أين هي المناديل القماشية المطرزة بخيوط الحرير بأنامل الحسناوات الماهرات.. كيف يكون غير ذلك.. وهن ورثنها عن الأمهات الأبرع والأروع في اختيار القماش وألوان خيوط الحرير المناسبة، وبذوق فني عالٍ.. هذا المنديل الذي لفت النظر.. وسحر عيون العاشقين.. حتى صار هو الهدية.. التي غني لها المغني: يا منديل محبوبي الغالي يا منديل رسل لي هدية جميلة خلت قلبي يحن ويميل صورة قلب وسهم نحيل في المنديل حرير أبيض مشغول بقطيفة.. يا منديل وفجأة اختفى ذلك المنديل الجميل الأنيق.. ولمعرفة أين ذهب منديل.. الحبيب العاشق.. والخطيب.. والعريس.. تابع استطلاع (آخر لحظة) وسط من يمكن أن نجد عنده الإجابة: الحاجة عوضية قالت: يا سلام على أيام زمان، فالنساء قديماً كن يقمن بتطريز المناديل.. وكان لمنديل العريس أو الزوج عناية خاصة توليها الزوجة عند قيامها بعملية تطريز هذا المنديل.. وتبدأ العناية.. باختيار القماش ولونه.. والخيوط حتى تكون مناسبة ومنسجمة مع خيوط (الشال).. وقد كن يتنافسن في صنعه باعتباره يكمل أناقة الزوج.. ويبين مدى اهتمام زوجته به.. وكان لكل مناسبة منديل خاص.. فهناك مناديل للسوق.. ومناديل للعمل تختلف عن مناديل الأعياد والمناسبات.. فمناديل العمل تكون كبيرة الحجم وقليلة التطريز.. أما مناديل المناسبات الخاصة.. فيتم تطريزها بعناية ويشمل تطريزها كل الأطراف، لذا تستغرق وقتاً وجهداً أطول وأكبر. أما الخالة أسماء ذكرت أنه كان قديماً المرأة الزوجة عندما تريد أن تعبر لزوجها أو لخطيبها عن مدى حبها له.. تطرز له منديل حري، فتقوم بتطريز هذا المنديل بعبارات منتقاة بعناية.. أو رسومات غالباً ما تكون (قلباً) دامٍ كناية عن الحب.. وأحياناً اسماً.. أو حرف المحبوب والمحبوبة، ولقد كان المنديل المطرز قديماً يعتبر أغلى هدية بين المحبين، وقد عبر المغني عن ذلك المنديل ب: رسل لي هدية جميلة.. خلت قلبي يحن ويميل حرير أبيض منقوش بقطيفة.. صورة قلب وسهم نحيل يا منديل العم سليمان مالك ذكر أنه ما زال يحتفظ بمنديل لأكثر من ثلاثين عاماً.. وهو عبارة عن منديل مطرز يحتوي على هلال حوله نجيمات، اهتدني إياه زوجتي بعد عودتي من أداء فريضة الحج.. وأنه كان بالفعل أغلى وأقيم هدية تلقاها طوال حياته.. وما زلت حتى اليوم اتباهى به. ü مهنة اندثرت: إسماعيل مهندس ديكور يقول إن حياكة وبيع المناديل كانت مهنة شائعة قديماً.. ولكن بعد اكتساح المناديل الورقية للأسواق. ونسبة لأنها عملية جداً اتجه نحوها كل الناس، لذا صارت مناديل القماش من المهن المندثرة.. ما عدا في الأرياف والمناطق الطرفية. وختمنا بالأستاذ حسن أحمد نقد متحدثاً عن أثر اندثار مهنة صناعة المناديل وحياكتها.. حيث قال: باندثار حياكة المناديل فقدت الأسرة ممثلة في الزوجة والزوج، لغة العشق والعاطفة والإمتنان والحميمية والسكن.. فلو كان أجيال اليوم من الأزواج يدركون الأثر العاطفي الذي تخلفه (هدية هي المنديل) وإخماده لبراكين الغضب بين الزوج والزوجة.. لعملوا على إعادة هدية المنديل المشغول بلا شك لأنه علاج عاطفي فعال.