طبقاً للقليل من المعلومات التي تتوفر عليها الصحف وبعض مصادر المعلومات من داخل الحكومة والمؤتمر الوطني، فإن التغيير المتوقع في شكل الحكومة وأسماء من يتولون وزاراتها، لن يكون كبيراً، وكثير من التكهنات والتسريبات تشير إلى ظاهر التغيير وليس الرؤية الكلية التي من الواجب أن يتبناها المؤتمر الوطني. فمن الضروري للغاية ألا يلجأ المؤتمر الوطني وبيده كامل السلطة الآن، إلى الحلول التبعيضية والمعالجات الجزئية، في رسم ملامح المرحلة المقبلة، فالحديث عن إعادة هيكلة مؤسسات الحكم، ليس كافياً لإحداث التغيير المطلوب، ولا تغيير وجوه معدودة ومحدودة في الحكومة سيكون هو المنتظر من تحولات وإصلاحات، المطلوب هو تصور كامل للمرحلة المقبلة على صعيد الأفكار والمناهج والسياسات ومسار الحكم والتشريعات وغيرها من ضرورات ولوازم الإصلاح السياسي. الشعب الآن يريد تحولاً حقيقياً نحو بناء دولة مؤسسات تقوم على سيادة القانون والعدل والكفاءة ومحاربة الفساد وبناء الثقة وتجديد روح البناء والنهضة، مع ضخ دماء جديدة، ليس بالضرورة أن تكون فقط قائمة على معيار السن كما ينادي البعض ويقول بأن للشباب نسبة كبيرة في الحكومة القادمة، المطلوب ليس شباباً بلا خبرة ولا تجربة أو يكونون من خارج الإفراز الطبيعي لمجالاتهم الحيوية في العمل العام، إنما المطلوب هو الدفع بوجوه جديدة من أصحاب الكفاءة والتجربة والخبرة والتقى والورع، من يقودون الإصلاح الشامل لما فسد من ممارسة السلطة خلال الفترة الماضية. ومن الراشح في الساحة السياسية أن جهات عديدة ومراكز قوى داخل المؤتمر الوطني، بدأت تتحرك وتتقدم بمقترحات وتحدد أسماءً وترشح شخصيات بعينها لتولي المناصب الوزارية القادمة، وتسرب هذه المجموعات ما قدمته للرأي العام، كما أن قيادات في المؤتمر الوطني من أصحاب الوزن الخفيف هم الأكثر ظهوراً في مساقط الأضواء هذه الأيام لتسويق أنفسهم وإبراز نشاطهم، حتى يجدوا فرصة في الاستوزار القادم!! ويا هول المسؤولية التنفيذية في المرحلة القادمة، ويا لها من عبء ثقيل لو يعلمون. وحتي لا نغرق الرأي العام وعامة الناس في التكهنات والتخمينات والترجيحات، علينا التفكير بجدية وبتفاعل حقيقي، في مطلوب المرحلة المقبلة، هل هي مرحلة لتغيير متكامل وجوهري يحمل مضامين الإصلاح السياسي الشامل، أم هي حلقة دائرية مفرغة ندور فيها بذات الوجوه والمنهج والطريقة التي باتت لا تفي بمقابلة التحديات ومجابهتها. إذا اهتدى المؤتمر الوطني وحكومته وصناع قراره إلى ما يريده الشعب وينتظره الناس في هذا البلد، لأمعنوا النظر في مراجعات فكرية وسياسية، واتخذوا منهجاً إصلاحياً راديكالياً يتخذونه سبيلاً لتصحيح السياسات والبرامج لتجنب الأخطاء وإعادة تشكيل الأوضاع على قواعد جديدة. الذي نحسه ونتابعه أن التركيز كله على كيفية دمج الوزارات وحل بعضها وإجراء تعديلات على مؤسسات وأجهزة في الدولة، وهذا لن يجلب تحولاً ولا تغييراً يساعد في استقرار الحكم وسلامة الجسد الوطني من الأمراض والحمى والسهر!! كما أن التركيز على بقاء فلان في موقعه أو البحث له عن بديل بعد أن قضى سنوات طوال في المنصب الوزاري، هو عين الخطأ، فأي شخص يمكن أن يذهب للمكان الذي جاء منه، وإن كانت له مساهمة وعطاء فيقدم ما عنده بالرأي والمشورة، وأحياناً يوجد أناس مجرد ذهابهم من مواقعهم فيه منفعة وخير للبلاد والعباد. المهم بدلاً من أن يشغلنا ويلهينا ما يتسرب من أخبار الشخوص الداخلة حلبة الوزارة القادمة والمغادرين، فلننشغل كلنا بالتفكير العميق في ما نريده من تغيير في القضايا الكلية والسياسات والمناهج.