تحية طيبة ٭ أعجبت بالكلمة الرصينة التي خطها يراعك في العمود المقروء (صدى) بعنوان (الحكومة لا تستقيم إلا برأى يخيفها) وكان محور الحديث عن الاستبداد وعائلته التي وصفها عبد الرحمن الكواكبي صاحب (طبائع الاستبداد) فقد وصف رب العائلة (الاب) بالظلم والام بالاساءة والاخ بالغدر والختر وهكذا حتى العشيرة التي وصفها بالجهالة والوطن بالخراب. ان الاستبداد أسوأ ما يكون عندما يسود تحت راية الاسلام الذي يأمر بالعدل والاحسان والشورى وينهى عن الاستعلاء والاستبداد والمنكر والبغي وما زلنا نردد قول عمربن الخطاب رضى الله عنه «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا». وللاسف الشديد بإنتهاء عهد الخلافة الراشدة، وباستثناء عهد عمر بن عبد العزيز الذي لم يدم طويلاً، تحول الامر في بلاد الاسلام الى ملك عضوض وهرقلية بغيضة كلما مات هرقل قام هرقل بل صار الامز في كثير من الاحيان الى غلمان من امثال يزيد والوليد فقد قال عليه السلام هلاك امتي على يد اغيلمة من قريش وهكذا عاشت الشعوب الاسلامية الى يوم الناس هذا تحت وطأة الاستبداد والفساد. لقد كتب الشيخ محمد الغزالي كتاباً من أروع ما كتب عن الاسلام والاستبداد السياسي وجه فيه ضربة قوية للطغاة والبغاة والمستبدين فقد رأى ان الاستبداد يقود الامة الى الضياع والزوال ولذلك قال في رده على احد الصحفيين في مجلة شباب الجامعة الشورى ركيزة الحكم الصالح والمسلمون أحوج أهل الارض الى ان يعيشوا في ظلها ومن الضرورة وضع القواعد التي تكفلها وتحميها من طغيان النظام الفردي، وكما قال الدكتور القرضاوي ان الشيخ الغزالي من عشاق الحرية ودعاتها وهو عدو الاستبداد اياً كانت صورته ولا يقبله بحال ولو تسربل باسم الدين بل يرى ان الاستبداد باسم الدين أشد خطراً من غيره ولذلك شن هجوماً عنيفاً على مراحل التاريخ الاسلامي التي تعطلت فيها الشورى وأصبح الحكم ينتقل بالوراثة وربما آل الى صبي ولم يبلغ الحلم أو صار الى سفيه أو متكبر جبار. ان العثار الذي أصاب الامة الاسلامية جاء من الفرقة والشتات حيث آل الأمر الى الطغاة والبغاة والمستبدين فأهلكت الأمة بعضها البعض قبل ان ينقض عليها الاجانب والمستعمرون. ان نزعة السيطرة والاستعلاء ووطأة الحكم المستبد أدت الى ظهور وانتشار الفساد في البر والبحر وظهور النزعات القبلية وعم السفه فانهارت قيم الخلق وضاعت حقوق الافراد وحرياتهم وهكذا ضاعت دولة بني أمية وبادت دولة بني العباس وانهارت الدولة العثمانية، وكلها قد نالت منها الثورات والانتفاضات، كالتي اوردتها الاستاذة/ آمال على سبيل المثال، عند غلبة الاستبداد والفساد، ورغم ذلك لا ننكر علو كلمة الاسلام في مشارق الارض ومغاربها بفضل العصبة الصالحة فهذا قتيبة بن مسلم ينفذ الى بلاد الترك حتى يصل الى تخوم الصين ومحمد بن القاسم يجاهد في بلاد الهند وموسى بن نصير يصل الى بلاد المغرب ويدك الخليفة المعتصم مدينة عمورية عندما صاحت الهاشمية وهى في ايدي الروم (وامعتصماه) وينشد بعدها أبو تمام قصيدته المشهورة: السيف أصدق أنباء من الكتب ٭ في حده الحد بين الجد واللعب مع تحياتي وشكري د. محمد الحسن أحمد