كثير من الفنانين تغنوا لهدية المحبوب لمحبوبته، وكانت الهدية فى ذلك الزمن المنديل لمدلولات يقدرها المحبوب، ولأن المنديل يلازم الحبيب فى كل اوقاته ولا مجال للنسيان، لذلك كان من يريد ان يهدي هدية قيمة كان يهدى منديلاً تطرزه له الحبيبة، وغنى وردى لصلاح أحمد ابراهيم أغنية «الطير المهاجر» «تلقى الحبيبة تشتغل منديل حرير لحبيب بعيد»، وتغنى سيد خليفة بأغنية «يا منديل»، وكانت الصبايا سابقا يتسابقن ويتفنن فى صنع الهدايا، فالمنديل المطرز كان فى قمة تلك الهدايا، وتعبر الفتيات بالحروف على اطراف المنديل تعبيراً عن مشاعرهن، وكان التطريز فناً يميز الفتيات السودانيات فى مرحلة الصبا وقبل الزواج، ومع تغيير ايقاع الحياة اختلفت الهدية، فلم تعد الهدية تصنعها الفتاة بيديها كما كان فى السابق، ولا تحمل الانفعال الذى يشعر به الحبيب، وهنالك فرق بين منديل الحرير المطرز وعلى طرفه حرف منقوش بالحرير، ودبدوب يبتسم فى بلاهة يشترى على عجل من احدى المكتبات او اى كشك على ناصية الشارع. «الصحافة» التقت مجموعة من الناس لمعرفة آرائهم فى نوع الهدايا وقيمتها، والفرق بين الهدايا التى يتبادلها الاحباب بين الامس واليوم. تقول ليلى إن الهدايا تساهم فى توطيد العلاقة بين الناس، وحتى المسؤولين الكبار يتبادلون الهدايا فى ظل توطيد العلاقات بين الدول، وكذلك الاصدقاء، اما هدية الحبيب لمحبوبه فلها طعم خاص وتختلف عن هدية الاشخاص الآخرين، ففى السابق كانت الفتيات يصنعن الهدية بأيديهن، وكان التطريز من اهتمامات الفتاة فى ذلك الوقت، وعندما تريد فتاة ان تهدى هدية قيمة لحبيبها تطرز منديلاً جميلاً بالحرير وتقدمه له فى خفاء وخجل، وتكتب عليه ما تخفيه من مشاعر نسبة لحيائها، لأنها لا تستطيع ان تقف فى وجهه وتغازله كما يحدث اليوم، فهدية المنديل كانت المعبر الوحيد للمشاعر والاشواق، لكن ما بين الأمس واليوم اختلف الأمر، فالهدايا باتت غير المنديل الذى يحتفظ به الحبيب. بينما يقول الطيب بشير إنه يتذكر في سابق الايام عندما اهدته احدى بنات الجيران منديلا أبيض نسج في اطرافه حرف الالف باللغة الانجليزية بخيوط حريرية، ويبين الطيب انه ظل محتفظا بذلك المنديل فترة طويلة من الزمان، ويوضح أن هدايا ذلك الزمان لها وقعها الخاص في النفوس وتدل على قوة الارتباط والوفاء، لافتاً الى هدايا الوقت الحاضر المستجلبة من الصين مضيفا انها باردة لا حياة فيها. ومن جانبها قالت رانيا إنهم فى زمن العولمة والسرعة لا يمكن ان تجلس فتاة فترة من الزمن لكى تحيك منديلاً لحبيب، لأن فتاة ذلك العصر تختلف عن فتيات هذا الزمن، وما على الفتاة حينها إلا أن تجلس فى بيتها لتقضى بعض الاحتياجات ثم تتفرغ الى الونسة والتطريز، لكن هذا الجيل له طموح واهتمامات تختلف كثيراً عن اهتمامات فتيات الامس، وحتى شكل العلاقة بين الحبايب مختلفة، فالآن نجد الحبيب مع حبيبته فى تواصل مستمر وربما يجلسان طوال اليوم مع بعض، لذلك لا توجد مساحة للشوق، وحتى الهدايا بالمناسبات، وهى عبارة عن كروت من الورق أو دبدوب او ورود وغيرها من الهدايا التي تشترى جاهزة من المحلات، مضيفه أن كل الأشياء تغيرت واختلفت باختلاف إيقاع الحياة.