الخرطوم: محمد سعيد : بالقرب من محل تجاري بسوق العشرة بالخرطوم يعتزم «حسين» شراء مستلزمات شهر رمضان الذي عادة مايستعد له السودانيون بشراء البقوليات والسكر والتوابل. ويتزامن شهر رمضان مع حالة غلاء وارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية بشكل غير مسبوق، وكان الجهاز المركزي للاحصاء قد توقع ارتفاع نسب التضخم في رمضان نسبة لاقبال السودانيين على شراء كميات من الغذاء بأسعار عالية، لكنه تكهن باستقرار الاسعار عقب رمضان ويقول حسين إنه تمكن من الحصول على اللوبيا والبامية المجففة والقمردين والتوابل والسكر والشاي والبن بحوالى «750» جنيهاً، وقال انه كان يحصل عليها قبل عامين بحوالى «200» جنيه، اي ان النسبة تضاعفت الى 300%. وشهد سوق العشرة الذي يقع جنوبيالخرطوم حركة اقبال غير مسبوقة من قبل المواطنين، وشرعت طواحين التوابل في تقديم خدماتها للمتسوقين وانتعش سوق اللوبيا والدخن ودقيق الذرة التي تتكون منها وجبة العصيدة بالتقلية، وهي الوجبة المفضلة لغالبية السودانيين. ولا تقتصر الاستعدادات لشهر رمضان على شراء البقوليات، بل تمتد العملية الى تجهيز مشروب الحلومر الذي يتكون من الذرة والتوابل والتمر، وقالت ربة منزل: «لقد حصلنا على الآبري بحوالى «300» جنيه، وكان متاحاً في السنوات الماضية ويسهل اعداده في المنزل باسعار زهيدة، وكانت هناك عملية تكافل بين المجتمعات، ويمكن ارسال الطرود المعبأة بالآبري الى العائلات السودانية المقيمة خارج السودان. والآن اختفت هذه الاشياء وبات الأمر صعباً للغاية». وعلى الرغم من شروع منظمات المجتمع المدني في اطلاق مبادرات لجمع مبالغ مالية ومواد عينية لتوزيعها على الفقراء استعداداً لشهر رمضان، إلا أن تمركز هذه المنظمات بالخرطوم وعدم انتشارها بالولايات الى جانب عدم وجود معلومات بشأن اعداد الفقراء، يكبح من انتشار هذه الاعمال وسط الفقراء بحسب مهند عبد الرحمن الذي يتولى عملية جمع حقائب رمضان بوسط الخرطوم. ويقول مهند: «جمعنا كميات من السكر والشاي والبقوليات والتمور، ونتطلع إلى جمع المزيد من المواد الاستهلاكية لمساعدة مئات الأسر الفقيرة في أنحاء كثيرة من ولاية الخرطوم». واطلق سودانيون مبادرات على موقع التواصل الاجتماعي «فيبسوك» لجمع الاموال والمواد الاستهلاكية لكفالة مئات الفقراء في شهر رمضان الكريم، وتخفيف موجة الغلاء التي حرمت غالبية السودانيين من مجاراة الاسواق. وتشير الإحصائيات الرسمية الى معاناة مليوني أسرة بالسودان من الفقر بينها «300» ألف أسرة معدمة طبقاً لوزارة الرعاية الاجتماعية. وكانت الحكومة قد أعلنت رفع الدعم عن الوقود في يونيو 2012م، وبررت ذلك بتحويل الدعم من الاثرياء الى الفقراء، وخصصت «100» جنيه شهرياً للاسر الفقيرة، كما ان شهر رمضان يتزامن مع ارهاصات برفع الدعم عن الوقود، ونقلت تقارير صحفية الاسبوع الماضي موافقة المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني على عملية رفع الدعم التدريجي. وأعرب حسين الذي يعول عائلة تتكون من خمسة افراد عن قلقه من تصاعد الأسعار، واعتبر اتجاه الحكومة الى رفع الدعم عن السلع محبطاً للغاية ويدعو للقلق. ويقول محجوب الذي يدير محلاً لبيع البقوليات والتوابل بسوق العشرة: «لقد ارتفعت الأسعار مع اقتراب شهر رمضان، وعندما نشتري من التجار فإنهم يقولون ان ارتفاع سعر الدولار ساهم بشكل رئيس في ارتفاع سعر المواد الغذائية، ولا مفر من ان نطبق زيادات على السلع». وبالتزامن مع انفصال جنوب السودان وارتفاع اسعار السلع، انشأت ولاية الخرطوم عشرات المحلات التجارية لبيع المواد الاستهلاكية بأسعار مخفضة، لكن هذه المحلات لم تتمكن من محاربة الغلاء. وقال متعاملون في بيع المواد الغذائية بالسوق المركزي الخرطوم إن محلات تخفيف الغلاء التي انشأتها السلطات لم تتمكن من مجاراة الأسعار التي شهدت قفزات متوالية خلال الشهور الأخيرة، وقال عباس الذي يدير محلاً لبيع السلع الاستهلاكية: «ليس بإمكانك أن تبيع السلع بأسعار اقل من المعتاد، لأنك بالطبع ستكون الخاسر الأكبر، وهناك حلول يمكن اللجوء إليها لتخفيف الغلاء برفع الرسوم والضرائب على السلع الاستهلاكية».