بعد ان تمكنت القوات المسلحة من استعادة منطقتي مهاجرية و لبدو،اعربت بعثة الأممالمتحدة بدارفور عن قلقها ازاء أوضاع المواطنين العالقين جراء الاحداث الاخيرة التي شهدتها المنطقتان الواقعتان بمحلية ياسين بولاية شرق دارفور عقب مهاجمتها في السادس من هذا الشهر من قبل قوات حركة تحرير السودان«جناح مناوي»،وتبذل حكومة الولاية والمنظمات الطوعية جهودا حثيثة لتحسين أوضاع النازحين الذين يعيشون ظروفا إنسانية بالغة التعقيد. واعلنت بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور «يوناميد» ان القوات المسلحة استعادت منطقة «لبدو» بولاية شرق دارفور بعد قتال عنيف مع حركة تحرير مناوي، واعربت «يوناميد» عن انزعاجها لمقتل 4 مدنيين واصابة 6 مدنيين يتلقون العلاج في مركز طبي تابع للبعثة في وقت لايزال فيه النازحون يتكدسون حول مقر البعثة،فيما كشف وزير الشؤون الاجتماعية بولاية شرق دارفور عثمان قسم عن تحرير منطقة مهاجرية ،معتبرا في حديث ل«الصحافة» تحرير المنطقتين انجازاً كبيراً يؤكد قدرة القوات المسلحة علي فرض هيبة الدولة في كل ارجاء دارفور . ويشير مستشار الوالي بشرق دارفور صديق عبدالنبي الي ان قوات مناوي بعد ان تم دحرها من مهاجرية ولبدو في 2008 عادت لفرض سيطرتها عليها مجددا، الا ان القوات المسلحة تمكنت من اجبارها علي الخروج في وقت قياسي ،مشيرا في حديث ل«الصحافة» الي ان حركة مناوي ارادت من احتلالها الاخير لمهاجرية تصفية حسابات قديمة ،معتبرا عمليات النهب والسلب التي تعرض لها مواطنو المنطقة من قبل مرافقين لقوات مناوي دليلاً علي ان هدفهم هو تصفية حسابات وليس حل قضية دارفور كما يزعمون ،مبديا خشيته من ان تلقي الممارسات الاخيرة التي تمت بمهاجرية بظلالها علي النسيج الاجتماعي بالمنطقة الذي وصفه بالمتماسك. ويعتبر عبدالنبي ان الدولة اضطلعت بدورها الكامل وهي تعمل علي تحرير المنطقتين ،وقال:حركة مناوي استعملت المواطنين كدروع بشرية وارادت ايضا اجبارهم علي النزوح الا ان مساعيها فشلت ،ويري عبدالنبي ان حركة مناوي تدعي انحيازها لمواطن دارفور الا انها بسلوكها علي الارض تؤكد خلاف ذلك ،معتبرا ان من يريد حل قضية دارفور فعليه الانضمام لوثيقة الدوحة. علي صعيد الوضع الإنساني، دعا رئيس بعثة يوناميد محمد بن تشامباس في تصريحات صحافية جميع الاطراف الى وقف الاعمال العدائية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية فورا الى منطقة مهاجرية بما في ذلك موقع فريق يوناميد، موضحا ان الأوضاع في بلدة مهاجرية لاتزال متوترة على الرغم من الهدوء النسبي وهناك نحو 10آلاف نازح بالقرب من البلدة. واضاف تشامباس «ان حياة الآلاف من المدنيين النازحين، الذين ما زالوا ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية، هي على المحك هنا «،وقال «انني أشعر بقلق بالغ ازاء سلامتهم وأمنهم « ، وتابع «أدعو كل الاطراف الى حماية المدنيين واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني». ورغم تعرض منطقتي لبدو ومهاجرية لاحداث أمنية غير متوقعة الا ان الأوضاع الحياتية باداريات محلية ياسين تشهد استقرارا كاملا كما يؤكد الوزير بشؤون الرئاسة بحكومة شرق دارفور ومعتمد المحلية المكلف الشيخ بلال عبدالله ، الذي كشف في حديث ل«لصحافة» أن الأوضاع الحياتية تمضي بصورة طبيعية باستثناء لبدو ومهاجرية اللتين شهدتا مواجهات مسلحة،متوقعا ان يعود اليهما الاستقرار خلال الايام القادمة ،مبينا ان النازحين من مهاجرية لم يذهبوا بعيدا عنها واستقروا بمناطق عديدة منها الصليعة وابودهب وابوحديد والضيلم ،لافتا الي ان تحركهم يتمحور في توفير الاحتياجات الاساسية للمواطنين المتمثلة في مياه الشرب حيث تم تأهيل عدد من مصادر المياه بالمناطق التي استقروا بها ،ونفي المعتمد المكلف معرفتهم بتفاصيل الأوضاع داخل منطقة مهاجرية اثناء احتلالها من قبل قوات مني اركو مناوي ،ويؤكد علي ان المواطنين اكثر اصرارا علي العودة الي مناطقهم خلال الايام القادمة. وأعرب منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان، علي الزعتري، عن قلقه الشديد ازاء سلامة المدنيين العالقين جراء المعارك الدائرة في مناطق مهاجرية ولبدو في ولاية شرق دارفور بين الجيش ومتمردي دارفور،وقال الزعتري ان حوالي 36 ألفا من المدنيين تجمعوا حول قواعد البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة في دارفور «يوناميد» في هاتين القريتين،مشيراً الى ان التقارير التي تلقتها الأممالمتحدة تفيد بتفشي الاسهال بين الأطفال الذين يحتاجون الى مساعدة عاجلة وفورية. واوضح الزعتري في تصريحات صحافية ان المنظمات الإنسانية غير قادرة حاليا للوصول الى هؤلاء المدنيين المتضررين في مهاجرية ولبدو أو التحقق من أعدادهم وحالتهم على وجه الدقة ،واضاف «ومع ذلك فان أكثر من 300 شخص من الذين وصلوا الي مخيم للنازحين بالقرب من الضعين، عاصمة الولاية، يتلقون المساعدة العاجلة وبامكانهم الوصول الى مصادر المياه و المرافق الصحية الموجودة». وحض الزعتري جميع الاطراف على السماح بايصال المساعدات الإنسانية فوراً للمدنيين العالقين خاصة النساء والاطفال والعجزة، وتمكين الفرق الإنسانية من تقييم حالة كل المدنيين المتضررين وتزويدهم بامدادات الاغاثة الضرورية. وحث المسؤول الأممي الحكومة وحركة مناوي على تحمل مسؤولياتهما الإنسانية تجاه السكان المدنيين ،مؤكداً وجوب السماح للمدنيين بالتحرك بأمان خارج المناطق المتأثرة تجنباً لوقوعهم ضحايا للصراع العسكري بين الطرفين. من جانبه يشير وزير الشؤون الاجتماعية بشرق دارفور عثمان قسم حسن قاسم الي ان النازحين حسب تقارير مفوضية العون الإنساني يتمركزون في اربعة مواقع ،مبينا في حديث ل«الصحافة» عن ان عددهم يبلغ 20 ألفا ،9 آلاف منهم استقروا حول مهاجرية و6 آلاف نزحوا من لبدو واستقروا بمعسكر ابوحديد،كاشفا عن وصول 1265 نازحا الي معسكر النيم بالضعين ،وقال:وضعت حكومة الولاية والوزارة بالتعاون مع المنظمات برنامجا يهدف لايصال المعينات اللازمة للنازحين في المناطق التي يتواجدون فيها ،وكان من المأمول تقديم مساعدات إنسانية الي القاطنين بلبدو ومهاجرية الا ان الظروف الأمنية حالت دون ذلك ،ولكن بعد تحريرهما ستتوجه المنظمات اليهما،وقال ان الجهود التي بذلت خلال الفترة التي اعقبت الأزمة اثمرت عن توفير موارد مياه للنازحين بثلاث مناطق استقروا بها ابرزها الضيلم وابوحديد ،واضاف:سينفذ برنامج الغذاء العالمي اعتبارا من اليوم مشروعا يهدف لتوزيع معينات إنسانية للنازحين من المنطقتين الذين استقروا بمعسكر النيم بالضعين وذلك لمدة شهر كامل،كما ان حكومة الولاية ستعمل خلال الايام المقبلة بالتعاون مع المنظمات علي توفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين داخل لبدو ومهاجرية، متوقعا ان تشهد الاحوال الإنسانية تعافيا وانفراجا وشيكا خلال الايام المقبلة.