الخرطوم:محمد سعيد: في اجواء خريفية على ضفاف النيل الازرق بالخرطوم رسم السودان وجنوب السودان ملامح "صفحة جديدة وطي الفصل القديم" واكدا التزامهما بالوصول الى مرحلة التعاون الكامل على حدود مرنة وآمنة ينساب عبرها النفط والتجارة وحركة المواطنين والرعاة والمزراعين. ووصل رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت الى الخرطوم صباح امس في زيارة استغرقت 6 ساعات. البشير وسلفاكير ودخلا في مباحثات مشتركة اتسمت بأجواء ايجابية سادت اروقة الطرفين وأعلن رئيسا السودان وجنوب السودان، عمر البشير وسلفاكير ميارديت، امس فتح صفحة جديدة في علاقات (السودانين)، وتنفيذ واحترام اتفاق التعاون الموقع بين الخرطوموجوبا بأديس أبابا في سبتمبر 2012، وتعهدا بعدم دعم وإيواء المتمردين. واعلن الرئيس عمر البشير استمرار انسياب نفط جنوب السودان عبر الاراضي والمنشآت السودانية دون اية عوائق على حدود مرنة وآمنة، ورأى ان المباحثات التي جرت بين الرئيسين في الخرطوم علامة فارقة في العلاقة بين البلدين، واضاف « تمكنا واتفقنا على ازالة كافة العقبات وتطبيق اتفاق التعاون بصورة كاملة دون ان نحتاج الى دعم خارجي وعبر الاتصال المباشر « معربا عن امله في عودة العلاقات الى طبيعتها وزاد « لازالت شعوبنا تنظر الى السودان الموحد وجدانيا على الرغم من انفصاله سياسيا ودبلوماسيا «. و استمرت مباحثات البشير وسلفاكير لاكثر من 4ساعات تخللتها لقاءات سلفاكير بزعماء القوى السياسية ابرزهم الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي ورئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي وزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل محمد عثمان الميرغني ورئيس الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب وزعيم تحالف المعارضة فاروق ابوعيسى. وأكد الرئيس عمر البشير في الجلسة الافتتاحية احترام السودان للاتفاقيات المبرمة مع جنوب السودان والتزامه بتنفيذها بروح المسؤولية والإرادة السياسية كحزمة واحدة وباتساق تام بين كافة مكوناتها وبنودها. وجدد الرئيس عمر البشير التزام الخرطوم بعلاقات حسن الجوار مع جوبا واحترام سيادتها كدولة جارة تمتاز بعلاقات ذات خصوصية. ودفع البشير بمقترح تشكيل اللجنة الوزارية العليا المشتركة ولجنتها التنفيذية لتنسيق ومتابعة أعمال كافة اللجان المشتركة التي تزيد عن ثلاثين لجنة وآلية مشتركة حسب مصفوفة تنفيذ الاتفاقيات. وقال ان السودان حريص على «تجاوز عثرات الماضي والانفتاح على مستقبل يليق بشعبي البلدين»، مشددا على اهمية تحديد الخط الصفري للامن بالنسبة للحدود وتبادل المنافع من تجارة ونفط وحركة الرعاة. وقال «ان الالتزام بوقف الدعم والايواء لحركات التمرد هو الوسيلة الأنجع في عملية بناء الثقة بين البلدين». واكد عزم السودان على إيجاد حل نهائي ومرض لكافة اطراف ابيي بما يضمن تعايشا سلميا بين مكونات المجتمعات المحلية توطئة لايجاد تسوية نهائية للمسألة «حتى لا تكون خنجرا في خاصرة علاقات البلدين مستقبلا». وأكد البشير التزام السودان بالشروع الفوري في ترسيم الحدود المتفق عليها وفقا لاتفاقيات التعاون والعمل على تسهيل إكمال فريق الخبراء الافارقة لمهامهم بشأن المناطق المتنازع عليها. واشار الى اهمية مساعدة الطرفين للاليات الافريقية التي اقترحتها لجنة امبيكي والمتمثلة في آلية تحديد الخط الصفري وآلية وقف الدعم والايواء على إنجاز مهامها في اقرب وقت وفقا لخطة عملها. وأضاف «نحسب اننا الآن على اعتاب مرحلة جديدة يحدونا الامل في ان نسلك طريقها القويم بتنفيذ كافة اتفاقيات التعاون بيننا بجدية ونزاهة وصبر». سلفاكير: صفحة جديدة من جهته أكد سلفاكير رغبة بلاده في فتح صفحة جديدة لعلاقاتها مع الخرطوم واغلاق الصفحة القديمة بتنفيذ كل ما اتفق عليه الطرفان في مصفوفة التعاون التي وقعا عليها العام الماضي في العاصمة الاثيوبية أديس ابابا. وأعلن استعداده الكامل لاتخاذ كافة الاجراءات لتأكيد حرص بلاده على عدم دعم وايواء متمردين من السودان، حسب الاتهامات الأخيرة،وقال « وردتنا اتهامات من قبل الخرطوم لكن وفقا للواقع فإن بلادنا لاتدعم الحركات المعارضة ولاتوفر لها الايواء وانا على استعداد للوفاء بوعدي في هذا الصدد وانا هنا لااريد ان ادافع عن نفسي» وطالب الخرطوم بفتح الحدود وانسياب التجارة، وأكد استعداده لتنفيذ ذلك خلال 24 ساعة وقال « السودان هو الذي اغلق الحدود من جانبه ونحن لم نفعل ذلك « وتابع « لانريد ان تكون هذه الاتفاقيات على الكتب سنعمل لتنفيذها بشكل كامل ونحن نأتي من اجل ذلك «. ورأى سلفاكير ان البلدين لايجب ان يكونا في حالة تأهب ونذر حرب ويجب ان يوفرا الخدمات لمواطنيهما لانهم يواجهون كوارث في الفيضانات وغيرها واضاف « لانريد ان نرى المواطنين يعانون ونحن لانتمكن من مساعدتهم». كما نوه سلفاكيرالى ان قضية ابيي لن تكون عائقا امام البلدين لكنه اشار الى ضرورة تنفيذ قرار المحكمة الدولية بشأن المنطقة، الى جانب مقترحات الاتحاد الافريقي واتفاق السلام الشامل وبروتوكول ابيي وقال «لاخيار غير ذلك كي يتمتع مواطنو ابيي بحقوق المواطنة « وقال ان جوبا قبلت مقترحات الاتحاد الافريقي وتنتظر موافقة الخرطوم على تلك المقترحات، واضاف «فيما يتعلق بالحدود هناك مشكلة سوء فهم حصلت عندما بدأت بعثة ترسيم الحدود الافريقية في المناطق الحدودية وحدثت بعض الحساسيات ولكني ابلغت نواب البرلمان بالتوجه الى مناطقهم واعطاء المعلومات للمواطنين حول ترسيم الحدود ومساعدة البعثة الافريقية على انجاز اعمالها «. ورأى سلفاكير ان فتح الممرات والمعابر الحدودية سيؤدي الى انتعاش التجارة الحدودية بين البلدين وقال « مواطنو جنوب السودان ينتظرون التجار السودانيين بصبر نافذ لنقل البضاعة الى هناك للمستهلكين «. البيان المشترك واتفق السودان وجنوب السودان بحسب بيان صادر عقب نهاية المباحثات على تسهيل ودعم مهمة الآليات الواردة بمقترح رئيس الآلية الافريقية رفيعة المستوى الرئيس تابو مبيكي بتاريخ 9 يونيو 2013م بشأن تحديد المنطقة الآمنة منزوعة السلاح ووقف الدعم والايواء للحركات المتمردة حتى تستكمل عملها في اطار خطتها في هذا الشأن، باعتبار أن مهمتها جوهرية وحيوية لاستتباب الأمن على الحدود وتحديد المعابر بما يسمح بانسياب حركة المواطنين والبضائع والنفط بالاضافة لحركة الرعاة والمزارعين عبر الحدود. كما اتفقا على المخاطبة المشتركة للمجتمع الدولي، بدعم من الآلية الافريقية رفيعة المستوى، لإعفاء ديون السودان ودعم التنمية بالبلدين. وأكد الجانبان على أهمية الاستمرار في الحوار البناء والفاعل لحل ما تبقى من قضايا وتشمل قضية أبيي وموضوع الحدود، وأمّنا على أهمية التوصل لاتفاق عاجل بشأن تشكيل المؤسسات المدنية الانتقالية بمنطقة أبيي بما يمهد الطريق للرئيسين للتوصل لتسوية نهائية بشأنها. كما اتفقا على تسهيل عمل فريق الخبراء الأفارقة لحل قضية المناطق المتنازع عليها والشروع في ترسيم الحدود المتفق عليها. وقد تم خلال الزيارة التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال بالبلدين، حيث ضم الوفد المرافق لسلفاكير مجموعة من أعضاء اتحاد أصحاب العمل ورجال الأعمال بجنوب السودان. و عبر الجانبان عن أملهما في أن تمثل مخرجات الزيارة علامة فارقة ودفعة قوية للعلاقات بين البلدين، وفي هذا الصدد يدعو الجانبان منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في البلدين للعب دور ايجابي لدعم أهداف الاستقرار المنشود لمصلحة شعبي البلدين. وأعرب الجانبان كذلك عن امتنانهما لدعم وتشجيع المجتمع الاقليمي والدولي لجهود تطبيع العلاقات بينهما، ويخصان بالشكر الاتحاد الافريقي ممثلاً في الآلية الافريقية رفيعة المستوى ومجلس السلم والأمن الافريقي وبعثة اليونسفا. كرتي : أنا أكثر تفاؤلاً وقال وزير الخارجية علي كرتي، للصحفيين عقب وصول رئيس جنوب السودان، إن الزيارة تفتح الباب لعلاقات جديدة بين الخرطوموجوبا لتجاوز العقبات التي ظلت تؤثر على مسارات العلاقة بين البلدين. وأضاف «أن الأجواء مناسبة، ونعتقد أن الرئيس سلفاكير جاء بنوايا طيبة كما سمعنا قبل الزيارة وخلال حديثه في ترحيب الرئيس به. لكن كرتي رأى في رده على استفسارات الصحفيين أن زيارة يوم واحد ليست كافية لحل كل القضايا، وقال إن مثل هذه الزيارة مطلوب منها إبداء حسن النوايا وحل بعض المسائل الأساسية وقال ان هناك اسبابا حقيقية تجعله اكثر تفاؤلا. مايانق :لاعودة إلى الوراء وقال وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي بجنوب السودان، السفير شارلس ميانق، ان البلدين تجاوزا العقبات التي اعترضت تنفيذ اتفاق التعاون والقضايا العالقة وهناك تفاؤل كبير. وقال ميناق للصحفيين « نحن كدبلوماسيين لانعترف بالعقبات ويجب ان نمضي في تبادل المنافع حتى وان حدثت التوترات في بعض القضايا». وقال وزير رئاسة الجمهورية ادريس محمد عبدالقادر في تصريحات صحفية « كل الاتفاقيات التي ابرمت سنشرع في تننفيذها فورا ونحن سنعمل منذ هذه اللحظة على تطبيق الاقوال الى افعال «. الترابي: أنا أكثر استبشارًا بعودة العلاقات بين الشعبين وعقد رئيس جنوب السودان، لقاءات منفصلة مع زعماء القوى السياسية ابرزهم الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي وزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل محمد عثمان محمد المرغني، ورئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي، وزعيم الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب ورئيس تحالف المعارضة فاروق ابوعيسى. وقال الترابي للصحفيين عقب لقاء سلفاكير انه تحدث مع رئيس جنوب السودان حول الهموم المشتركة التي تخص الشعبين، واضاف « انا اكثر استبشارا بمصائر الشعبين « وتابع « الآن ادرك الشعبان ان علاقتهما اوثق مما كانا يريدانه يوم تفاصلا «.