** الآلية برئاسة البروف محاسن حاج الصافي وبعضوية البروف علي شمو ، أكولدا مانتير ، عبد الرحيم خليل ، أبوبكر وزيري ، عبد الدافع الخطيب ، معتصم فضل ، محمد حاتم سليمان ، عوض جادين ، العبيد مروح ، بكري ملاح ، معاوية حسن فضل الله ، حسن عابدين ، ممثل لهيئة الاتصالات و خمسة ممثلين للقوى السياسية .. هكذا جاء تشكيل الآلية المشتركة المناط بها تنظيم استخدام الأجهزة الاعلامية من قبل القوى السياسية خلال فترة الانتخابات ، كما أعلنت عنها مفوضية الانتخابات .. وهي ذات الآلية المناط بها تحويل أجهزة الدولة الرسمية من الوضع الراهن إلي .. « أجهزة قومية محايدة » ..!! ** قبل سرد تفاصيل المهام ثم التعليق على بعضها ، يجب أن ننظر إلي هيكل الآلية وأسماء الأساتذة الوارد ذكرهم ثم العدد الكلي .. بنظرة عابرة تكتشف بأن تمثيل القوى السياسية - ما عدا المؤتمر الوطني - ضعيف جدا .. بحيث تشارك القوى السياسية بعدد « 5 أعضاء » فقط لاغير ، من جملة « 19 عضوا » .. وبما أن المؤتمر الوطني ، كما القوى السياسية الأخرى ، سيدفع بعضوه إلي تلك الآلية ليكون ممثلا له ، وعليه يصبح نصيب كل القوى السياسية « 4 أعضاء فقط لا غير » .. نعم ، بعض السادة في الآلية يمثلون أجهزة الدولة الرسمية - إذاعة ، تلفزيون ، مجلس الصحافة ، الاعلام الخارجي ، وزارة الاعلام و سونا - واختارتهم المفوضية حسب مواقعهم ومناصبهم في تلك الأجهزة ، بيد أن تحديد اللون الحزبي للسواد الأعظم منهم ليس بحاجة إلي عبقرية ، وهذا ما يجعل عملية قسمة المفوضية للأعضاء على القوى السياسية ، تبدو وكأنها ..« قسمة ضيزي » ..!! ** ذاك شكل الآلية ، فلنذهب إلي بعض مهامها حسب ما جاء في قرارات المفوضية .. إلزام الصحف بموجهات وميثاق الشرف الصحفي في تغطياتها للحملات الانتخابية ، قرار صائب ونأمل أن تلتزم الصحف بذاك الميثاق مدى الحياة ، وليس خلال الفترة الانتخابية فقط ، وما الميثاق إلا تذكير بأهم أخلاقيات المهنة ، ولا جدال في تلك الأخلاقيات .. ولكن تأمل القرار الآتي نصه ..« في حالة الاعادة للانتخابات الرئاسية ، تبث المناظرات الرئاسية على الهواء مباشرة ، وتستثنى من شرط التسجيل » .. هكذا النص ، وهذا يعني بأن المرشحين لرئاسة الجمهورية ليس لهم حق مخاطبة قواعدهم عبر البث المباشر في الجولة الأولى من العملية الانتخابية ، بل عليهم تسجيل خطبهم وخطاباتهم التي يودون بثها لقواعدهم ..ثم أن الشعب السوداني لن يحظى بمشاهدة مناظرة على الهواء مباشرة بين المرشحين في الجولة المرتقبة ، كما الحال في انتخابات الرئاسة في الدول الديمقراطية .. الخطاب المباشر ممنوع ، وكذلك مناظرة ممنوعة في الجولة الأولى .. وعلى السادة الناخبين انتظار الخطاب المباشر والمناظرة الحرة في الجولة الثانية ، إن كانت هناك جولة ثانية .. أو هكذا قرار المفوضية ..!! ** ذاك القرار الغريب جاء إلي ذاكرتي بالحكاية التالية .. يحكى ان جورج برنارد شو، الكاتب الساخر، حين قرر ان يقدم العرض الأول لمسرحيته « بيغماليون» التي أخرجها بنفسه ، أرسل الى السير ونستون تشرشل - وكان على خلاف فكري دائم معه - بطاقتي دعوة وقد أرفقهما ببطاقة كُتب فيها: « لقد أرسلت لك بطاقتين كي تحضر العرض مع صديق .. إن كان عندك صديق ! » .. فهم تشرشل مغزى الرسالة ، فرد البطاقتين الى شو مع بطاقة كُتب فيها: «آسف لأنني لن أتمكن من حضور العرض الافتتاحي . آمل بأن تُرسل لي بطاقتين للعرض الثاني ، إن كان هناك عرض ثان » .. وهكذا على الناس في بلادي أن ينتظروا الخطاب الاعلامي - غير المسجل وغير الممنتج - من السادة المرشحين في الجولة الثانية ، إن كانت هناك جولة ثانية .. قد نفهم أن تحظر المناظرة نهائيا ، في الأولى والثانية ، وقد نفهم أن يقرر كل المرشحين أو بعضهم رفض المناظرة المباشرة ، ولكن ما يستعصى على العقل شرحه هو القرار الذي من شاكلة « في الأولى لا ، في الثانية ممكن » .. لماذا تحظر المفوضية المناظرة المباشرة في الجولة الأولى ، خاصة أنها غير محظورة في الجولة الثانية ..؟..أي ، ما الحكمة في أن يكون الخطاب المباشر للمرشح عبر أجهزة الدولة الرسمية « ممنوعا في الجولة الأولى » و « مسموحا في الجولة الثانية » ..؟.. هل من مجيب ؟.. أم ننتظر ، كما لسان حال تشرشل ، موعد العرض الثاني .. ؟