آلة الطمبور أو الطنبور من الآلات التي تحتاج إلى براعة في عزفها وإلى موهبة وحس فني راق وتمارين ودربة وخبرة لاخراج النغمات وقد أبدع فيها الفنان النعام آدم حتى صار ملك الطمبور ورغم انه عازف ماهر فهو مغني وملحن بارع يعرف كيف يصوغ الألحان ويدغدغ الوجدان بالربابة، وقد قال في إحدى المرات انه يوقع اسم النعام آدم في نهاية كل أغنية بالربابة. وقد تغنى النعام آدم بالروائع وقد كانت مضمنة بالحب والحنية وهو رائد أغنية الطمبور في السودان: الزول الوسيم في طبعو دائماً هادئ من أوصافو قول اسكرني هات يا شادي من حور العيون احتار غزال الوادي الخد كالزهور تلقاه دائماً نادي ففي هذه الأغنية غناء النعام آدم شجن وغناء للجمال ويشدو النعام آدم بالبلبل الغريد من غناء على ايقاع الدليب ليحلق بناء في مساحات الوطن: مشتاقين وانت متين تجينا.. والغناء عند النعام آدم غناء من الزمن الجميل وهو فيض من الابداع ان كان في فريع البان مع الشاعر خضر محمود سيد أحمد أو من كلمات محمد سعيد دفع الله في القليب يطير.. وما أروع غناء النعام آدم مع الشاعر ابراهيم ابنعوف وتتعدد الكلمات والألحان والأغنيات ومنها الجدي ودنيا العيون وأحلى ما في الكون.. وهذه الأغنيات هي مذكرات عشق من قرى الشمال وتصوير للحياة الاجتماعية وجمالها ويستخدم النعام آدم كيمياء الطمبور كلغة دالة على المعاني وتعميق الاشارات ان كان في الحمائم مع الشاعر حسن محمد بخيت.. أو ظروف مع الشاعر المادح وراق المجذوب حاج الماحي وان القليب يطيب مع النعام آدم ومحمد سعيد دفع الله رغم الانتظار بين ابراهيم ابنعوف والنعام آدم ووراق المجذوب: ماني قدرك يا بثينة وماني فالك للسمح مادام سعادتك في القروش أنا حالي ما دائر شرح ونجد الشوق والحنين عند النعام آدم طاغيا وروعة من الحنان والحب يتدفق شلالات للفرح: لا شوفة تبل الشوق ولا رداً يطمن اريتك تبقى طيب انت أنا البي كلو هين قليبا لي رهيف عارفو ماب يحمل حنين انت ماب يغباك حالو الفيهو كل البيهو بين وكروان الشمال يخرج من النهر بالجمال من ضفتي النيل: ومادام طار جنا الوزين يا دوب قلا نوم العين والمتأمل لهذه الأبيات يجد غنائية خاصة لدى النعام آدم بانغام حنينة تقتحم وجدان المستمعين وقد انتقل النعام آدم بأغنية الشايقية من الاطار المحلي إلى سوح الوطن جميعاً وذلك لأنه استفاد من نغمات الطمبور كلغة شعوب مختلفة وحقا ان الموسيقى لغة الشعوب لذلك صارت أغنية الشايقية أغنية قومية من خلال الكلمات والألحان، فمن ناحية منصوركتي جاء النعام آدم يحمل أعذب الألحان منها نوارة قنتي وفاوضني بلا زعل وظلت اوتار طمبوره مشدودة في كل طرقات الوطن وفي قلوب العاشقين للطرب الأصيل مع عدد من الشعراء والمهتمين والمهمومين بايصال الغناء الجيد كالشاعر السر عثمان الطيب وعبد الله قطبي بل ان الفنان النعام آدم كتب بعض اشعاره بنفسه وذلك لأنه قادم من جغرافيا استثنائية يحس بها كفنان ولا يراها ولكنه يكتبها شعراً وتشكيلا لذلك من ملكاته ان أغنياته كراسة ملونة بعدة ألوان وقد شكل النعام آدم حضوراً فاعلاً في خريطة الغناء السوداني وذلك لمقدراته وللبنية العميقة التي شكلها النيل وضفافه وخضرته في جمال الغناء فالنعام صدى الصوت بين الجبل والنهر وهو العودة إلى النهر وإلى الأصل وهو هوية الأغنية السودانية ودهاليزها وتاريخها وذكرياتها وصداها وذلك لأدائه الجيد، وهو ذو فطرة لماحة وقريحة متقدة جعلت أغنياته واختياراته مساحة للتأمل والنظر بعمق لدلالات الاشياء وهو من الرعيل الاول الذي قاد دفة الاغنية في الشمال وله فنون في التعامل مع الربابة. وقد حفظ النعام آدم لنا تراثاً من الغناء في صور شعرية ولحنية رائعة وقد وثق للحياة الاجتماعية وكان سفيراً وباحثاً ومنقباً في تاريخ المنطقة في جمالها وروعتها وخضرتها من سواقيها وزهورها ناسها وحراكهم سفرهم وعودتهم رحيلهم وارتحالهم وهو الرواة الثقاة عن غناء الشايقية لأنه من أجمل الأصوات التي مرت على أغنية الطمبور وهو كالنيل عظمة في الجريان وهو عالي القامة والقيمة كأشجار النخيل تتطلع لعنان السماء سامقاً يحمل في غنائه رائحة التراب والطين والجداول يحمل ملمح وملامح اللبقة والطورية وهو رائحة الجروف وجمال المغني والمغزى هو تربال شاعر وفنان عاش بالفن ومع الفن نغمات تمشي بين الناس سطر خضرة وجمالا في صفحة الغناء بالأغاني التي كتبها هو منها فاوضني بلا زعل والغرام ويوم الجمعة وكلمني بقيت قيام ومنذ بداية الخمسينات ظل النعام يشدو بأروع الغناء في ربوع السودان فناناً متميزاً وعازفاً ماهراً وملحنا صاحب تأليف لحني رائع لذلك ظلت أغنياته خالدة في وجدان الأمة السودانية بأغنيات خالدات منها عينيك دنيتي ودهب شيبون وسمح الخصائل وحلمك يا حبيبي على حسن وبدأ حياته الفنية مع الشاعر الكبير حسن الدابي والد الشاعر حاتم حسن الدابي. فالنعام آدم كتاب مفتوح مقروء مفهوم بألحانه واجادته في الغناء الجميل والطرب الأصيل الذي كان ومازال يدندن به كل عاشقي ومحبي النعام آدم عليه الرحمة ولك التجلة والتقدير لما تركته من ارث غنائي صار مرجعاً للباحثين والدارسين ، وصور من خلاله الحياة السودانية ابن النيل هو وملك الطمبور وصاحب البصمة والاجادة والمعرفة بأوتار الربابة وتراً وتراً وهو الشاهد على عصره من خلال ما دونه لنا من غناء يحمل المعاني والقيم الأصيلة والنبيلة ويعكس بساطة الحياة في الشمال ونشتم من أغنياته رائحة الطيبة والناس الزينين وهو من ملامح الثقافة السودانية ومن الباحثين عن الهوية وهو يغني للوطن وللترابلة والطين والجروف والطير والوزين يغني الرحلة والعودة يغني بجمال وألق كما وصفه لي فردة الكورس السلطان كيجاب السباح بأنه بتهوفن السودان له التحايا ولعارفي علمه في العزف والألحان التحايا والأشواق بعدد زخات المطر وبعدد صفق الأشجار والشوق والحنين ليك يا بلادي.