مليشيا محمد حلفا!!    الأمل يدشن الإعداد تحت إشراف منعم تيه وأبوبكر شريف    القوز يتوج بطلاً للسوبر بعد فوزه على اتحاد الشرطة بثنائية مثيرة بأبوحمد    شاهد بالصورة والفيديو.. تحت حراسة أمنية مشددة.. ظهور الرئيس السابق "البشير" وهو يتمشى في الشارع العام ويتفقد المناطق المتضررة من السيول والفيضانات بمقر إقامته بمروي.. تعرف على الحقيقة والتفاصيل كاملة    القنصلية السودانية بأسوان تحتفل بأولى الشهادة السودانية    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    ( "لينتي" كفكفت من عيني دمعات الليالي وجدتُ نفسي غارقا في الحب عاشقاً، محباً ومُريدا).. شاهد ماذا كتب العريس أحمد العربي لزوجته لينا يعقوب في أول يوم لهما بعد نهاية حفل زواجهما الأسطوري    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المريخ يرحب بإقامة قمة في بنغازي تكريما للجمهور السوداني    جبريل ابراهيم يلتقي نائب رئيس الوزراء الروسي    شاهد بالفيديو.. الفنانة السعودية زينة عماد: (أحييت حفل في الخرطوم حضره 5 ألف شخص وأحدهم قال لي أنك سودانية وهذا إطراء حلو)    شاهد بالصورة.. حسناء الشاشة السودانية تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زواج "أحمد ولينا"    شاهد بالصورة والفيديو.. أثناء جلسة إعلان ثياب سودانية.. مصور يشبه عارضات أزياء حسناوات بكلاب "الليدو" وإحداهن تنفجر في الضحكات وترد عليه: (قل هو الله أحد)    أسطورة ليفربول مهاجماً صلاح: يجب رميه في الدكة    في الثالثة صباحًا.. الجيش السوداني يعلن إحباط محاولة تسلّل    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    رسميًأ..شركة طيران تعلن استئناف رحلاتها من مطار الخرطوم    مصرع أمير قبلي بغارة جويّة في السودان    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ما زال قائما    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    بعضهم يعتقد أن الجيش يقصف بالمنجنيق    الرؤية الاستثمارية الاستراتيجية: تحول الاتحاد إلى مؤسسة رياضية اقتصادية متكاملة    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    أسعار الذهب إلى أين؟    بعد 6 أسابيع.. ديمبلي يخفف أزمة إنريكي    الشمالية تدشن قافلة لإعمار الخرطوم    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    بعد أدائه القسم في «الشيوخ».. ياسر جلال يستعين ب مشهد كوميدي ل «مرجان أحمد مرجان»    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    عرض قدمه بوتين لترامب.. "إنهاء حرب أوكرانيا مقابل هذا الطلب"    ميسي يسجل هاتريك ويتوج ب"الحذاء الذهبي"    جواز السفر لم يعد حلما.. أميركيون يتخلون عن جنسيتهم    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    القبض على الفنانة عشة الجبل    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    محل اتهام!!    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعث.. ماذا وإلى أين؟
نشر في الصحافة يوم 11 - 05 - 2013

د. بكري خليل: كثرت تساؤلات المهتمين عن «احزاب البعث» في السودان، وعما ان كانت هنالك مبررات حقيقية تحول دون وحدتها في هذا الوقت الذي يواجه فيه البعثيون تحديات جدية لا قبل لهم بها.
وما يرسم المزيد من علامات الاستفهام هو السؤال عن قدرتهم على الاضطلاع بدورهم في دفع الاوضاع الوطنية الى الامام، وكذا امكانيتهم في تقديم اجابات شافية لما تطرحه عليهم الاحداث الجارية في العمق العربي، وتفسير المتغيرات التي تشق طريقها وتدق ابواب الاقطار العربية الاقرب تاريخياً وجغرافيا الى بلادنا.
وفي هذا السياق الحافل بهمومه ومشاغله، جاءت وجهات نظر متصلة بتلك التساؤلات، مثل تلك التي حملها مقال د. بكري خليل «البعث وآفاق المستقبل» المنشور في صحيفة «الصحافة» الغراء بتاريخ 9/4/2009م، وما كتبه المهندس محمد وداعة في نفس الصحيفة بتاريخ 25/7/2012م بعنوان «لقاءات البعثيين» الذي حث فيه بعض المعنيين ومنهم كاتب هذه السطور، للادلاء برأيه في ما ينبغي ان يقال بهذا الخصوص.
وان كان «لا بد للشهد من إبر النحل» فسوف يعنوِّن الكاتب حلقات اربع تحت سؤال رئيس وعناوين فرعية يعرض فيها الجانب التنظيمي الذي سكت عن الخوض العلني فيه، متوخياً ما امكن تقديم قراءة موضوعية ناقدة تخدم اغراض نشرها.
فتجديد الحديث عن «أحزاب البعث» في السودان يصبح واجباً يتوخى المساهمة في تعزيز العمل الوطني والتأكيد على دور البعث في منعطف مصيري يمر به السودان هو اشبه بمخاض جديد للمستقبل، يستدعي عطاءً أرفع، وافقاً للرؤى اوسع، نحسب ان البعث بايمانه واخلاصه مازال قادرا على خوض غماره وتحمل اعبائه إن استطاع مصالحة ذاته وتجاوز خلافاته.
غير ان ادراك التجاوب مع داعي التوحيد لا يتحقق لمجرد وضوح الحاجة والحاح الظروف، فلا بد من دفع ثمن الانتظار دون ان ندعه يطول.
وكلنا يعلم ذهن الانقسام الجمعي المكابر الذي تأخذه العزة بآثام الفرقة والخصومة، ليظهر ما لا يبطن، فلا يعارض صراحة ضرورات الالتئام وكأنها ملف قابل للاغلاق بمرور الوقت.
وعلى الرغم من التشويش لصرف الانظار وصم الآذان عن دعوات الحوار، فإن القواعد المخلصة تتطلع بطبعها الى وحدة التنظيم وترنو اليها تحت ما أصاب الحزب من جذر وذبول.
فاليقظة المتأصلة في الاطارات الوسيطة والبنى التنظيمية التحتية هى الضمان الاولى وشبكة الامان التي تقي من الانجرار في لعبة الالتفاف والتسويف التي تسعى اليها ارادة الشقاق بشتى صنوف التعبئة الداخلة المنحرفة.
وعلى اهمية المراهنة والايقان بجهاز المناعة والبصيرة النافدة لدى عموم البعثيين، فإن اول شروط تجاوز هذه الوضعية الاستثائية هو تفكيك التصورات والآراء التي ترمي بالانقسامات في مصائد الغفلة والإثارة الفارغة والتثقيف التناحري.
فكل المعالم المشار اليها هو من نوع الممارسات التي تجعل الفرقاء لا يشعرون بأنفسهم او يحققون ذواتهم الا عبر معاداة الآخرين والاستبداد بالرأي.
ومن محاسن الاوضاع الحالية بكل تعقيداتها، انها اتاحت مجالاً رحباً لاستقراء المسار الفكري والسياسي والتنظيمي للبعث وبدرجة من الوضوح مع غروب «شمس الحكم» إذ أصبح افق العودة النصوحة للجماهير سالكاً، وغدا الخلاص من غشاوات مرحلة الحكم لحوالى نصف قرن حقيقة معاشة على كل الصعد.
فقد بلور عصر السلطة مفاهيم غاصت في صميم الممارسة وكأنها تحولت إلى منطلقات ملازمة للتجربة التنظيمية بدرجة ظن بعض البعثيين انها نابعة من صلب عقيدتهم وتجسد اصولها وثوابتها الفكرية، بينما هي في الحقيقة مجرد عادات رسختها التجربة.
وفي فسحة الأمل بمراجعات، ما يدعو إلى القاء نظرة نقدية متأنية للماضي السلطوي والتراث الآحادي، لابتدار نقاش نزيه عن الفئوية الضيقة والمجادلات العقيمة، لتقييم الحقبة السابقة، والتنقيب عن بقاياها التنظيمية ذات الأثر السالب في واقع البعث، والماثلة في خبراته حتى الآن.
فانزياح السلطة السياسية عن كاهل البعث، دافع معجل لاحلال وسائل بديلة، تعزز نموه واعتماده على ذاته، بل يعيده الى طريق صاعد.
فمجرد تخلص البعث من ازدواجية الحكم والمعارضة، سوف ينهي حالة الانفصال المربكة التي طالما عانى منها البعثيون جراء وضع حزبهم السياسي الذي ظل واقعهم يبطل امكانية وضع الصيف والشتاء على سطح واحد على مستوى الوطن العربي. فتحررهم من ضواغط تجربة الحكم، انما تشكل حقبة متجددة يستعيدون من خلالها ارتباطهم الحاسم بجذوره الشعبية ومبادئهم الديموقراطية التي غطت عليها مرحلة السلطة الشمولية.
كما أن قسماً مقدراً من مشكلات النمو والانشطارات المتوالية، كان مصدره خضوع التنظيمات الناشئة لمؤثرات وتقاليد لا علاقة لها بالحاجات الطبيعية لتطورها خارج دائرة السلطة السياسية.
ويفترض العرض اللاحق ان تلك المؤثرات قد افسدت سلامة الجدل الداخلي وصفاء العلاقات التنظيمية، كما طوقت حيوية الآراء بالشك والترصد وارباك مفاعيلها بالتشخيصات الخاطئة التي ادت الى معالجات قهرية بالعزل والابعاد كانت ترصف الطريق الملكي للانقسامات.
فاستعارة أساليب الدولة التي تسللت الى تقاليد الحزب قد أعادت انتاج التدابير التي تتخذها الدولة في معالجة علاقتها بالمجتمع بكل ما يسود سلطتها السياسية من اجراءات أمنية ويشوبها من هواجس الحفاظ على قوة مواقع القرار واحكام قبضتها، ووصولاً كما حدث في ظل النظم البعثية الشمولية الى عسكرة الحزب والمجتمع.
وهكذا فإن ادراك الفجوة بين آليات التنظيم وتقاليده في كلا الحالين «في السلطة وخارجها» هو المقدمة المنهجية للتعرف على ما اصاب المنظومة التربوية والادارية للتنظيم الحزبي والتي سادها التشدد ورهاب الارتداد على المبادئ، والتمرد على القيادات، اي انها اصيبت بعدوى الدولة الامنية وحلت ملاكات الحزب العليا كبيروقراطية مقلدة لعقلية المؤسسات الرسمية فاضاعت المشيتين، مشية الحزب، ومشية الدولة التي هي ليست من طبيعة الحزب.
ومن البديهي أن يتفاقم الامر بين الفرقاء في السباق على استخدام وسائل الضبط بالتناسب مع بلوغ الخلافات والتوترات الى مستوياتها الحدية ومن ثم الافتراق.
وعليه فإن فهم الدوافع اللاوعية والخفية للسلوك الانقسامي غير المألوف يوجب النفاذ الى الطبقات الغائرة في التراث الآحادي والماضي السلطوي الذي تقلبت فيه المؤسسة الحزبية والتي ظلت تدار على غرار دواوين الدولة واحياناً تقلدها تماماً في بعض المفاصل.
فإن دققنا في التمنع عن الحوار وصد الموقف التوافقي، نجد ثلاث مقولات يعبر كل منها عن احد تنويعات التراث السلطوي التى يراد بها القطيعة مع الآخر واستهداف الاجتثاث النهائي له على شاكلة داحس والغبراء.
تلك المقولات هى الالتزام والانضباط، والشرعية الحزبية، والوجود التنظيمي، والتي يتم تأويلها لتخدم النهج الانقسامي.
المقولة الاولى، وهى الالتزام والانضباط الحزبي والذي يعني ان الآخرين خارجون عن سواء السبيل، فهم إما مرتدون او مطرودون او مفصولون لا ينبغي التحاور معهم، وليس لهم من الحق شيء سوى العودة الفردية بعد نقد ذواتهم ان رغبوا على ان يُنظر في امر انصياعهم بعد ذلك رفضاً او قبولاً.
والمقولة الثانية، وهى الشرعية، ويقصد بها ان هذا الطرف او ذاك هو الحامل لصفة البعث، وليس واردا الاعتراف بغيره كجزء من الحزب او التعبير عنه، فمن لا شرعية له ينبغي اقصاؤه ونبذه عن اية حسابات تتصل بالبعث.
اما ثالثة المقولات فهي الوجود التنظيمي، ومفادها ان هذه الجهة او تلك لا تمتلك ثقلاً جديراً بالاعتداد، فهي محدودة وتستحق الاهمال مهما غردت خارج السرب، فلا معنى ولا فائدة من التقارب والتوافق معها.
وأياً كانت هذه المقولات، فهي قناعات عند اصحابها مهما كانت حصتها من الانفعال او نصيبها من الصحة والوعي، يستحسن ان تفحص بروية حتى يتبين مدى اتساقها مع معايير المبدئية والمقاصد، ومدى تماسكها في حد ذاتها بوصفها خطاباً ذا غايات.
«نواصل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.