الخرطوم: صديق رمضان: نجمة الإنجاز التي منحها رئيس الجمهورية لمدير شركة السكر السودانية وقتها المهندس مهدي بشير قبل سنوات، كانت بمثابة شهادة رفيعة التقدير من قيادة الدولة العليا طوقت بها جيد كل عامل بهذه الشركة العملاقة، ونجمة الانجاز تلك كانت اعترافاً رسمياً من قيادة البلاد بأن هناك تطوراً وانجازاً كبيرين في شركة السكر يستحقان الاشادة والتقدير، فمصانع السكر التابعة للدولة صمدت في وقت شهدت فيه 90% من مؤسسات مرافق القطاع العام انهياراً كاملاً بداعي تضارب سياسات الدولة وانتهاجها للخصخصة مسلكاً، وصمود مصانع شركة السكر في وجه العاصفة لم يأت من فراغ بل نتيجة للاستراتيجيات التي وضعتها ادارة الشركة ونفذها العاملون في المصانع بوطنية وتجرد، وكذلك الحال في بعض المصانع مثل شيخها مصنع الجنيد الذي تجاوز طاقته التصميمية التي تبلغ 60 الف طن، محققاً رقماً قياسياً غير مسبوق بلغ 95 الف طن من السكر، ووصلت فيه انتاجية الفدان الى 45 طناً وهو من الارقام القياسية العالمية بحسب خبراء من البرازيل. وقبل التعرف على انتاج مصانع الشركة من السكر الذي ظل يشهد تصاعداً عاماً بعد آخر حتى وصل الى «355» الف طن، تشير اوراق هذه الشركة الى ان اصولها تتجاوز المليار دولار، وتضم مصانع الجنيد، حلفاالجديدة، سنار، وعسلاية، وتمتلك خمس وحدات مساعدة تتمثل في المسبك المركزي، وحدة خدمات السكر وتصدير المولاص ببورتسودان، مصنع الجوالات البلاستيكية بعسلاية، المركز القومي لتدريب العاملين بسنار، ووحدة أبحاث قصب السكر بالجنيد. وتوفر المصانع ووحداتها المساعدة الخمسة بالاضافة الى رئاسة الشركة بالخرطوم فرص عمل لخمسة آلاف عامل وموظف في الخدمة المستديمة، وعند بداية موسم الانتاج بالمصانع في شهر نوفمبر من كل عام يرتفع العدد الى خمسة عشر ألف عامل. ومن الارقام الجديرة بالتأمل التي تؤكد التطور الكبير الذي ظلت تشهده الشركة، أن الطاقة التصميمة لمصنع سكر الجنيد الذي تم انشاؤه في عام 1962م تبلغ ستين الف طن، فيما وصل المصنع بانتاجه متخطياً طاقته التصميمة الى الرقم 94 الف طن، اما مصنع حلفاالجديدة فتبلغ طاقته التصميمية 75 الف طن، الا انه ورغم مشكلات الري التي واجهته في المواسم الثلاثة الاخيرة وتم تجاوزها فقد وصل ايضا الى انتاج تسعين الف طن في العام، وقريباً منه مصنع سكر عسلاية الذي تبلغ طاقته التصميمية 110 آلاف طن فقد تمكن من الوصول الى محطة 97 الف طن، اما مصنع سنار فتبلغ طاقته التصميمية ايضا 110 آلاف طن ووصل الى حاجز التسعين الف طن، وخلال السنوات العشر الاخيرة بلغ إنتاج المصانع الاربعة ثلاثة ملايين طن من السكر، وتوفر الشركة 30% من حاجة البلاد من السكر البالغة مليوناً واربعمائية الف طن في العام، وبحسب الخطة التوسعية التي وضعتها الشركة «قبل تفكير الدولة في الشراكة» من المتوقع ان يصل الانتاج الى 600 الف طن بحلول عام 2016م، وكل المعطيات كانت تشير الى امكانية الوصول الى الرقم المستهدف. ومن الاسباب المباشرة لتطور شركة السكر السودانية وتميزها حتى على شركات القطاع الخاص، اتباعها الكثير من الاستراتيجيات ابرزها تأهيل الكادر البشري، حيث تمتلك مركزاً لتدريب العاملين تم تأسيسه في عام 1975م، ويهدف الى رفع مستويات العاملين وتأهيل ورفع المستويات الاشرافية، وبداعي التدريب العالي الذي يحظى به العامل بمصانع السكر فقد بات مرغوباً فيه من قبل المصانع المشابهة. ووصلت الشركة إلى أعلى مراحل التطور، وذلك حينما قامت بانشاء مصنع لصناعة الجولات بعسلاية يبلغ انتاجه 18 مليون جوال «سعة خمسين كيلوجراماً» في العام، ويعتقد خبراء في السكر ان من اهم اسباب ارتفاع انتاجية الفدان ونسبة استخلاص السكريات بالقصب تعود الي وجود محطة ابحاث علمية ومتطورة يقوم على رأسها افضل العلماء في البلاد، حيث تعمل على استنباط عينات القصب ورفع كفاءة التقانة الزراعية وغيرها من مهام. ومن الوحدات المهمة التابعة لشركة السكر مسبك الخرطوم المركزي الذي يوفر قطع الغيار للمصانع ووصلات أسلاك الكهرباء، كما يوفر قطع غيار مصانع النسيج ومطاحن الغلال. ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور عثمان عبد الدائم أن مصانع السكر التابعة للدولة نجحت في اثبات خطأ سياسة الخصخصة التي انتهجتها الحكومة خلال العقدين الاخيرين، وذلك لأنها تطورت في وقت انهارت فيه كل المرافق التي تمت خصخصتها او اخضاعها للشراكة، وقال في حديث ل «الصحافة»: «إذا كانت الدولة تريد رفع الإنتاج كما تدعي فعليها أن ترفع يدها عن عائدات شركة السكر التي تمتلك امكانات مادية مقدرة تمكنها من التطور نحو الافضل»، وأبدى خشيته من تعرض المصانع التي تعود ملكيتها الى الشعب السوداني للدمار إذا مضت الدولة في خططها الرامية إلى خصخصتها او ادخال شركاء، وختم حديثه قائلاً: «لماذا نتعمد دائماً تحويل النجاح إلى فشل؟».