ولايات:صديق رمضان: الفئران والعنتد في القضارف..قنوات الري بالجزيرة..الحرب القبلية بالجزء الجنوبي بجنوب دارفور..قرار استقطاع 10% بسنار..حظر مبيد الديكبور..ازمة الجازولين..كهربة المشاريع والرسوم الباهظة بنهر النيل والشمالية..الطرق الزراعية ..التمويل ..سعر السلم ..المخزون الاستراتيجي..قلة الايدي العاملة بكسلاوالقضارف...هذه مجرد عناوين فقط تجسد واقع الزراعة بعدد من ولايات البلاد،التي ظل مزارعوها يجأرون بمر الشكوي من الازمات المتلاحقة التي ظلت تحيط بالحرفة الاولي ، في بلد تبلغ المساحة الصالحة للزراعة فيه 150 مليون فدان ،ولم يتجاوز حاجز المستغل منها 41 مليون فدان فقط..وفي ظل هذه الاوضاع يرسم مزارعون صورة قاتمة لمستقبل الزراعة في السودان والموسم الصيفي ،ويؤكدون ان السبب المباشر في مايحيط بمهنتهم سياسات الحكومة التي يصفونها بالعشوائية ويدمغونها بالفشل،ويحملونها مسؤولية عدم استفادة السودان مما يمتاز به من خصائص كان يفترض ان تجعله من اكبر الدول الزراعية في العالم وليس افريقيا ،حسب تأكيداتهم. ومن خلال متابعة (الصحافة) لقضايا الزراعة عن قرب ،تستعرض مجرد نماذج لازمات تحيط بالزراعة في عدد من ولايات السودان ،ولتكن بدايتنا بالولاية الشمالية التي من المفترض وحسب ماتمتلكه من امكانيات علي رأسها نيل يشقها من الجنوب الي الشمال بطول اكثر من الف كيلو متر واراض زراعية تتجاوز الاربعة عشر مليون فدان،فقد حذر مزارعون فيها من انهيار الموسم الزراعي وتدمير مشاريعهم بالكامل بسبب ارتفاع تكلفة كهربة المشاريع الزراعية والانتاج والرسوم والجبايات،وطالبوا الدولة بإنقاذ العملية الزراعية بشكل عاجل. وتسبب ارتفاع تكاليف السماد والبذور في قلة انتاج محصول القمح والمساحة المزروعة لهذا الموسم في الولاية الشمالية، وتقلصت مساحة انتاج القمح في المشاريع في محلية الدبة الي 130 فدانا وكان المستهدف زراعة 13 ألف فدان بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج،ويستورد السودان قمحا بنحو مليار دولار سنوياً. وطالب المزارعون الدولة بالتدخل لايقاف تدهور انتاج القمح بعد ارتفاع تكاليف الانتاج عبر التمويل البنكي وفرض رسوم وجبايات، ويخشى مزارعون من تدني الانتاج بصورة تؤدي الى دمار المشاريع بسبب ارتفاع تكلفة كهربة المشروعات التي تبلغ 25 ألف جنيه لمشروع مزارع واحد. وقال الامين العام للنهضة الزراعية عبدالجبار حسين في تقرير سابق بمجلس الولايات، ان الولاية الشمالية ستكون الولاية الزراعية الاولي بالسودان، واشار الي ادخال الكهرباء الي اجزاء واسعة من المشاريع الزراعية بالولاية الشمالية. الا ان مزارعين قالوا ان ارتفاع تكلفة ادخال الكهرباء للمشاريع الزراعية التي بلغت 25 ألف جنيه للمشروع الواحد تسببت في عجز 1000 من المزارعين عن توصيل الكهرباء الي مشاريعهم ، ويطالب المزارعون بتدخل الدولة للتوازن بين الصرف والحصاد لمحصول القمح وحماية الانتاجية باعتباره محصولا استراتيجيا، واحجم بعض المزارعين بالشمالية هذا الموسم عن زراعة القمح باستثناء عدد قليل منهم الا ان عددا من الذين الذين قاموا بزراعة القمح منوا بخسائر كبيرة مقارنة بصرفهم وانتاجهم، وقال احد المزارعين بالشمالية ان بعض مزارعي القمح «خرجوا خاليي الوفاض» بسبب ارتفاع تكاليف السماد والبذور والتي يمولها البنك ويسددها المزارعون بعد الحصاد من القمح، الذي يقولون ان سعره الذي يقيمه به البنك «250» جنيهاً للجوال متدن ولا يغطي التكلفة. وقال ممثل المزارعين بمحلية الدبة الحاج الكجم ل«الصحافة » ان محليات الدبة انتجت فقط 130 فدانا من القمح في حين المستهدف زراعته كان 13 ألف فدان في هذا العام، وقال ان الحل يكمن في تدخل الدولة للتوازن بين الصرف والانتاج، مشيرا الي استمرار زيادة التكلفة، وفوجئ مزارعو القمح في مشروع الوحدة الجامعية بالشمالية هذا الموسم بفرض 10 جنيهات عبارة عن رسوم اضافية من قبل البنك على اكثر من 4 آلاف جوال تم انتاجها من المشروع الذي تبلغ مساحته حوالي 580 فدانا ،وقال ممثل للمزارعين ان البنك ابلغهم ان مبلغ العشرة جنيهات عبارة عن جباية رغم القرار الصادر من الدولة بإعفاء القمح من الجبايات، كما اشتكى مزارعون بالمنطقة من ارتفاع تكلفة ادخال الكهرباء في المشاريع الزراعية، وابلغ مزارعون «الصحافة» ان تكلفة ادخال الكهرباء في مشروع حيازة صغيرة بحجم 5 أفدنة تبلغ 25 ألف جنيه ،مما تسبب في احجام الكثير من المزارعين عن كهربة مشاريعهم، وقال الكجم ان 60% من اصحاب المشاريع -الحيازة الصغيرة- البالغة اجمالا 2 ألف و600 فدان عجزوا عن ادخال الكهرباء بسبب عدم قدرتهم علي دفع تكاليف الكهرباء، وقطع بأن وجود الكهرباء يساهم في الانتاج ولكن بعض المزارعين لايملكون هذا المبلغ الكبير. اما في ولاية سنار، فالواقع ليس افضل حالا من الشمالية ،وإن كانت الازمة تختلف في تفاصيلها وهي صناعة حكومية بحتة ،فقد حذرت لجنة مزارعي القطاع المطري من فشل الموسم الزراعي بالولاية بعد رفض وزارة الزراعة تسليم المزارعين حصصهم المقررة من الوقود لهذا العام ، وساومتهم بالموافقة علي استقطاع 10% من اراضيهم الزراعية لتخصيصها للاستثمار . واكد رئيس اللجنة صلاح أحمد النور ل«لصحافة« ان وزارة الزراعة وزعت نشرة منعت فيها تمويل المزارعين، كما وجهت بعدم استخراج أذونات لاستلام الحصص المقررة من الجازولين، فضلا عن تحريك بلاغات لمطاردة اعضاء اللجنة، مما ينذر بفشل الموسم الزراعي. وحمل النور ولاية سنار مسؤولية فشل الموسم الزراعي، وقال ان الامطار بدأت في الهطول بينما تستخدم الحكومة حصص الوقود والبلاغات كروت ضغط لكسر شوكة المزارعين، مشيرا الي ان تلك الضغوط لن تزيدهم الا رفضا لقرار الاستقطاع والتمسك بحقوقهم المسلوبة. نهر النيل ،الولاية التي يفترض ان تؤمن حاجة البلاد من القمح والفواكه والخضروات ،تعاني ازمة من نوع اخر ،ويلخصها رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي لولاية نهر النيل، جمال حسن سعيد، في حديث ل(الصحافة) ان الولاية تعرضت لخسائر فادحة في الزراعة بسبب هجرة المزراعين الى مناطق التعدين،مبينا تقلص المساحات الزراعية لمحصول القمح من 150 الف فدان الى اقل من «50» الفا في العروة الشتوية الأخيرة بسبب عدم وجود أيدٍ عاملة ، متخوفاً من قتامة المستقبل الذي يواجه الزراعة بالولاية ،ويرى ان الحل يكمن في الاتجاه الى الزراعة الضامنة التي لاتحتاج لايدٍ عاملة وانه بخلاف ذلك ستتدهور الزراعة بنهر النيل كليا. اما مشروع الجزيرة العملاق الذي هوي من عليائه بعد ان كان ملء السمع والبصر ،والذي رفضت الحكومة الاعتراف بتسببها في تدميره ،الا ان رئيس الهيئة البرلمانية لولاية الجزيرة بالمجلس الوطني عبد الله بابكر ،يؤكد في حديث ل(الصحافة) ان المشروع تدهور ،وان هذه حقيقية لاجدال حولها ،وزاد: حقيقة تؤكدها وتثبتها الانتاجية التي تدنت عما كانت عليه في السابق ،والمشروع بدأ في التدهور منذ ان الغت الدولة قانون 1984 ،واستعاضت عنه بنظام اخر، وضع كل مسؤولية العملية الزراعية علي كاهل المزارع البسيط ،وكان نتاج ذلك ان عزف المزارعون عن الزراعة لانها اصبحت ذات تكلفة عالية تفوق امكانيتهم وعائداها متواضع إن لم يكن معدوما،ومن هنا بدأ المشروع في التدهور،ولم تكتفِ الحكومة بالانسحاب من عمليات الاعداد والتحضير للموسم الزراعي كما كان معمولا به سابقا ،فقد اسهمت سياستها في حدوث تدهور مريع في قنوات الري ،ويشير بابكر الي انه وبصفة عامة تتحمل الحكومة كل اوجه القصور التي شابت تنفيذ قانون 2005،وقال ان الحكومة تركت القانون علي الورق ولم تسعَ لانزاله علي ارض الواقع. وماذا في القضارف؟.يجيب نائب رئيس اتحاد المزارعين عبدالمجيد علي التوم ،مشيرا الي ان الزراعة في الولاية وخاصة هذا الموسم تحيط بها الكثير من العقبات ،كاشفا في حديث ل(الصحافة) عن ان هناك مشكلة حقيقية في المبيدات خاصة الديكبور الذي حظرته احدي ادارات وزارة الزراعة ،ويقول ان هناك مشاكل في مكافحة الفئران والعنتد ،معتبرا ان ادارة وقاية النباتات ينقصها الكثير ،وزاد:مشاكلنا لاحصر لها ،واقرب مثال لها ،المخزون الاستراتيجي الذي وبدلا من ان يتجه مباشرة للشراء من المنتج ،يمنح تصاديق لتجار ليقوموا بالشراء من المزارع بسعر ،ثم يبيعون الي المخزون بسعر اعلي ،ليربحوا في القنطار عشرين جنيها ،وهذا المبلغ كان يجب ان يذهب الي المنتج وليس التجار،ويشير التوم الي ان هناك معاناة غير خافية في حاصدات السمسم ،كاشفا عن ان 15% من مساحات الذرة لم يتم حصادها حتي الان بسبب عدم وجود ايد عاملة،ويري نائب رئيس اتحاد مزارعي القضارف ان الزراعة في السودان تحتاج لاعادة نظر من الدولة حول الطريقة والسياسية التي تتبعها في ادارتها. في ولاية جنوب دارفور تمثل الحرب الدائرة بين قبيلتي البني هلبه والقمر تهديدا كبيرا علي الامن الغذائي بدارفور عامة والولاية علي وجه الخصوص ،وذلك لأن الجزء الجنوبي الذي تدور فيه المعارك الاهلية هو الوحيد الذي كانت تزرع مساحته بالمحاصيل مثل الدخن والذرة وخروجه عن الانتاج يعني ان ثمة مخاطر تهدد انسان جنوب دارفور. وفي ولاية كسلا كشف قيادي بالمجلس التشريعي عن ان 40% من المساحات الزراعية بجنوب الولاية لم يتم حصادها وذلك بسبب عزوف العمالة الاثيوبية ،التي قال ان تخوفها من عصابات الاتجار بالبشر جعلها ترفض العمل بالولاية . يحمل نائب رئيس اتحاد مزارعي السودان غريق كمبال الحكومة مسؤولية المشاكل التي ظلت تحيط بالزراعة ،وتلك التي تهدد الموسم الصيفي ،مشيرا في حديث ل(الصحافة) الي ان فرض الحكومة لوصايتها علي الزراعة من اكبر العقبات ،وزاد:وللتأكيد علي هذه الحقيقة ،اذا نظرنا لكل المشاكل الحالية نجد ان اسبابها تتحملها الحكومة،ففي نهر النيل والشمالية لم تف الحكومة بتعهداتها حول كهربة المشاريع وتركت المزارع البسيط يتحمل تكلفة توصيلها الباهظة ،وهناك ازمة اخري سببها الحكومة وهي المتعلقة بمبيد الديكبور الذي اثارته في وقت حساس ولايحتمل المعارك ونحن نعرف خفايا هذا الصراع واسبابه ومن يحركه،و نراقب عن كثب هذا النزاع لنعرف قرار الحكومة حوله وذلك لان الشركة صاحبة الشأن وهي التجارية الوسطي تقوم بأدوار عجزت الحكومة عن القيام بها ،وهو صراع لايصب في مصلحة المزارعين،ومثال اخر يوضح تسبب الحكومة في تهديد الزراعة هو ذلك المتعلق بقرار والي سنار الذي ربما يتسبب في خروج اربعة ملايين فدان عن الموسم الحالي ،ويري غريق ان خروج الدولة عن الزراعة وتركها للقطاع الخاص هو الحل النموذجي لاقالة عثراتها ،مؤكدا ان كل الازمات التي تعاني منها الزراعة علي صلة بقرارات حكومية ،وقال ان سياسة التحرير التي تم تطبيقها يجب ان تشمل القطاع الزراعي ايضا ،ويجزم نائب رئيس اتحاد المزارعين بتطور الزراعة اذا غيرت الدولة من سياساتها تجاهها ،وزاد»الزراعة يقرر حولها موظفون فهل هذه يستقيم منطقا «؟