تقرير : تهاني عثمان : يعد السودان احد اكبر الدول ثراء بالثروة الحيوانية ولكن في المقابل يفتقد الي كل مقومات ادارة هذه الثروة التي لا تجد طريقها الي ميزانية الدولة ولا الي المنتجين ، في ظل تعرض القطاع الي فرض رسوم وضرائب وجبايات كان لها دور في غياب اثرها الاقتصادي ،بالاضافة الي مشاكل المحاجر والمسالخ والمصانع والمدابغ وفقدان بنيات النقل والترحيل والتسويق ، وكان مجلس الوزراء قد وجه الاسبوع الماضي بضرورة معالجة كل العقبات التي تعترض طريق الارتقاء بصادرات الثروة الحيوانية والتي بلغ صادر الحيوانات الحية منها 3.8 مليون رأس خلال العام الماضي بنسبة 96.6% من المستهدف في البرنامج الثلاثي في حين لم تتجاوز نسبة صادر اللحوم 28% . وقد اجاز مجلس الوزراء لدي اجتماعه بالنائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه تقرير صادرات الثروة الحيوانية خلال العام 2012م مقارنة مع المستهدف في البرنامج الثلاثي لاستدامة الاستقرار الاقتصادي قدمه وزير الثروة الحيوانية والسمكية ، حيث اشتمل التقرير على خطة تصدير الجلود التي تم تنفيذ نسبة90% منها ، والعائد من صادر الجلود الذى لم يتجاوز 9.8 مليون دولار بسبب تدني نوعية الجلود وتسرب اعداد كبيرة منها للدول الافريقية المجاورة ، و تضمن المعوقات التي تواجه صادرات البلاد من الثروة الحيوانية ، وقال الدكتور فيصل حسن ابراهيم وزير الثروة الحيوانية والسمكية ان عائدات البلاد من صادرات الثروة الحيوانية بلغت 452.7 مليون دولار وهي تمثل77% من المستهدف من قطاع الثروة الحيوانية حسب البرنامج الثلاثي . وفي قراءة لموقف الثروة الحيوانية بالبلاد وضعف الصادر منها تحدثت «الصحافة» الي عدد من الخبراء والمختصين الذين ابانوا ضعف السياسات الادارية والمالية في القطاع وابتعاده عن تحقيق الجدوي الاقتصادية ، حيث تساءل زير الثروة الحيوانية السابق الاستاذ محمد احمد ابوكلابيش عن الربط الذي من خلاله تم حساب نسبة الصادر، وقال في حديثه «للصحافة» امس مع تقدير كل الجهود المبذولة لم نلمس أي تحسينات في القطاع خاصة في انتاج الضأن المرغوب في السوق العالمي وبالاخص الضأن الحمري والكباشي او بقية الفصائل المطلوبة عالميا ، وان رفع نسبة الصادر لا يمكن ان تتحقق الا من خلال زيادة الانتاج وقال : سبق وان قلت ذلك الحديث عندما كنت وزيرا للثروة الحيوانية ورددت هذا الحديث داخل كل المجالس الاقتصادية ، لان انتاجية الضأن اقل من 15 % ، مع ان الضأن لو توفرت له كمية المياه التي يحتاجها بالاضافة للعلف عندها من الممكن ان تلد انثى الضأن اكثر من مرة في العام وولادات توئم ثنائي او ثلاثي ، وفي ظل وضع الجفاف الحالي تنجب الانثى مولودا واحدا فقط وذلك بنسبة 90 % ، وحتي هذا المولود يكون عرضة لعدة مخاطر قبل وصوله الي مرحلة البيع في الاسواق ، ويضيف ابو كلابيش في ولايات كردفان نضطر في كثير من الاحيان الي حجب الخروف حتي نمنعه من التلقيح في الفترة ما بين منتصف شهر فبراير وحتي منتصف مارس حتي لا يتوالد الضأن قبل فصل الخريف ، واذا تم توفير المياه ورفع الكنات وتركت الخراف للتلقيح سوف يرتفع الانتاج الي الضعف . ويختم ابو كلابيش حديثه «للصحافة » بالقول: انه من الناحية الاقتصادية لا يوجد أي فكر اقتصادي للثروة الحيوانية بالبلاد ، حتي المصدرين اما يكونوا مزارعين او رعاه لانهم يعملون علي جمع اكبر اعداد للمفاخرة ، وفي بعض الاحيان تحدث حالات وبائية تكشف عن ضعف الرعاية البيطرية للمواشي ، وفي مجال الذبيح لا بد من تأهيل المسالخ وسفلتة الطرق وايجاد مهابط للطائرات وتوفير عربات مزودة بالمبردات وتطوير صناعات اللحوم ولا بد من وضع برنامج خاص من اجل تطوير العملية الاستثمارية التي تحتاج لدراسة عميقة . مشاكل كبيرة ومعقدة ومتداخلة في قطاع الثروة الحيوانية الذي لا زال يعتمد علي القطاع التقليدي بنسبة اكثر من 90 % ، وجملة من المشكلات الاتحادية والولائية وداخل المحليات ، بهذا الحديث ابتدر منسق برنامج التداخلات بالامانة الفنية للامن الغذائي بوزارة الزراعة الاستاذ عادل فرح ادريس حديثه «للصحافة» واضاف ان الانتاج التقليدي يعاني من مشكلات اتحادية ومشكلات ولائية ومشكلات بالمحليات ، ولن يتعافي القطاع الا اذا ما تم حل مشكلات السياسات المالية والنقدية العامة للدولة من رسوم ضرائب وجبايات ، وعلي الرغم من صدور القرارات الرئاسية الا ان الحال لا زال علي ما هو عليه ، فالمنتج البسيط في مناطق الانتاج لا يتحصل الا علي نسبة 25% من القيمة الكلية التي تذهب في الرسوم والجبايات الشرعية وغير الشرعية بين السماسرة وفي المضاربات وخلافه، هذا بالاضافة الي مشكلة الثقافات الاجتماعية التي ترفض فكرة بيع المواشي الا في حالات الضرورة في مجتمعات يمثل امتلاك اكبر عدد من القطيع وسيلة الادخار الوحيدة ، ما يمثل عائقا امام سحب الكميات الكبيرة للتصدير . وذهب عادل فرح بالحديث عن وجود المشكلات الادارية والتقنية والفنية ، الامر الذي كانت تتكفل بمتابعته تنسيق الماشية واللحوم وتطبق فيها الانظمة داخل المسالخ ، وغيابها خلق خللا كبيرا اضف الي كل هذه المشكلات يمثل التمويل عقبة كبيرة جدا فالتمويل في مجال الثروة الحيوانية ضعيف جدا حتي في مشاريع الاستثمار في وزارة الثروة الحيوانية تعاني من عدم وجود جهاز للتقييم والمتابعة في حين لا يوجد استثمار بدون متابعة . ونادي عادل فرح بضرورة احداث تعديل في السياسات النقدية والرسوم والضرائب في مجال الثروة الحيوانية باعتبار انها سلعة صادر ، والملاحظ انه بعد غياب منسقية الماشية واللحوم لم تجد السياسات المؤسسية جسما دافعا لها، يدعم قضايا التمويل والصادر والتأمين هي في مجملها مشكلات متداخلة ، والآن بعد قفل حدود الجنوب اذا لم يتم الانتباه الي الثروة الحيوانية سنفقدها ونفقد اسواقنا العالمية .