أحدث خبر ترحيل «7» آلاف سوداني من المملكة العربية السعودية الذي انفردت به «الصحافة» يوم الاربعاء الماضي ردود فعل واسعة داخلياً وخارجياً، وسط تساؤلات عن الاسباب الحقيقية التي دفعت السلطات السعودية المختصة الى ترحيل هذا العدد الكبير خلال اربعة أشهر، ضمن ترحيل «200» الف وافد مخالف للأنظمة من مختلف الجنسيات، بينهم أيضاً «15» ألف اثيوبي. «الصحافة» عبر صفحة «مع المهاجر» استمعت الى افادات بعض المرحلين قبيل مغادرتهم الى السودان. كما تلقت إفادات من نائب رئيس البعثة الدبلوماسية بالرياض السفير قريب الله الخضر حول تداعيات ترحيل السودانيين المخالفين للإقامة من السعودية، الى جانب اوضاع السجينات السودانيات بالعاصمة الرياض. وأوضح البلولة السماني أنه وصل الى السعودية قبل أقل من عام بتأشيرة عمرة، وقد عمل خلال هذه الفترة في «تشليح السيارات» بمدينة جدة مع ابن خالته، وهو يعيش تحت «ضغط» عدم تمتعه بالإقامة النظامية، وقال: «لقد فكرت عدة مرات في مغادرة السعودية غير أن ظروف اسرتي اجبرتني على البقاء». وحول ملابسات ترحيله اضاف: «خرجت من مكان العمل قاصداً شارع بن لادن بمدينة جدة لزيارة احد الاقارب، فصادفتني دورية أمنية، وطلب مني ابراز الإقامة، وحينما تبين انني غير مقيم تم نقلي الى الترحيل، والآن انتظر السفر الى السودان». وأكد السماني أن مسألة ترحيله من السعودية اكدت له حقيقة مهمة تتمثل في ألا يغامر الشخص بالسير في طريق محفوف بالعقبات، وان يكون في كل الأحوال ملتزماً باتباع الطرق الصحيحة، حتى لا يقع في مشكلات هو في غنى عنها. وأشار إلى أن السلطات السعودية تعاملت مع المرحلين باسلوب متميز وتعامل حسن رغم مخالفة الانظمة، مؤكداً ان رجال الأمن في السعودية يكنون احتراماً كبيراً للسودانيين، الا انهم يطبقون الانظمة بصرامة. وقال صبري خليل جمال: «قدمت الى المملكة العربية السعودية قبل سبعة اشهر، ولم التحق بعمل الا قبل شهر واحد، حيث التحقت بمحل بقالة، وفي ذات يوم بعد صلاة الظهر داهمت المكان دورية من الشرطة، وتم نقلي مع ثلاثة سودانيين آخرين الى الترحيل، وتم اخطارنا بأنه سيتم ترحيلنا الى السودان خلال اسبوعين، وذلك بعد ان يتم تجهيز وثائق للسفر من قبل القنصلية السودانية». واكد عبد العظيم قرشي محمد انه تم القبض عليه بسبب عدم عمله مع الكفيل، وحينما تم الاتصال بكفيله لم يتلق أي رد، وبالتالي اصبح في انتظار الترحيل، مبيناً أن الكفيل اخبره منذ اكثر من عام بضرورة نقل كفالته بحجة عدم توفر فرصة عمل مناسبة له، الا انه لم يجد جهة ينقل عليها كفالته. وقال سمير قدم الخير انه اختلف مع كفيله منذ وصوله السعودية قبل ثلاثة اعوام، مبيناً انه يحمل مؤهلاً جامعياً، فيما يصر كفيله على ان يرعى الماشية براتب «800» ريال ، وليس امامه غير ذلك. وبين انه انتظر مع كفيله مدة «15» يوما استخرج خلالها الاقامة لمدة عامين، ومن ثم هرب ليلتحق بعمل في مستوصف طبي في وظيفة محاسب، وحينما انتهت إقامته ترك العمل امام إصرار ادارة المستوصف بضرورة تجديد ونقل الكفالة، في حين كان الكفيل قد فتح ضده بلاغ هروب. ويمضي إلى القول إنه ظل خلال الفترة الماضية ورغم انتهاء اقامته النظامية بعدم التجديد، يعمل في مجال التدريس الخاص، حتى صادفته دورية امنية، وهو داخل سيارة ليموزين، ليتضح ان كفيله ابلغ عن هروبه.. وهو ينتظر الآن الترحيل. واضاف قدم الخير أن التجربة التي جابهته في المملكة العربية السعودية والضغوط النفسية الكبيرة التي يعيشها تجعله يقدم النصح الى كل شخص يعتزم الاغتراب، ان يفكر كثيراً في طبيعة العمل الذي ينتظره، دون الاندفاع الى مغادرة البلاد، مؤكداً انه يجلس في الترحيل مع عدد من السودانيين الذين يعيشون ذات الظروف التي قابلته خلال السنوات الماضية في عالم الاغتراب غير المؤسس. واعرب عن امله في ان تولي الدولة اهتماماً لأوضاع العائدين من ديار الاغتراب، خاصة العائدين بغير ارادتهم، وهم في حاجة حقيقية لتوفير فرص عمل في بلادهم. وشكا قسم السيد علي من أنه يقطن الآن داخل سجن الترحيل، وتواجهه مشكلة انه لا يحمل وثيقة سفر، وهو في انتظار مندوب القنصلية السودانية لمعالجة اوضاع الذين لا يملكون وثائق تمكنهم من السفر. إلى ذلك قال نائب رئيس البعثة الدبلوماسية السودانية في الرياض السفير قريب الله الخضر علي إن جميع السودانيين الذين ينتظرون حالياً في مقرات الترحيل ولا يمتلكون وثائق سفر، تعمل السفارة والقنصلية في مدينة جدة من خلال مناديب على تكملة اجراءات سفرهم، بحيث يتم استخراج وثائق السفر بعد التأكد من أن المقبوض عليهم من السودان. وفي ما يتعلق بترحيل «7» آلاف سوداني خلال الاشهر الاربعة الماضية بحسب متابعات «الصحافة»، اوضح أن كثيراً من الذين يتم ترحيلهم قد تكون السفارة ليست لديها معلومات بشأنهم، كونهم دخلوا الى السعودية بتأشيرات عمرة او حج او زيارة، وبعد ذلك تخلفوا عن السفر، وهو أمر لا يمكن متابعته بدقة، باعتبارهم ليسوا من بين المسجلين النظاميين. وقال ل «الصحافة»: إن أي سوداني مقيم يتم ترحيله الى السودان لمخالفته نظام العمل، تتم متابعة قضيته حتى يتم تسفيره، خاصة اذا كانت لديه حقوق لدى الجهة المشغلة. وأقرَّ السفير قريب الله الخضر بوجود عدد من السودانيات بالسجن بالعاصمة الرياض على ذمة قضايا متباينة فضل عدم الخوض فيها. وبين أن السفارة تتابع باهتمام كبير اوضاع السجينات اللائي لم يحدد عددهن، مؤكداً أن التنسيق مع الجهات السعودية في وزارة الداخلية يتواصل لمعالجة قضاياهن وإطلاق سراحهن بعد استكمال بعض جوانب التحقيقات. يُشار إلى أن وزارة العمل السعودية تنفذ حالياً حملات واسعة بغرض سعودة الوظائف، مدفوعة بجهود وزارة الداخلية السعودية التي نشطت في الفترة الماضية في ترحيل مخالفي نظام العمل والاقامة في السعودية، وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن نحو مليوني نسمة لا يجدون وظائف، فيما يشغل الوظائف «8» ملايين نسمة من الوافدين، إلا أن «6» ملايين وظيفة من هذه الوظائف لا تناسب السعوديين لجهة أنها متدنية ومتواضعة.