تقرير: صديق رمضان: تختلط مشاعر مواطني حاضرة النيل الأزرق عند رؤية العقيد في جيش الحركة الشعبية عبدالله علي فضل وهو يعود لممارسة حياته الطبيعية دون قيود ،عقب انحيازه لخيار السلام قبل شهر ،فالسكان بالولاية التي عانت كثيرا من ويلات الحرب يقدرون موقف العقيد وينظرون اليه باعجاب ،وفي ذات الوقت يحدوهم الامل في ان يمضي رفاق مالك عقار علي طريق العقيد عبد الله ويعودون لحضن الولاية حتي تتمكن من مبارحة مربع الاقتتال ،فالسكان المحليون بالنيل الأزرق يعتقدون ان الحكومة وابناء الولاية من حملة السلاح ليس امامهم غير اتباع الحوار منهجا للوصول الي تسوية شاملة تعيد الاستقرار المنشود. وعقب مرور عامين علي اندلاع احداث الفاتح من سبتمبر 2011،ماتزال ولاية النيل الأزرق تبحث عن مفردة تتناولها الالسن وتهفو اليها الافئدة وتتمناها القلوب ،وهي السلام ،فرغم انحسار تواجد مقاتلي الحركة الشعبية وسيطرة القوات الحكومة علي 95% من مساحة الولاية كما اوضحت الاجهزة الامنية،وعلي الرغم من انحياز عدد مقدر من حملة السلاح لخيار السلام علي غرار العقيد عبدالله،الا ان الوصول الي محطة السلام النهائي يبدو مطلبا يوحد مواقف القوي السياسية والمواطنين ،فالجميع يري ان للنيل الأزرق خصوصية تختلف عن جنوب كردفان ودارفور،وهذا مايشير اليه المرشح السابق لمنصب الوالي بالنيل الأزرق ونائب امين المؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم انور جبارة،الذي يري ان هناك امكانية للوصول الي تسوية كاملة لقضايا الولاية، وان هناك مساحة للتحرك يجب ان تعمل مختلف القوي السياسية ومكونات المجتمع المدني للاستفادة منها وذلك من اجل ايقاف الحرب ،ويشير في حديث ل«الصحافة» الي ان اللجوء الي خيار الحوار هو الحل الوحيد للخروج بالولاية من أزمتها الراهنة ،وزاد»كفاية حرب، وعلي الحكومة والحركة الشعبية ان يقدما تنازلات من اجل السودان ومواطني النيل الأزرق». النيل الأزرق مرت بفترة عصيبة خلال العامين الماضيين فبخلاف تداعيات وانعكاسات الحرب، احدث الصراع بسبب الوالي الاسبق اللواء الهادي البشرى استقطابا واحتقانا حالا دون توحيد الجهود نحو السلام ،الا ان تولي حسين ياسين ابوسروال قيادة الولاية وضع حدا لحالة الخلافات التي ضربت جسد الحزب الحاكم بالولاية ،ونجح في تحريك الكثير من الملفات ابرزها تلك المتعلقة بفتح خطوط اتصال مع ابناء الولاية من حملة السلاح بالحركة الشعبية حسبما كشف بنفسه عن ذلك ،لاقناعهم بضرورة الانضمام الي ركب السلام واسفرت مجهوداته هذه عن عودة عدد مقدر من القيادات،وفي حديث سابق للوالي اكد المضي بعيدا في طريق السلام وذلك حينما قال: اتصالاتي بالمتمردين من أبناء النيل الأزرق لم تشمل حتى اللحظة «مالك عقار» ولو وجدت سبيلاً اليه لاتصلت عليه وحدثته عن ضرورة التفاوض والسلام. والجهود التي بدأت تتسارع لجعل السلام واقعا بالولاية لم تتوقف علي مايبذله الوالي حسين ياسين ،وامس الاول عقدت القوي السياسية بالولاية جلسة تفاكرية حول قضية السلام ،ووضعت خارطة طريق للخروج بالولاية من أزمتها الراهنة ،ويشير العضو بالمجلس الوطني والقيادي بالحركة الشعبية «تيار السلام» محجوب عبدالرسول موسى، الي ان التحركات الاخيرة التي تبذلها مختلف المكونات السياسية والاجتماعية بالولاية تعود الي حدوث تغيير في المناخ السياسي عقب تولي حسين ياسين منصب الوالي بحكم انه احد ابناء النيل الأزرق،ويقول في حديث ل«الصحافة» ان اعلان الوالي تسهيل مهمة كل من له علاقة بالحركة الشعبية للاتصال بها واقناع قادتها لاختيار السلام ،كان له وقع واثر جيدين،الا ان عضو المجلس الوطني يحذر من التأخير في الاتصال والتفاوض مع ابناء الولاية بالحركة الشعبية ،معتبرا ان عدم دخول الجبهة الثورية حتي الان الولاية يسهم في تقريب وجهات النظر بين الحكومة وحاملي السلاح ويسهل من مهمة الوصول الي اتفاق،وقال:تدخل الجبهة الثورية ربما بعثر كل الاوراق ،لذا لابد من قطع الطريق امامها عبر التفاوض والتسوية الشاملة التي تحل قضايا الولاية. وينظر اخرون الي الجهود المبذولة من اجل احلال السلام بالولاية من زاوية مغايرة ،ويعتبرونها دون المستوي المطلوب رغم تقديرهم لما يبذل ،ويعتقد المستشار السابق النذير ابراهيم ان المسؤولين بالولاية لم يظهروا اهتماما مقدرا بالحوار مع حاملي السلاح ولم يسعوا لحلحلة مشاكل النيل الأزرق ،مرجعا ذلك في حديث ل«الصحافة» الي تمترس معظم قيادات الولاية في مربع الجمود لخشيتهم من عواقب فتح خطوط اتصال لاقناع قادة الحركة الشعبية بالعودة ،ويعيب المستشار السابق علي قيادات الولاية عدم امتلاكها للتأثير علي سياسات المركز مثلما يفعل نظراؤهم بجنوب كردفان ،الذين امتدح ادوارهم خلال الفترة الماضية وسعيهم الحثيث نحو احلال السلام وفرض رؤاهم علي المركز ،الا ان النزير ابراهيم يعود مشيدا بالصحوة الاخيرة التي انتظمت الولاية والمتمثلة في الحراك السياسي والمجتمعي الواسع الذي يستهدف تحريك ملف السلام عبر الاتصال بحاملي السلاح واقناعهم بضرورة العودة،وقال ان المركز مطالب بالاستماع الي رؤي القوي السياسية بالولاية وان يسمح لها بالتحرك من اجل دفع عملية السلام. الجمود الذي اصاب ملف التفاوض بين الحكومة وقطاع الشمال ،جعل بعض قيادات النيل الأزرق تطالب بفصل قضية الولاية لتسريع وتيرة الحل ،الا ان هناك من يحذر من الحل الثنائي بين الحكومة والحركة الشعبية ،ويري نائب امين المؤتمر الشعبي انور جبارة ان اسباب تأخيرالوصول الي اتفاق بين الطرفين يعود الي فقدانهما لعامل الثقة ،وقال ان هذا يحتم مشاركة اطراف اخري في التفاوض من اجل تحريك الجمود وضمان تنفيذ مايتم التوصل اليه ،ويري ان القوي السياسية ومكونات المجتمع بالولاية مطالبة بالعمل علي تجسير هوة الخلاف بين الحركة الشعبية والحكومة ودفعهما نحو الحوار والتفاوض،مؤكدا ان قضية الولاية ليست شائكة ويمكن حلها بكل سهولة اذا توفرت الارادة ،وتحركت كل الاطراف نحو السلام . انعكاسات الحرب علي الولاية بحسب البعض تفرض علي كل المكونات السياسية والاجتماعية وقادة الولاية ممارسة ضغوط علي المركز من جهة وفتح خطوط اتصال مع قيادات الحركة لاقناعهم بالانحياز للسلام ،والولاية برغم استتباب الامن الا انها مازالت تعاني من اثار الحرب التي طالت القطاع الزراعي والتجاري وانعكست سلبا علي حياة المواطنين،ويعترف القيادي بالمؤتمر الوطني ونائب الوالي الاسبق الدكتور ادم ابكر اسماعيل بوجود ثمة انعكاسات سالبة للحرب بالولاية ماتزال ماثلة ،مشيرا في حديث ل«الصحافة» الي ان الحركة الشعبية انهزمت عسكريا وسياسيا الا انها تثير بعض التفلتات التي تعكر صفو الامن ،ويقول ابكر ان الوصول الي اتفاق مع حملة السلاح يمثل مخرجا للولاية من مربع الحرب واثارها ،وقال:نعم الولاية تشهد استقرارا سياسيا واجتماعيا وهناك مجهودات تبذلها الحكومة من اجل تحسين الاوضاع ،الا ان الحوار هو السبيل الوحيد لتعافي الولاية ،ويري الدكتور ادم ابكر ان الحكومة المركزية مطالبة بمراعاة خصوصية الولاية وان تتيح المجال لابنائها لجعل الاتفاق داخليا ،ويعتقد ابكر ان فصل قضية الولاية في ملف التفاوض يسرع من وتيرة السلام ،وقال ان الحكومة اعلنت مرارا وتكرارا ترحيبها بالحوار وان هذا يحتم علي حاملي السلاح من ابناء الولاية اختيار طاولة التفاوض طريقا لتحقيق اكبر مكاسب ينشدونها ،مؤكدا ان الحرب لن تضع حدا لمشاكل الولاية.