إلى ذلك طبقت الجامعات سياسة القبول الخاص، وفتح كليات للدراسات التقنية لتخريج حملة الدبلومات، وفتح بعض المعاهد في إطار سياسة الاستثمار، وبيع أراضي الجامعة، حيث باعت جامعة الخرطوم أراضي المزرعة، وفتح مكاتب لبعض الجامعات في بعض دول الخليج بغرض تسجيل الطلاب للدراسات الجامعية وفوق الجامعية بغرض جمع المال مما شوه سمعة بعض الجامعات، وترتب على ذلك وضعها في الكشف الأسود في بعض دول الخليج. 5/ تعيين مديرين للجامعات القومية على أساس أهل الثقة أو من يرجى منهم أن يكونوا كذلك، ومن يفشل في اثبات ذلك من الشريحة الأخيرة يعفى بكل بساطة. 6/ فتح باب الدراسات العليا في جامعات غير مؤهلة للقيام بمثل هذا العمل. 7/ الاستمرار في التدريب المحلي (In-breeding) وأشارت بعض المقالات في الصحافة إلى الترتيب المتأخر التي حصلت عليه جامعة الخرطوم وفق نظم التقويم العالمية لجودة الجامعات. غير أن ذكر النتيجة النهائية للتقويم دون ذكر منهجية التقويم والعوامل المؤثرة فيه مضلل ويحمل الجامعة مسؤولية تراجع ترتيبها. إلى ذلك فإنني سوف استعرض نظامين للتقويم أكثر شيوعاً واستخداماً في العالم. وضعت جامعة جياو تونق بشانقهاي أول نظام لترتيب (Ranking) الجامعات ذات المستوى العالمي (World-class Universities) في عام 2003م، وهدفت من ذلك إلى معرفة المستوى الأكاديمي لجامعات الصين مقارنة بهذه الجامعات. واستخدمت معايير خمسة بأوزانها الموضحة بين قوسين لتحديد جودة الجامعات وهي: نوعية التدريس «10%»، نوعية أعضاء هيئة التدريس «40%»، منتجات البحث العلمي «40%» متوسط أداء عضو هيئة التدريس «10%». ولقياس كل واحدٍ من هذه المعايير، استخدم مؤشر أو مؤشران، فلقياس نوعية التدريس استخدم مؤشر عدد الخريجين (Alumni) الحاصلين على جائزة نوبل «10%»، ولقياس نوعية أعضاء هيئة التدريس استخدم مؤشران أولهماً عدد الأساتذة الحائزين على جائزة نوبل والحاصلين على ميداليات في علم الرياضيات «20%»، وثانيهماً عدد الأساتذة والباحثين الحاصلين على أكثر استشهاد (Citations) في «21» مجموعة علوم عريضة «20%»، ولمنتجات البحث العلمي استخدم مؤشران أولهما عدد المقالات المنشورة في مجلتي الطبيعة (Nature) والعلوم (Science) «20%»، وثانيهما عدد المقالات المدرجة في دليل استشهاد العلوم الموسع، ودليل استشهاد العلوم الاجتماعية «20%»، وخصص وزن 10% كمؤشر للأداء الأكاديمي للأستاذ في الجامعة. ويمتاز هذا النظام بتعدد المعايير والمؤشرات والموضوعية والشفافية والثبات، لذلك أصبح أكثر النظم استخداماً في ترتيب جامعات البحث العلمي (Research Universities). ولكنه ينحاز للعلوم الطبيعية ويهمل العلوم الإنسانية، ونتيجة لذلك جاء ترتيب بعض الجامعات والكليات المتميزة عالمياً في العلوم الإنسانية متأخراً. وينحاز للبحث العلمي، ويهمل الأداء في التدريس. كما يهمل دور الجامعات في تنمية المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة خاصة في الدول النامية، وعزي ذلك لصعوبة الحصول على مؤشرات مناسبة لمقارنة الجامعات في العالم. كما يعتمد على النشر باللغة الإنجليزية ومن ثم ينجاز للشعوب المتحدثة باللغة الانجليزية. ولا يتيح النظام فرصة عادلة لمنح الجوائز في العلوم خارج إطار المجالات المحددة، وعموماً أسس هذا النظام للجامعات ذات المستوى العالمي، أي جامعات الدول الصناعية المتقدمة التي لها قدرات عالية لا يمكن مقارنتها بدول العالم الثالث. وأية محاولة لمقارنة وتقويم جامعاتنا بها فيه إسراف ما بعده إسراف. علماً بأن النظام يعتمد على الوضع الاقتصادي للدول المتقدمة وميزانياتها الضخمة للبحث العلمي. أما النظام الثاني الذي أسس على معايير أكثر تواضعاً ولكنها أيضاً تعتمد على قدرات الجامعات وميزانياتها ومن ثم على المستوى الاقتصادي للبلاد، فهو نظام ويبوميتركس (Webometrics). ويبومتريكس هو النظام الذي يقوم بترتيب أكبر مجموعة من مؤسسات التعليم العالي. فمنذ عام 2004 يقدم معمل «السيبرمتريكس» (Cybermetrics) التابع لمجلس البحوث الاسباني ترتيب جامعات العالم كل ستة شهور «في يناير ويوليو» على أساس وجود وتأثير شبكاتها العنكبوتية. وأسس هذا النظام على فرضية أن شبكة الجامعة هي المدخل الرئيس لرسالة الجامعة، حيث أنها حالياً تعتبر أكثر وسائل الاعلام الثقافية أهمية، كما تعتبر نافذة المستقبل للتعليم عن بعد، ومنبراً مفتوحاً للاتصال بالمجتمع وخدمته، ومسرحاً جاذباً للمواهب والتمويل والموارد. ويستخدم هذا النظام المعايير الآتية لتقويم شبكات الجامعات: الوجود (Presence) «20%» ويقاس بالعدد الاجمالى لصفحات الشبكة في مجال الشبكة الرئيس بما في ذلك تحت المجال والبيانات والجداول الأخرى للجامعة الموضحة في قوقل (Google)، والتأثير (Impact) «50%» ويعتمد على عدد الروابط (Links) الخارجية التي تحصل عليها شبكة الجامعة من طرف ثالث، حيث تعتبر هذه الروابط اعترافاً ضمنياً بسمعة الجامعة وجودة أدائها الأكاديمي، وقيمة المعلومات الواردة في الشبكة، وفائدة الخدمات، ويقاس التأثير بحاصل ضرب الروابط الخلفية (Back links) والمجالات (Domains) التي ترد منها هذه الروابط الخلفية، والشفافية (Openness) «15%»: إن هذا المؤشر يعكس صراحة الجهد العالمي لوضع مخازن بحث مؤسسية تأخذ في الاعتبار الملفات الغنية بالمعلومات والبيانات (pdf, doc, docx, ppt). وبالرغم من أن هذا النظام يعتمد على ميزانية الجامعة وقدراتها ومستوى أساتذتها وبيئة عملهم ومن ثم رغبتهم في المشاركة اليومية في تغذية شبكة الجامعة، إلا أنه مفيد جداً لأنه يحفز الجامعات للسعي للحصول على ترتيب مناسب، بتطوير شبكاتها، ويسهل مهمة نقل وترويج المعارف العلمية والتجارب العملية الناجحة وثقافة المجتمعات المحلية والإقليمية والعالمية، ويساعد الجامعات في بدء ودعم عملية التغيير في الشؤون الاكاديمية وتعزيز التزام الأساتذة والعاملين في المجال بتطوير الشبكات ووضع استراتيجيات، ويشجع ويدعم التعليم والتعلم باعتبار شبكات الجامعات نوافذ المستقبل للتعليم عن بعد، ويسهم في خدمة المجتمع. الآن وقد مرت على ثورة التعليم العالي أكثر من خمسة عشر عاماً، مر خلالها السودان بأحداث تاريخية مفصلية من أهمها اتفاقية نيفاشا التي أطرت للتحول الديمقراطي، لذلك لا بد من إخضاع التجربة للتقويم بالتحليل الإحصائي الموضوعي لرصد محاسنها وأخطاءها لتقويمها وتجويد أدائها الأكاديمي بوضع السياسات والخطط البديلة تجويداً لمسيرة التعليم العالي. وتحت مظلة التحول الديمقراطي لا بد من إشراك كل الأطراف ذات الصلة من جامعات وإدارة وأساتذة وطلاب وأولياء أمور وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني عاملة في المجال. ولا بد أن تنظم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هذا المنتدى بذهن صاف ومفتوح للجميع، وأسلوب اتخاذ القرار قبل الحوار استهجان بالعقول وضحك على الذقون وأسلوب غير ديمقراطي عفى عليه الزمان.