريم ان تصرف الأم الصحيح تجاه أسئلة طفلها أن تهتم بتساؤلاته، وأن تجيبه بإجابة مناسبة وأن تكون الإجابات محددة مبسطة وقصيرة وبطريقة ذكية لا تتطلب التدقيق والتفاصيل ولا تثير لدى الطفل أسئلة أخرى، وأن تكون مناسبة مع مداركه ومزاجه الشخصي . وتمضي دكتورة ريم قائلة ان على الأم والأب أن يعلما أنه من الأفضل أن يتعلم طفلهما من خلال أسئلته خاصة التي تتعلق بالتربية الجنسية السليمة، بدلا من تلقيه بعض المعلومات الخاطئة غير الصحيحة من الاصدقاء أو من مصادر أخري ، وإذا وجه الطفل أسئلة لا تعرف الأم الإجابة عنها، فيُمكنها أن تقول له هذا سؤال جيد!! ولكن لا أستطيع الإجابة عنه، وسوف نسأل والدك أو نبحث عن الإجابة، وتضيف دكتورة ريم انه عندما تشجع الأم طفلها على توجيه الأسئلة وتعطيه إجابات وافية تجعله سعيداً ويشعر أنه ذو قيمة عند أبويه، وأن له شأنًا وأن لديهما ما يحتاج إليه وما يفيده، ومن حق الطفل على المحيطين به الإجابة عن كل تساؤلاته، وذلك لأنه فطر على حب الاستطلاع لمعرفة ما يدور حوله.