لا بد من توجيه بسيط قبل الخوض في هذا الموضوع، فقد أصبت بوعكة صحية لا اقول خفيفة، لأن اخواتها ومثيلاتها لم يقعدنني عن كتابة حديث الاربعاء الا في الاسبوع الفائت، وقد ارسلت اعتذاراً مع ابني للمحرر المسؤول، ولكن يبدو لي أن الابن محمد لم يبلغ إدارة التحرير باعتذاري الذي أرسلته. ولنعد إلى موضوع الأسبوع.. جاء في صحف الاثنين ان اتحاد المزارعين قد نبه في وقت مبكر، واعتبر اتحاد مزارعي السودان أن بعض الارادة السياسية وراء تراجع برنامج النهضة الزراعية، وفي مؤتمر صحفي عقده يوم الاحد الماضي حمَّل رئيس اتحاد المزارعين الجهاز التنفيذي مسؤولية ذلك، محذراً من أن يؤدي هذا الأمر الى فشل البرنامج، وأعلن عن تمسك قطاع المزارعين بالنهضة، مبدياً رغبته في الجلوس مع اية جهة لجرد الحساب ومواصلة الحديث عن البرنامج دون إحداث التحول والتغيير. وأرجو ألا نفوت حديث رئيس اتحاد المزارعين دون مناقشته مناقشة ايجابية، لأن القصور والتعثر الذي لازم هذا الموسم كما يرى رئيس الاتحاد هو قصور محدود ومرصود، لأنني بحكم عملي السابق واهتمامي كنت أناقش ذلك مع الإخوة الذين يتكرمون على بزيارات متصلة تغطي تقريباً كل أنحاء المشروع، ولم يخل موسم من المواسم السابقة من ذلك، ومن خلال خمسة أو ستة مواسم، وكانت المعلومات التي تصلني من معظم المناطق تتحدث عن وجود حالات من العطش او التحضير للمحصول، وللأسف الشديد كانت حالة الأغلبية من المزارعين الذين اوكلوا امرهم الى الله، وكنا نسمع عن إنتاجية ضخمة في مختلف المحاصيل تظهر الجزيرة بمظهر المشروع الذي حطم كل الإنتاجيات السابقة، وواقع الحال يقول إن الانتاجيات العالية دائماً ما يحصل عليها المزارعون المقتدرون الذين يوفرون للمحصول مدخلاته، أما الاغلبية العظمى من المزارعين فقد كانوا يجأرون بالشكوى من العطش أو عدم اكتمال الجهاز التنفيذي التحضير له، وقد كانت الانتاجية تروح في زحمة هذا الزخم، بينما واقع الحال يعكس أن هذه الانتاجية التي تعلن من وقت لآخر هي لقطاع مقتدر كان دوماً وابداً يحصل على مثل هذه الانتاجية نتيجة للقيام بالتحضيرات المطلوبة حسب الامكانات المطلوبة. إن النظام الذي كان متبعاً في الجزيرة كان يفرض على الإدارة أن تتولى مسؤولية معرفة الانتاجية من متوسط الانتاجية للفرد، ولا مجال للموسرين من الزراعيين، أي بمعنى آخر فإن الإنتاجية كانت تضرب بمستوى إنتاجية كل مزارع على غرار التفتيش، وكانت دائماً النتائج تعطي إنتاجية في التفتيش او القسم او الجزيرة والمناقل، وبهذه الطريقة كنا نضمن دقة في الإحصائية الزراعية والمعلومات التي تضعها، وهو أمر حيوي وضروري، لأنه على مستوى هذه الإنتاجية كانت تضرب الميزانيات والخدمات للمشروع وللسودان. وبقيت هناك كلمة لا بد أن نقولها، وهي أن برنامج النهضة الزراعية وضعه وأصدره الأخ النائب الأول في محاولة لدفع القطاع الزراعي، ولكن وللأسف الشديد فإن هذا البرنامج لم يجد ما يستحقه من اهتمام، علماً بأن السيد النائب الأول أبدى اهتمامات مقدرة، والجميع يشعر بأننا جميعاً كان يجب أن نعاونهم في هذا الأمر حتى تنعم البلاد بالتنمية والتقدم والازدهار في مجال الزراعة. الذين يعبثون بالتقدم العلمي: تكررت في الآونة الأخيرة حوادث اللصوصية والنهب التي يقوم بها بعض الشبان مستغلين ثغرات في بعض بيوت العلم الحديث، وقد تعرضت أنا كما تعرض الكثيرون غيري إلى سرقات لا تخلو من تعقيد تعود على هؤلاء اللصوص بعوائد مادية شائكة وصعبة الحصول عليها، اذ درج بعض الشبان من خارج السودان على ان يسرقوا بعض الأرقام ويحصلون على عوائد مادية، وكما اسلفت فأنا من اوائل الناس الذين اشتركوا في شركة «زين» منذ تأسيسها حتى يومنا هذا، وقد لاحظت ان هناك كثيراً من الأرقام الغريبة تسجل في تلفوني، وكنت اسأل عن هوية هذه الأرقام، وللأسف الشديد اخذت اسمع أصواتاً نشازاً وعديمة الحياء وفاقدة الادب، وكنت أسجل هذه الارقام واتصل بشركة «زين» التي أنبأني احد موظفيها بأن هذه عصابات الموبايل، وهي عصابات نشطة، وقد سجلت كل الأرقام التي تتصل بي وأبلغت ابناءنا في شركة «زين» بذلك، إذ إن هذه اللعبة كلفتني كما كلفت غيري الكثير قبل أن اعرف حقيقتها. والواقع أن العبث بالمكتسبات العلمية الحديثة ظاهرة اخذت تنمو وتعمل في مجالات عدة من أجل نهب وسرقة اموال المواطنين، وصدقوني ان ذكرت لكم أني وصلت الى درجة من اليأس جراء هذه الاتصالات غير الأمينة، ولا بد لي من مخاطبة المدير العام لشركة «زين» بهذه الأرقام التي تستهدف عدة مواقع تابعة لشركة «زين». مصفوفة اتفاقية التعاون المشترك مع جوبا: كنا قد رحبنا بالاتفاق الذي تم بين الرئيسين عمر البشير وسلفا كير، ولم يكن ترحيبنا ترحيباً مطلقاً بقدر ما نبهنا الى ضرورة التعامل مع هذه المصفوفة بالحذر الشديد، لأننا كنا نلمس في داخل السودان وفي داخل الجنوب عناصر لا ترضيها قضية السلام، لا سيما أنها قد اعتادت على الأجواء العكرة والعيش فيها ولا يخافون الله في وطن أو شعب. وها نحن اليوم نشهد وبأسى وأسف شديد هذه العناصر تتحرك بشدة لخلق الجو الذي يمكن أن تعيش فيه، وأنا أناشد الرئيسين الأخوين عمر البشير وسلفا كير أن يتيقظا، لأن مسؤولية جمهورية السودان وجمهورية الجنوب هي مسؤولية سيسألان عنها عبر التاريخ، وإن فرطا فإن العواقب الوخيمة التي تنتظر البلدين واضحة أمام كل ذي عينين. وأرجو مخلصاً أن تتعاون العناصر المساعدة للرئيسين للمساعدة في هذا الأمر. كلمة لا بد منها: في مؤتمر صحفي عقده السيد أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان عن امكانية حدوث محادثات بين الحكومة والجيش الشعبي قطاع الشمال، ذكر الاستاذ أن المفاوضات مع قطاع الشمال فيها تخذيل للجيش السوداني، وهذه هي المرة العاشرة التي اكتب فيها عن قطاع الشمال، واعتقد اعتقاداً جازماً ولم أقل ان كلمة قطاع الشمال وكنت أصر دائماً على أن تسمية قطاع الشمال فيها خذلان لكل أهل السودان وليس جيش السودان. وقبل أن أختم هذا الحديث، أرجو أن أشيد بقوة وشجاعة الجيش السوداني والجميع يدخره لمعارك قادمة. والله الموفق.