٭ (ان نجيب محفوظ انحاز بقلمه لشعب مصر وتاريخه وقضاياه وعبر بابداعه عن القيم المشتركة للانسانية ونشر بكتاباته قيم التنوير والتسامح النابذة للغلو والتطرف.. وكان حصوله على جائزة نوبل للآداب اعترافاً بإسهام الفكر العربي في حضارة الانسانية وتراثها المعاصر). ٭ هذه الكلمات قالها الرئيس حسني مبارك الذي تجري محاكمته في مصر ارجع الله لها تسامحها واستقرارها.. ٭ تأملت هذه الكلمات وقمت الى كتاب الناقد والكاتب الكبير رجاء النقاش.. نجيب محفوظ صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته وتحت عنوان اولاد حارتنا رواية وأزمة اورد رجاء ما قاله له نجيب عن رواية اولاد حارتنا التي منعت في مصر وأثارت الكثير من التساؤلات والاتهامات.. قال نجيب الآتي:- ٭ اولاد حارتنا هى أول رواية كتبتها بعد قيام ثورة يوليو 2591 وسبقتها خمس سنوات من الانقطاع التام عن الكتابة وتحديداً بين عامي 2591- 7591 وهى من أشق الفترات التي عشتها في حياتي وأصعبها على نفسي والحقيقة أنني لم اعرف سبباً واضحاً لهذا الانقطاع بعض الاصدقاء قالوا لي أنه نتيجة اجهاد حدث لي بعد كتابة الثلاثية.. والتي استغرقت في كتابتها 4 سنوات متصلة إبتداء من عام 8491 حتى 2591.. ولكن ربما كان السبب هو أن قيام ثورة يوليو 2591 قتل الرغبة عندي في الكتابة فقد كنت اعتبر الهدف الرئيس لكتاباتي هو نقد المجتمع المصري ودفعه للتغيير والتطور وبعد قيام الثورة واتجاهها لتحقيق ما كنت أنادي به.. كان السؤال الذي يلح علىَّ ما جدوى الكتابة حينئذ؟ ٭ الطريف انه كان في مكتبي سبعة مشروعات لروايات كنت انوي كتابتها منها رواية أسمها (العتبة الخضراء) وقد حكيت فكرتها لعبد الرحمن الشرقاوي فأعجبته جداً وقال لي يومها أنه تمنى أن يكتب في هذا الموضوع واستنكر عدم إكمال الرواية ولما طالت فترة التوقف واصبحت كالتائه استقر في وجداني أنني انتهيت كروائي وأنه لم يعد عندي جديد أقدمه للناس.. لدرجة أنني ذهبت الى نقابة الممثلين وقيدت اسمي ككاتب محترف للسيناريو وكنت قبل ذلك أعمل كهاو في كتابة السيناريو مع المخرج صلاح ابو سيف وتصورت أن كتابة السيناريو سوف تكون هى عملي الوحيد الذي يمثل لي العزاء ويسد الفراغ الذي تركه الادب في حياتي وكنت في تلك الايام مقبلاً على الزواج وتزوجت بالفعل في عام 4591 وكان لابد لي من عمل أحصل منه على دخل اضافي اواجه به مسؤوليات الزواج والاسرة الجديدة وفي ايام عملي كسينارست محترف زاد دخلي بشكل ملحوظ مقارنة بأيام عملي كروائي والحقيقة ان فترة عملي في كتابة السيناريو كانت من أحسن فترات حياتي من الناحية المادية. ٭ في عام 7591 شعرت بدبيب غريب يسري في اوصالي ووجدت نفسي منجذباً مرة أخرى نحو الأدب.. وكانت فرحتي غامرة عندما امسكت بالقلم مرة أخرى.. ولم اصدق نفسي عندما جلست أمام الورق من جديد لاعاود الكتابة وكانت كل الافكار المسيطرة علىَّ في ذلك الوقت تميل ناحية الدين والتصوف والفلسفة فجاءت فكرة رواية اولاد حارتنا لتحيي في داخلي الاديب الذي كنت ظننته قد مات ولذلك لاحظ النقاد تغييراً في اسلوبي واتجاهاتي الادبية وهم يقارنون رواية اولاد حارتنا بما سبقها من اعمال فهى تناقش مشكلة اجتماعية واضحة كما اعتدت في اعمالي قبلها.. بل هى اقرب الى النظرة الكونية الانسانية العامة.. مع ذلك فرواية اولاد حارتنا لا تخلو من خلفية اجتماعية واضحة ولكن المشكلات التي صاحبتها والتفسيرات التي اعطيت لها جعلت الكثيرين لا يلتفتون الى هذه الخلفيات. ٭ انتهى كلام نجيب محفوظ لرجاء النقاش والآن رواية اولاد حارتنا موجودة في لبنان وقد طبعتها دار الآداب لصاحبها الاديب سهيل ادريس. اواصل مع تحياتي وشكري