يكثر هذه الأيام على صفحات الصحف وفي منتديات ومجالس الأنس الخاصة، الحديث عن تعديل وزاري وشيك، قيل إنه سيحدث تغييراً كبيراً في التركيبة الحاكمة تكون الغلبة فيه للشباب، ورغم كثافة هذا الحديث إلا انه لم يتعد التكهنات والتخمينات حول الشخوص والوجوه المتوقع استوزارها، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى اجراء أي تغيير أو تعديل أو اصلاح في منهج الحكم والسياسات العامة، التي ظلت محل انتقاد حتى داخل البيت الحاكم الذي انبرت منه جماعات تدعو للاصلاح والتغيير وان لم تنفض يدها وتتبرأ منه تماماً، وتعديل وزاري بهذا المعنى الذي يدور حوله الحديث، لا يعدو أن يكون سوى تكرار لكل التعديلات الوزارية السابقة، والتي لم تكن غير تبادل للمواقع دون أي تبديل في منهج الحكم وأساليبه، وسيظل أي تعديل يتم على هذا النحو بلا أثر ولا معنى حتى لو شغل شباب الحزب الحاكم كل المقاعد الوزارية وليس بعضها، فالعبرة ليست في الشخصيات، من المشايخ كانت أم من الشباب وإنما في السياسات التي يتم تنفيذها، فأحمد الشاب الذي ينوب عن والده الشيخ حاج أحمد في مناسبة ما لن يخرج عن طاعة أبيه بل سيمثله خير تمثيل في المهمة التي انتدبه لها إنابة عنه لمرضه أو كبر سنه، مثلاً المهندس محمد ابن الدكتور نافع علي نافع الذي طالب في تغريدة له بتنحي كل من تجاوز عمره الخمسين عاماً وأولهم بالطبع والده، على اعتبار أن هذا الجيل قد استنفد أغراضه ونفدت صلاحيته وصار يغرد خارج المنظومة العالمية وأضحى غير مواكب للتطورات والأحداث من حوله، لن يكون رغم هذه الرؤية السديدة سوى نسخة أخرى من والده نافع علي نافع إن لم يستبق هذه المطالبة بمنهج وبرنامج للتغيير يَجُبُ ما كان عليه أبوه.... يبدو أن التغيير والتعديل والتبديل بمعناه الحقيقي وأبعاده الشاملة، ما يزال أمراً عصياً تأباه نفس القابضين على الاعنة وتكره سيرته، ولعل عدم الاشارة إلى أي درجة من التغيير في المنهج والسياسات، تشي بأنهم مازالوا على سيرتهم الأولى وتعديلاتهم الوزارية السابقة بلا جديد يذكر، ربما يكون الجديد الوحيد هو المزيد من التمتين والتمكين أياً كان عدد الوجوه الجديدة التي ستستوزر، ومن أبرز وأكبر عيوب الاستوزار على مدى ربع القرن الماضي انه أفرز طبقة من المستوزرين لا تطيق بُعداً عن الوزارة حتى ان نكتة شاعت في المدينة تسخر من هذا الحال، تقول ان وزيراً كان على سدة إحدى الوزارات، سمع هذا الوزير بأن تعديلاً وزارياً في الطريق، بمجرد سماعه هذا النبأ المقلق هرع إلى بروفيسور غندور باعتباره رئيساً لاتحاد العمال يستفسره عن الحد الأدنى من العضوية المسموح به لانشاء نقابة، بعد اجابة غندور، سُمع الرجل وهو يحسب خمسة وخمسين، تلاتة وستين، تسعة وسبعين، وفجأة كبّر، الله أكبر، «على كدا ممكن نعمل نقابة ونرفع مذكرة نطالب فيها بعدم حل الحكومة أو اجراء تعديل وزاري»، أما حكاية توزير الشباب هذه فتكفي فيها قصة الوزيرة الشابة عزة التي حملتها الصدفة وتشابه الأسماء إلى المقعد الوزاري الذي أطيحت منه في أقرب تعديل تم، وفي قصة عزة عبرة في كيفية توزير الشباب، قيل ان المعنيين باختيار الوزراء الجدد طلبوا من بعض القيادات في الحزب «أن يشوفوا ليهم شابة من المؤتمر الوطني مؤهلة وشاطرة» لتشغل منصب وزير الدولة بالاتصالات، هكذا جاءت عزة، إذن المشكلة ليست فقط في منهج الحكم وإنما كذلك في منهج الاختيار... شمال كردفان تستقبل اليوم واليها الجديد مولانا احمد هارون