: لا يذكر فن الطمبور إلا وكان الحديث عن الراحل النعام آدم الذي يعتبر من أهم وأبرز الأسماء التي تغنت بمصاحبة تلك الآلة ذات الأنغام الحنينة والتي اقتحمت طوعاً وجدان كل السودانيين، وأسست لمدرسة فنية ذات ملامح خاصة تجاوزت أسوار ديار الشايقية إلى كل ربوع الوطن، بفضل مجموعة من الأصوات المفعمة بالموهبة الأصيلة وعبق الشمال بنخيله وجروفه ودعاشه وقماريه، وإيقاع الدليب الذي رقصت عليه أجيال، وما بين زمن النعام آدم وميلاد الأصوات الجديدة بقيادة محمد النصرى، ظلت اغنية الطنبور تحافظ على عنوان الأصالة، وتجدد نفسها عبر قصائد تكتب بحبر الإبداع وألحان طروبة نابعة من هموم وأفراح الناس البسطاء، ولأن التميز حالة تراكمية فكان من الطبيعي أن يضيف كل فناني الطمبور إبعاداً جديدة ومختلفة في لوحة تتبلور أبعادها الجمالية وتتكامل عاماً بعد آخر وجيلاً بعد جيل، فى تناغم وتجانس بديع. وكانت الثمرة الحقيقية لتلك الجهود المثابرة اتساع دائرة صدى الطمبور وقاعدة جمهوره العريض. والشاهد على ذلك كل المحافل والمهرجانات والحفلات التي يهاجر إليها الكثيرون بحثاً عن أغنيات تحترم عقل المتلقي في زمن الإسفاف والهبوط الفني الذي سلم منه هذا الفن، بفضل وعى فنانيه وشعرائه وملحنيه. ولد النعام واسمه الحقيقي محمد آدم محمد أحمد في عام 1930 بحلة ود النعام قرية الكربة ناحية منصوركتي، وبعد شهر واحد من حضوره إلى الخرطوم في الرابع من ديسمبر 1959م أجيز صوته في الإذاعة السودانية، وانطلق صوته القوى عبر أثير هنا ام درمان محرراً ميلاد فنان حقيقي بأغنية «نوارة قنتي» ثم «فاوضني بلا زعل»، وكتب الراحل العديد من أغنياته ولحنها بنفسه. وأيضا تغنى خلال مشواره الفني للكثير من الشعراء، منهم على سبيل المثال عبد الله قطبي، السر عثمان الطيب، حسن سيد أحمد، محمد الحسن مساعد، جمال الدين محمد خير، محمد سعيد دفع الله، إبراهيم بن عوف، حسن محمد بخيت، ود الدابي، خضر محمود سيد أحمد، عبد الوهاب ضرار، نور الهدى كنة، إبراهيم سعيد، مكي محمد مكي، إدريس مالك، ورّاق المجذوب، مصطفى سفيري، سيد أحمد أبو شيبة، إسماعيل حسن وآخرون. ومن أجمل أغنياته التى ذاعت وعمت القرى والحضر «برجاك وبنتظر، غزال سلمى، المنقة منقولة، الغرام يا ناس الغرام، يوم الجمعة ودّع وقام، الباسم أزهار الجنينية، مشتاقين، بتذّكر بسيماتو، سمح الخصال، القاقرين، الرفيق، مكتوب لي». وعاش النعام حياة بسيطة زاخرة بالعطاء قبل أن يغمض عينيه ويرحل عن الدنيا فى الثالث من أبريل عام 1993م، ورغم غيابه السرمدي فقد ظلت أوتار طمبوره مشدودة بطول وعرض الوطن. [email protected]