إن الإنسان بطبيعته خلاق وموهبة الإبداع والخلق صفة فطرية فيه وليست قاصرة على فئة معينة . رغم ان عملية الرسم عملية ذاتية فردية فيسعى الانسان دائما ليحسن حياته ويجملها فيستمد الفنان افكاره من مجموعة الناس المحيطين به حتى وان ثار على عاداتهم واسلوب حياتهم يعدوا المنبع الخصب الذي يستلهم منه افكاره .الفن لايزدهر ويبلغ اقصاه الا في ظل الارتباط الوثيق بالناس فهذا الارتباط يقيه من خطر العزلة ووحدة الاغتراب .فبقدر حاجة الفنان للعزلة والتأمل والتفكير بقدر ماهو بحاجة للاتصال بهم ليس من اجل فقط نقل وتصوير حياتهم ولكن للعيش بينهم .عملية التأمل والتفكير واسترجاع الماضي تقود الفنان الى أعلى درجات الاحساس فيرى الفنان شيئاً جديداً في الشئ القديم نفسه ويكتشف فيه شيئاً مدهشاً في الشئ العادي فعملية الخلق لاتتم الابالتأمل كما له ايضا القدرة على الخيال أو تخيل الواقع مره اخرى وهو ليس تماما الواقع انه القدره على تجميل الواقع واعطائه حياة وهي ليست ابجدية النقل الحرفي للواقع هي اكثر صعوبة من ذلك ،فهي ليست لمجرد النقل أوالاستغراق في الخيال هي اعادة صياغة في مضمون وشكل مختلف كأنه واقع جديد .حرية الفنان تزداد بحسب قدرته على الالمام بتفاصيل الواقع وتخيلها وتجسيدها على نحو اكثر انسانية وأقل ايلاما .عملية الخلق لغة جديدة، لغة الواقع من اجل ان يكون واقعاً أجمل، العقل قادر أن يخلق صورا اخرى غير التى يقدمها الواقع والامة، يرسم الفنان تلك الصورة بنحو تلقائي شبه غريزي فتصبح عملية التعبير عملية ضرورية كالتنفس تماما. لاحياة للفنان دون نقل افكاره خارجه.في الفترات الاولى للفنان تكون افكاره مثالية ويتصور ان هناك حقيقة كاملة مطلقه تأتي بعد ذلك مرحلة اكثر نضجا، فلايعود المهم وجود كمال مطلق أوعدم وجوده المهم هو الابداع اللانهائي والطريق المفتوح امامه الذي ليس دوما نهايته النجاح او الفشل او الفناء، وهذا هو سر عذاب الفنان الخلاق وسر سعادته ايضا .حينما يرسم الفنان لايعرف لماذا غير ان عملية التعبير عن افكاره ضرورية لحياته، الفن يخدم الحياة والمجتمع ، يعكس الفنان موقفه من النظام السائد بطريقة تلقائية عفوية كأنما العمل المخلوق الى عمل خلاق قادر على خلق افكار ومشاعر جديدة في عقول وقلوب الناس وهذه هي الغاية من عملية الخلق والابداع. انها تخلق في الانسان افكارا جديدة ومشاعر أنقى تساعدهم على فهم انفسهم بصورة اوضح واحسن مافيهم واقوى مافيهم وتزيد من أملهم ونضالهم من اجل الحرية والعدالة ودفعه للغضب والثورة ضد الظلم والقهر والكبت وتفتح عينيه على الجمال والحب والحريه.يصبح الانسان اكثر قوة وثقة وثراء من الداخل وبالتالي اقل سيطرة واكثر بساطة وحنانا وتعاونا لان الشرط الاساسي الذي يساعد العمل الخلاق على تحقيق هذه الغاية هو الصدق وكلمة هنا تبدوسهلة لكنها السهل الممتنع أوالسهل الصعب.