تقرير:صديق رمضان: ما إن اصدر النائب الاول لرئيس الجمهورية ، توجيها يقضي بإنفاذ مشروع مد ولاية البحر الاحمر بمياه النيل ،الا وتباينت ردود الافعال شرقا وغربا ،مابين فرحة في الولاية الساحلية الشرقية بمناسبة اقتراب تحقق الحلم ،وحزن واستياء بشمال كردفان بداعي تجاهل الحكومة لمطلبهم التاريخي المتمثل في مد الولاية بمياه من النيل الابيض. معاناة مواطني شمال كردفان مع مياه الشرب لاتختلف كثيرا في تفاصيلها عن تلك التي يرزح تحت وطأتها سكان الولاية الساحلية ،والقاسم المشترك بينهما ان المركز كثيرا ماوعد بوضع حد للازمة شرقا وغربا عبر مد الولايتين بمياه من النيل (للبحر الاحمر ) والنيل الابيض (لشمال كردفان) ،»الا انه لم يفعل»،بدعاوي يعتبرها السكان المحليون بالولايتين غير مقنعة ،والاسبوع الماضي برز ضوء في اخر نفق ازمة مياه البحر الاحمر عقب اهتمام الحكومة الاتحادية لايجاد حل نهائي لها،وبمثلما قابل مواطنو البحر الاحمر توجيهات النائب الاول بالاشادة ،احدث ذات التوجيه ردود افعال كبيرة بشمال كردفان ،حيث برزت قضية مد الولاية بالمياه من النيل الابيض الي السطح بعد ان خبا بريقها خلال الفترة الماضية. وينظر الامين العام للمؤتمر الشعبي بولاية شمال كردفان، عبد الله علي النور الي تجدد مطالبة مواطني الولاية بتنفيذ مشروع مياه النيل من زاوية انه مطلب مشروع ،جاء عقب موافقة الحكومة الاتحادية علي توصيل المياه من النيل الي ولاية البحر الاحمر ،ويلفت في حديث ل(الصحافة) الي ان مسؤولية تأخير انفاذ المشروع يتحملها المركز وحكومة شمال كردفان ،معتبرا ان المركز لم يقدر الروح المسالمة والحكمة التي ظل ينتهجها مواطنو شمال كردفان في مطالبتهم بمد المياه من النيل الابيض ،وقال ان الابيض تشهد هذه الايام ازمة حادة في مياه الشرب ،متهما حكومة الولاية والجهات المسؤولية عن المياه بالتقصير في اداء ادوارها، الا ان الامين العام للمؤتمر الشعبي عبد الله علي النور يستدرك، ليؤكد علي ان الحل النهائي لازمة مياه الشرب بولاية شمال كردفان يكمن في تنفيذ مشروع مياه النيل الابيض. مشروع مد شمال كردفان بالمياه ظل ككرت يلوح به معظم الولاة الذين تعاقبوا علي الولاية ،كما ان المركز لوح ايضا بهذا الكرت، ومن اشهر الولاة الذين سعوا لانفاذ المشروع واصطدموا بعقبة التمويل كما اشار في اكثر من مناسبة ، الوالي الاسبق لشمال كردفان ووزير الثروة الحيوانية الدكتور فيصل حسن ابراهيم ،الذي سبق له ان اكد في عام 2007 ان حكومته بدأت في تنفيذ مشروع نقل المياه من النيل الابيض إلى عروس الرمال بتكلفة اجمالية (750) مليون دولار، وان البحث جارٍ لايجاد التمويل،والي ان غادر فيصل منصب الوالي ظل المشروع يراوح مكانه. وفي 2012 وقعت حكومتا شمال كردفان والنيل الأبيض ،علي اتفاق لتنفيذ خط ناقل للمياه بين الولايتين بواسطة شركة هارفرالصينية،و أكدت اللجنة المشتركة بين الولايتين وقتها، أن التكلفة المالية لتنفيذ الخط الناقل للمياه من الفششويا التى تبعد(30كلم) عن مدينة كوستى لولاية شمال كرفان، قدرها (600مليون دولار) ،بإنتاجية (300) الف لترمكعب فى اليوم، علي ان يتم تنفيذه فى ثلاثة أعوام ،بنظام البوت ،وأشار أعضاء اللجنة الى أن الدراسة قامت بها جامعة الخرطوم فى خطوة لمعالجة أزمة المياه الملازمة للولايتين ،وفي ذات الاجتماع طالب ممثل شركة هارفر الصينية اللجنة بضرورة تقديم بيانات واضحة وشاملة حول المشروع مع ضمانات أقوى من الحكومة، مؤكدا ستعدادهم المادى والفنى لتنفيذ المشروع. من ناحيته يجزم والي الولاية الاسبق والعضو بالمجلس الوطني محمد احمد ابوكلابيش بحاجة ولاية شمال كردفان لتنفيذ مشروع مياه النيل ،مشيرا في حديث ل(الصحافة) الي ان الدراسة الاولية للمشروع التي قدرت الطول بالف كيلو متر كانت «مبالغة» ،لافتا الي ان طول المشروع حتي الابيض لايتجاوز 300 كيلو متر ،معتبرا ان الدراسة كانت احدي العوائق التي اسهمت في تأخير تنفيذ المشروع ،وقال انه عندما ايقن بصعوبة تنفيذ المشروع ابان فترة حكمه اتجه لانشاء السدود والحفائر وتشييد الابار ،حيث اسفرت تلك الجهود عن توفير المياه لثلاث محليات ،ويري ابوكلابيش ان امكانية تنفيذ مشروع مياه النيل ليس مستحيلا،ويعتقد ان الاكتفاء في المرحلة الاولي بتوصيلها الي حاضرة الولاية والمناطق التي تقع علي حدود شمال كردفان مع النيل الابيض يمثل خيارا جيدا ،وكشف عن اجتماع عقده الوالي مع نواب الولاية قبل عام طالبهم خلاله بالتحرك لدعم مشروع مياه النيل ،الا ان الوالي والحديث لابوكلابيش لم تقم حكومته بإجراء الدراسة ولم تتصل بهم مجددا لذات الغرض. ويشير المحلل السياسي عبدالله المتعارض الي ان التوجيه الرئاسي بمد ولاية البحر الاحمر بالمياه من النيل ،عمل يحسب لقيادة الحكومة باعتبار انها قائمة علي خدمة الانسان السوداني اينما كان ،الا ان المتعارض وفي حديث ل(الصحافة) يشير الي انه عندما يغيب التوجيه الرئاسي في حالة ولاية شمال كردفان ،الولاية التي اعتبرها المحلل السياسي الاكثر عطشا ،واكتظاظا بالانفس(انسان ،وحيوان) ،يطرح ذلك تساؤلات ،وزاد:الاجابة عليها او عدمها ستفرز بعض المواقف المتطرفة التي قد تؤدي الي تهديد وحدة الوطن وتماسكه. ويطرح المحلل السياسي جملة من الاسئلة قائلا:لماذا تركز الخدمات الاساسية بتوجيه رئاسي او بغيره ،في بعض الولايات دون غيرها؟ هل يعود السبب الي نوع المواطن وتصنيفه وطنيا ؟، ام ان الامر يعود لانتماء الولاية المعنية قربا وبعدا من النظام الحاكم ؟، ام ان حجم العائد الاقتصادي الوطني للولاية هو الفيصل؟. ويمضي المتعارض في طرح اسئلته ويضيف:ام ان حجم ونفوذ قيادات الولاية وقربهم من المركز وقدرتهم علي الفعل التنفيذي هو مناط ذلك؟. ويري المتعارض ان هناك مجموعة من التساؤلات تصعب الاجابة عليها ،واردف:بلا شك عدم تنفيذ مشروع مياه النيل الابيض ،سيكون له تأثيرات مباشرة علي الانتخابات القادمة ،وكذلك تداعيات أخرى في ظل تفلتات قائمة.