تحولت شوارع الخرطوم فى ساعات قليلة الى بحور ترتفع مياهها وتزيد وفى كل ثانية يتواصل المطر ويتناقص الأمان وتفقد الخرطوم بيوتاً وشوارع ومواطنين، تصعق بعضهم الكهرباء، وآخرون بقراءة المشاهد الموجودة فى الخرطوم سيجرفهم السيل الذى اجتاح بعض مدن الخرطوم وبلغ ارتفاعه ثلاثة امتار، وغيرهم تحت سقف يتاءكل رويدا رويدا ولا يخفى ضعفه، كل هذا والسماء ملبدة وحبلى. ٭ كان الطقس بارداً ورائعاً وممتعاً ونزل برداً وسلاماً على المواطن الذى تشوق للمياه النقية بعد ان تجرع مياه الخرطوم التى تجرى فى حنفياتها قبل أكثر من شهر، فقد اجتهد بعضهم وجمع مياه الامطار ودفقها فى جوفه، ومازال يستعد لجمع المزيد طالما أن التوقعات تشير إلى زوابع رعدية خلال الساعات القادمة. ٭ الخريف ضيف كريم ومعروف لزائريه، ولا يأتى إلا والخير والندى فى راحتيه، لكننا وللأسف لا نحسن وفادته ولا نستعد لعطاياه الثرة بفتح منافذ توزيع مياهه وسقياه وتوجيهها جيداً، فنحن نعرف الزمان والمكان المحددين لبداية الزيارة السنوية، لكننا نتجاهل او نتشاغل بما هو دون ذلك ولا يمت ل «استعدوا فالخريف على الإبواب». ٭ والله فضيحة مدوية ما يحدث الآن فى العاصمة الحضارية التى لم يستطع عرابو مشروعها الحضارى حماية المواطن وممتلكاته، فالصور لا تكذب والشوارع لا تتجمل، وكلها تسجل انهياراً بائناً وواضحاً يخبر عن كبوات متلاحقة لولاية الخرطوم التى تلازم مشروعاتها الكبوات دائماً فمشروع مواصلات شرونى كان النواة ويتبعه الآن التقاعس المرير وعدم الاستعداد لفصل الخريف الذى أبدت فيه الولاية حالة الاستنفار بعد أن بدأ المشهد الأول الذى اهداها زمجرة جعلها تتحرك ولكن بعد فوات الاوان مما اكسب تحركها كساحاً. ٭ وزارة التخطيط والبنى التحتية تجد الحل فى غرفة للطوارئ بعد جولة فى معية الوالى وقف فيها وزيرها على الأحوال، فعجل بغرفة مركزية لإجراء التدخل العاجل!! أين كان هذا التدخل العاجل والخريف يعلن عن نفسه بقوة ويهدي الولاية نسيما عليلاً قبل ان يدلف رسمياً لحدودها؟ أنى هذا التدخل ومجاري الولاية ومصارفها تحت بصر الولاية ملأى باكياس النفايات؟ اين هذا التدخل والولاية تواصل رعيتها وتنسى أن الرعية تحتاج الى مصارف نظيفة مهيأة لاستقبال الخريف، وتحتاج إلى شوارع تستقبل هذه المياه بتفصيل انسيابى سلس؟! اين هذا التدخل والولاية فى كل عام لا تعرف تصريفاً لخريفها إلا بعد أن تحصي أعداد المتأثرين والضحايا؟ ٭ إدمان الفشل هو عنوان صفحة الولاية فى هذا الخريف، ولم يسلم الخريف الذى سبقه من هذا الفشل، فالولاية لم تمنح نفسها فرصة تحويل جزء من القروض الخارجية لمجابهة هذا الفصل وأمطاره، وتهيئة البيئة والبنى التحتية التى تنهار الآن.. وسيتواصل الانهيار بزوابع رعدية في الأيام القادمة وتحذير الدفاع المدني. ٭ همسة: على ضفاف الذاكرة جلست إليه بيدها صورة قديمة وصوت من القلب يعلن الميلاد الجديد