منذ إطاحة الجيش المصري بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب يوم 3 يوليو الجاري ومصيره السياسي والشخصي يخضع للتأويلات والاجتهادات، دون معلومة دقيقة تجزم بشأن مستقبله السياسي والشخصي. وخرجت مبادرات عدة لتسوية مصير الرئيس المعزول وإجراء استفتاء شعبي على بقائه أو رحيله. غير أن رفض هذه المبادرات ووصفها بالمتأخرة كانت السمة البارزة لآراء الفرقاء السياسيين، ولكنهم اختلفوا على مصير الرئيس وجماعته في المستقبل السياسي، فمنهم من أكد حقه في الترشح للرئاسيات المبكرة وممارسة حقوقه السياسية، بينما استبعد آخرون قبول الشعب بهذا الأمر. فالإخوان المسلمون ومن خلفهم قطاع واسع من الشعب المصري لا يزال ينظر إلى مرسي على أنه الرئيس «الشرعي والمنتخب»، وقد أعطاهم انسحاب حزب النور السلفي من العملية السياسية التي يرعاها الجيش وحديث أحد قادتهم عن «ندمه لعدم حماية الشرعية»، دفعا كبيرا في الاستمرار بمطالبتهم بعودة مرسي. القيادي في جبهة الإنقاذ عبد الغفار شكر قال إن مرسي لم يعد لديه أي صفة رسمية طبقا للإعلان الدستوري للرئيس المؤقت الذي يدير البلاد خلال الفترة الانتقالية التي تنتهي بانتخابات رئاسية مبكرة «يحق لمرسي خوض غمارها». وتابع شكر في حديث للجزيرة نت أن مرسي وجماعة الإخوان لديهم الوقت الكافي للاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية إذا وافقوا على دعم العملية السياسية الجارية والمعبرة عن الإرادة الشعبية لا عن انقلاب عسكري، أما إذا رفضوها واستمروا في عرقلتها فسيجدون أنفسهم «خارج المشهد السياسي». وتحدث عن موقفين في مصر من جماعة الإخوان: أولهما أنه لا إقصاء لأحد، والعمل على إعادة صياغة المشهد السياسي، وأن تحمل الأحزاب السياسية مبادئ إسلامية، لكنها لا تكون على صلة تنظيمية أو مادية أو شخصية بجماعة دينية، وأن يكون للإخوان الحق في الاستمرار كجمعية أهلية يقتصر دورها على الدعوة الدينية. وثاني هذه المواقف -حسب شكر- أن الجماعة لم يعد لها مكان في مصر، وموقفها من الأحداث الجارية حاليا سيُغلّب موقفا على آخر. في هذا السياق رفض المتحدث باسم حركة 6 أبريل محمد عادل عودة مرسي إلى الرئاسة، لكنه أدان الاعتقالات بحق قادة الإخوان ومؤيدي الرئيس المعزول لأنها تؤثر سلبا على مستقبل الثورة، ولم يمانع في ترشح مرسي للانتخابات مرة أخرى لأنه حق مكتسب له في نظام «نريده ديمقراطيا وتعدديا لا يقصي أحدا ويشارك الجميع في بنائه»، وفق حديثه للجزيرة نت. رفض عودة مرسي انسحب أيضا على اللواء المتقاعد محمود زاهر الذي أكد أن مرسي عُزل بثورة شعبية، وأن المشهد السياسي المصري لن يعود إلى الوراء. ورفض زاهر حق مرسي في الترشح للرئاسيات المبكرة، وأضاف أن هناك محاكمات له ولجماعة الإخوان تُنظر في عدد من المحاكم. وشدد في حديث للجزيرة نت على أن القوات المسلحة تنفذ رغبات الشعب ولا تنحاز إلى طرف على حساب آخر، لكنه استدرك أن الشعب لو طالب بعودة مرسي فلن يمانع الجيش. وإذا أرادت جماعة الإخوان العودة إلى الحياة السياسية فعليها -حسب زاهر- تغيير الأسس التي لا تتفق مع الهوية المصرية والأمن القومي، ورأى أن الواقع والإرادة الشعبية لن يتقبلا مرسي رئيسا أو يتحملا رؤيته يعود إلى الرئاسة مجددا. وفي موضوع المبادرات، يرى عبد الغفار شكر أن دعوة حزب النور إلى استفتاء شعبي على بقاء مرسي متأخرة وكانت واردة قبل مظاهرات 30 يونيو الماضي عندما كانت القوى السياسية تناشد الرئيس المعزول قبول هذه المبادرة، لكن «الآن الدماء سالت والعنف سيد الموقف والمشهد السياسي معقد، والشعب المصري خرج أكثر من مرة للمطالبة بانتخابات مبكرة». وخلص إلى أن مصر تواجه موقفا مصيريا، فإما أن «نؤسس نظاما ديمقراطيا حقيقيا أو أن نبقى في حلقة صراع مفرغة يسقط فيها مزيد من القتلى». من جهته أشار اللواء محمود زاهر إلى أن المبادرات يجب أن تكون للمصالحة مع «من يمكن التصالح معهم» بهدف الوئام القومي، وهذه المصالحة تتم مع شباب الإخوان غير المتورطين في جرائم ويريدون ممارسة السياسة في أطر طبيعية، أما أي مبادرة تتخطى نبض الشعب «فلا مكان لها». واعتبر زاهر أن انسحاب حزب النور من العملية السياسية لم يكن موقفا ذكيا، فبعدما أصبح شريكا فإنه من غير المقبول «أن يبتز أكثر أو يضغط أكثر لأنه سيخسر كل شيء». أما اعتبار المبادرات بأنها متأخرة، فقد كان أيضا رأي المتحدث باسم حركة «6أبريل» محمود عادل الذي لفت إلى أنه كان على مرسي القيام بالاستفتاء حينما كان رئيسا لا بعد «انتهاء القصة». وعبر الناشط المصري عن مخاوفه من مسار الوضع الحالي، ورأى أن المطلوب المشاركة لا الانفراد في اتخاذ القرارات خلال المرحلة الانتقالية. وخلص إلى أن حركته رفضت الانفراد بالقرارات في عهدي المشير حسين طنطاوي ومرسي و»نرفضه الآن، كما أن هناك تحفظات كثيرة على الإعلان الدستوري وطريقة إدارة البلاد خلال اليومين الماضيين».