تقرير: صديق رمضان: في وقت ظلت فيه الحكومة تؤكد رفضها القاطع لمجرد الحوار حول طرح المعارضة المتعلق بالفترة الانتقالية والحكومة القومية ،مستندة علي شرعيتها التي اكتسبتها عبر انتخابات 2010،جدد تحالف المعارضة دعوته للحكومة بقبول مقترحه،وذلك تجنبا لسيناريو تشظي السودان الى دويلات. وقال عضو تحالف المعارضة صديق يوسف في مؤتمر صحافي في الخرطوم امس ،ان الحكومة مطالبة بالقبول بمقترح الفترة الانتقالية وتكوين حكومة قومية لانهاء النزاعات المسلحة، مشددا على ان عوامل الخروج من الازمات الوطنية المتلاحقة لن تتحقق في ظل استمرار المؤتمر الوطني على سدة الحكم ،وقال ان ورقة البديل الديمقراطي حوت حل كافة مشاكل البلاد بمافيها المناطق المتنازع عليها مع جنوب السودان خاصة قضية ابيي. وفي المقابل وقبل 72 ساعة فقط من تجديد المعارضة طرحها امس ،اوصد امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني البروفسير ابراهيم غندور الباب تماما امام مطالبة المعارضة بتكوين حكومة قومية او انتقالية ،ولم يكتف الغندور بالرفض ،بل مضي بعيدا في التأكيد علي ان حزبه لن يستجيب لمقترح الحكومة القومية ،وذلك حينما نصح احزاب المعارضة بالاستعداد للانتخابات القادمة التي اكد قيامها في مواعيدها عام 2015 ، مشيرا الي ان المؤتمر الوطني ظل يستعد لها منذ فترة طويلة. ورفض الحزب الحاكم القاطع لمقترح الحكومة القومية وضح جليا ، حينما دعا حزب الامة الي تشكيل حكومة انتقالية برعاية الجيش بعد انتهاء فترة الرئيس عمر البشير في 2015 ،ورغم ان حزب الامة القومي ارجأ الحكومة الانتقالية الي مابعد نهاية الدورة الانتخابية للبشير وليس الان ،الا ان المؤتمر الوطني اعلن رفضه التام لهذا المقترح ،معتبرا ان في ذلك «ردة سياسية «،ورأي الحزب الحاكم وقتها انه يسير بخطوات جيدة في اتجاه تطوير العمل السياسي. وعلق القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي علي مقترح الحزب الذي احرز اعلي اصوات في انتخابات 1986، بقوله «كنا ننتظر من حزب الأمة ان يخرج علينا بمقترحات تدفع العمل السياسي، ولكنه يريد ان يرجع بنا الى دائرة الانقلابات العسكرية وعسكرة السلطة»،وتابع «حزب الأمة كمن يود قطع الشجرة بعد اثمارها». وقال أمين العلاقات الخارجية بحزب الأمة نجيب الخير عبدالوهاب مفسرا مقترح حزبه في تصريحات صحفية « ان المؤتمر الوطني يجب الا يرث المكاسب السياسية التى نتجت عن ثورة الجيش عام 1989،وأضاف « ، نرى ضرورة تشكيل حكومة انتقالية تحترم الاتفاقيات التي تعزز التحول السلمي الديمقراطي وتعد لانتخابات حرة ونزيهة ، يعقبها تشكيل جمعية تأسيسية تعد لدستور جديد». مقترح الحكومة القومية الانتقالية جرى على لسان كل القوى السياسية المعارضة خلال الاعوام الماضية،ابرزها حزب الامة والاتحادي الاصل اللذان بادرا بطرح هذه الفكرة في كل المباحثات التي جمعتهما بالحزب الحاكم ،ومع تطور وتصاعد الاحداث بالبلاد ،مضت القوي السياسية المعارضة علي خطي الحزبين الكبيرين،بل حتي الاتحادي الاصل مايزال يطالب بفترة انتقالية وحكومة قومية رغم مشاركته في السلطة ولكن لماذا تصر المعارضة علي ان تكون هناك فترة انتقالية يصاحبها تكوين حكومة قومية؟. الاجابة علي هذا السؤال اوضحها من قبل رئيس التحالف المعارض فاروق ابوعيسى عن تلك المطلوبات في تصريح ل» الصحافة»،حيث شدد من خلاله على ضرورة الاتفاق على حكومة قومية تكون أولى مهامها وضع دستور دائم للبلاد والترتيب لانتخابات حرة ونزيهة يختار الشعب من خلالها من يريد. الا ان الحزب الحاكم ظل يؤكد بأن باب المشاركة في الحكم مفتوح علي مصراعية لكل الاحزاب ،واكد قادته في اكثر من مناسبة انهم دخلوا في حوارات مع القوي السياسية بما فيها المؤتمر الشعبي للوصول الي صيغة تفاهمية ترضي كل الاطراف وتخرج بالبلاد من اوضاعها الراهنه. ويعتقد الحزب ان دعواته المتكررة لاحزاب المعارضة للمشاركة في وضع دستور تقابل بالرفض ،وان المعارضة هدفها ابعاد الوطني عن السلطة بأي ثمن . وقريبا من هذا ،يؤكد نائب رئيس الحزب الحاكم نافع على نافع ان المعارضة الداخلية لاتستطيع ان تعيش الا في كنف غطاء عسكري، وقال انها كانت في السابق تعمل من وراء الحركة الشعبية ،وانها الآن ارتمت في احضان الجبهة الثورية لانها مغلوبة على امرها وليست لها حيلة لعجزها عن تحقيق سياستها،وقال نافع ان الحوار عند المعارضة لايعني الا تفكيك الحكومة وتحقيق احلامها في الوصول الى الحكم. وأكد ان الحوارات السابقة مع المعارضة لم تصل الى غاياتها لهذا السبب«،وقال» هم يريدون ان نصفي انفسنا بأيدينا وحين يعجزون عن ذلك يقولون ان الحوار مع المؤتمر الوطني لن يأتي بجديد». وتقول القيادية في الحزب الناصري ،انتصار العقلي، ان الحكومة القومية بمفهوم المؤتمر الوطني ليست بمخرج وبالتالي فهي مرفوضة من قبل القوى المعارضة، مشيرة الى ان المعارضة السياسية تطالب بفترة انتقالية مهامها الاساسية وقف نزيف الحرب وبسط الحريات والدعوة لمؤتمر دستوري يمهد لانتخابات نزيهة ومن بعدها وضع دستور جديد من خلال الاجهزة المنتخبة، وتضيف للصحافة « هذه الرؤية المتفق عليها ولا نرغب في حكومة تساعد على استمرار النظام». السؤال.. ماذا اذا تمترست الحكومة خلف شرعية انتخابات 2010 ورفضت مقترح قوي المعارضة؟. يجيب الامين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر ان الثورة الشعبية ستكون خيارهم ،ويري في حديث ل(الصحافة) ان ممارسة الضغط علي الحكومة من اجل قبول فكرة الفترة الانتقالية والحكومة القومية ستكون عبر الكفاح السلمي ،وشدد عمر علي انهم لايريدون ان يشهد السودان تكرار النموذج الليبي الذي تتبناه الجبهة الثورية ،ويعتقد ان خروج السودان من ازماته الراهنه لن يتم الا عبر حكومة قومية. لكن استاذة الصحافة بكلية أم درمان لتكنولوجيا الصحافة والطباعة،الدكتورة بخيتة أمين، ترى ان البلاد الان بحاجة ماسة لحكومة تكنوقراط تعمل لعامين او ثلاثة وفق خطة اسعاف عاجلة ومدروسة ، في ذات الوقت،على ان يقع في قلبها اقرار السلام ونزع فتيل الحرب. ولا تعتقد بخيتة بتباعد هذه الرؤية من مطالب المعارضة بحكومة قومية لان كليهما يشترطان تمثيل كافة الاتجاهات في الساحة السياسية دون اقصاء،الا ان القضية الاساسية ،كما تضيف ل(لصحافة)، « هي هل سيتنازل الحزب الحاكم ويتيح فرصة لوجهات النظر المتباينة»؟،واكدت ، الدكتورة بخيتة امين، على اهمية البرنامج الاصلاحي العاجل لان اغلب الشعب سيكون معه ،والحوار مع كل من يحمل السلاح ،وشددت على ضرورة اتساع دائرة الحوار بالتي هي احسن، مضيفة « ان لم نجلس مع بعض لن نعيش استقرارا، ومهما امتد بنا الجلوس من زمن سنصل حتما لنتائج»،ورأت بخيتة « اذا تلبدت ساحات الحوار بوجوه مختلفة سينجح السودانيون في التوصل لتسوية، وان اصبح الرصاص لغة الحوار لن ننجو ولن نخطو خطوة للامام». أما المحلل السياسي ، الدكتور عبدالرحمن ابوخريس، فهو يقول ان البديل هو الحل ان كانت حكومة انتقالية او قومية، لكنه يؤكد على ان المخرج الصحيح هو «اعتماد الحكومة القومية» التي تضمن مشاركة الجميع في الساحة السياسية والمجتمع المدني، فضلا عن التكوينات التي نشأت في السنوات الماضية، وليس «الحكومة الانتقالية» بحسب رؤية المعارضة لانها لا تستصحب تلك المتغيرات والتكوينات،مردفا « الاحزاب لازالت تستند على وضعيتها في 1986، وهذا غير سليم لان هناك متغيرات افرزت تنظيمات سياسية جديدة بعضها يحالفها الان، وهي قوى لا يجب تجاهلها لان ذلك ليس في مصلحتنا ولن يحل الاشكال السوداني».