٭ شهوة إصلاح العالم ودور الفنان المتميز في تحقيق هذه الشهوة هما أساس الفلسفة التي آمن بها صلاح عبد الصبور وقاد بها معركة الشعر الحر. وقرأ بها التاريخ واستنطق أحداثه.. عاش بها حاضره.. حاضر أهم فترة في تاريخ العالم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.. الفترة التي هزت الضمير الإنساني بصورة عامة وضمير الإنسان الفنان على وجه الخصوص. ٭ في استنطاق التاريخ قدم مأساة الحلاج في إطار الصراع بين الكلمة والفعل في سبيل شهوة إصلاح العالم ومحاربة الاستبداد.. استنطق الفترة التاريخية التي عاش فيها الحسين بن منصور الحلاج في الربع الأخير من القرن الثالث الهجري وكانت حياة مليئة بالجهاد الروحي والنضال الاجتماعي ونزل الى ارض الواقع ورأى الشر في فقر الفقراء وفي جوع الجوعى وفي ظلم الظالم وفقدان الحرية. ٭ وصلاح عبد الصبور رأى في مأساة الحلاج مأساة كل إنسان نبيل شريف، وعندما كتب المسرحية كتبها من فصلين اثنين اسمى الفصل الاول (الكلمة) والثاني (الموت) وبين هاتين الكلمتين قال الذي أراد أن يقول على لسان الحلاج: قد خبت لكن كلماتي ما خابت فستأتي آذان تتأمل إذ تسمع تنحدر منها كلماتي في القلب وقلوب تصنع من الفاظي قدره وتشد بها عصب الاذرع ومواكب تمشي نحو النور ولا ترجع إلا ان تسقي بلعاب الشمس روح الانسان المقهور الموجع ٭ وفي المسرحية قال الحلاج لصاحبه ورفيقه.. يا شبلي الشر استولى في ملكوت الله حدثني كيف اغمض العين عن الدنيا الآن ان يظلم قلبي. ٭ وبعدها خلع الحلاج جبته الصوفية ونزل الى دنيا الناس ومشى بكلماته بينهم واحتك بقضايا العامة واصطدم بالسلطة وبجماعة المتصوفة معا يقول للشبلي: هل تسألني ما أنوي؟ أنوي ان انزل للناس واحدثهم عن رغبة ربي الله قوي يا أبناء الله كونوا مثله الله فعول يا أبناء الله كونوا مثله. ٭ مثلما ناقش الحلاج الشبلي نجده أيضاً يحاور أحد المسجونين الثائرين حول موقف الانسان من الشر.. يقول له السجين الثائر.. وهل تصلحهم كلماتك؟ فيرد عليه الحلاج هل يصلحهم غضبك؟ لا ينبغي ان يصلح بل ان يستأصل فيسأل الحلاج من جديد وكيف تميز بين الاشرار والاخيار من فينا الشرير ومن فينا الخير؟ وكيف نقضي على الشر لكي يسود الخير؟ بالغضب أم بالكلمات أم بالسيف؟ بالسيف المبصر ويردد في حيرة عميقة وصادقة: من لي بالسيف المبصر من لي بالسيف المبصر ٭ صمود الحلاج في السجن وثباته على كلمته وموقفه اكسبه صلاح عبد الصبور معنًى فريداً وعميقاً جعل العذاب والألم يقع على الظالم أشد من المظلوم على الجلاد الذي عذبه صمت وصمود الحلاج. الحارس: لم لا تصرخ؟ الحلاج: هل يصرخ يا ولدي جسد ميت؟ الحارس: أصرخ اجعلني اسكت عن ضربك الحلاج: ستمل وتسكن يا ولدي الحارس: اصرخ لن اسكت حتى تصرخ الحلاج: عفواً يا ولدي صوتي لا يسعفني الحارس: قلت أصرخ انت تعذبني بهدوئك الحلاج: فليغفر لي الله عذابك اواصل مع تحياتي وشكري