رصد : عبدالوهاب جمعة: انتهت انتخابات 2010 بعد اعلان نتائجها بيد ان الانتخابات ظلت حاضرة منذ ذلك الوقت في الذين حملتهم صناديق الاقتراع الى البرلمان، وفي نفوس الاحزاب التي لم تشارك في تلك الانتخابات ، ومن اجل اعادة تقييم تلك التجربة عمد مركز دراسات المجتمع الى اجراء سلسلة من الندوات تحت مسمى « الانتخابات والدستور : الاستحقاقات والتحديات» وفي النسخة الثانية من تلك الندوات قدم المركز ندوة « تجربة انتخابات 2010 » لتنبيه الناشطين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني لاستحقاقات الانتخابات المقبلة في 2015 والتي لم يتبق عليها الا القليل من الزمن. ابتدرت وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي السابقة ومديرة مركز دراسات المجتمع اميرة الفاضل الورشة بالقول ان انتخابات 2010 كانت علامة فارقة بين كل الانتخابات التي جرت في السودان، مشيرة الى ان الانتخابات الاخيرة جرت في مرحلة مفصلية وكانت حدا فاصلا بين فترتين في تاريخ السودان حيث انها كانت آخر انتخابات قبل التحول الكبير بانفصال الجنوب، مبينة ان الانتخابات المقبلة في 2015 تأتي في ظل متغير جديد هو انها اول انتخابات بعد الانفصال، مشيرة الى اهتمام المركز بدراسة الانتخابات السابقة لتكون عونا للاحزاب في انتخابات 2015 المقبلة. الامين العام لمفوضية الانتخابات دكتور جلال محمد أحمد قدم تجربة المفوضية في اجراء انتخابات 2010 وقال ان المفوضية انشأت كمفوضية مستقلة ومحايدة وشفافة بغرض تنظيم وادارة الانتخابات باستقلالية تامة دون تدخل من اي جهة، مشيرا الى ان مفوضية الانتخابات تعتبر فريدة من نوعها طيلة تاريخ انتخابات البلاد لجهة ان كل لجان الانتخابات السابقة تنتهي بانتهاء الانتخابات، وقال ان مفوضية الانتخابات تتميز بانها دائمة ، مبينا ان الانتخابات اجريت وفق دستور 2005 واتفاقية السلام الشامل وقانون الانتخابات القومية لعام 2008 ، مؤكدا ان قانون الانتخابات احتوى على 112 مادة « لم تترك حيزا للوائح او للمفوضية » . وتطرق جلال الى اوجه القصور التي واجهتها المفوضية والمتمثلة في العاملين بالمفوضية، وقال انه لم يتم تعيين طريقة توظيفهم، مشيرا الى انهم استعانوا بالمعاشيين والعاملين بالقطاع الخاص والطلاب ، وتحدث عن ميزانية المفوضية وقال انه تم وضع جدول زمني لتقديرات الميزانية، مشيرا الى ان الدعم الاجنبي كان بارزا في المجالات المادية والفنية والعينية بجانب رعاية الاممالمتحدة من خلال برنامج الاممالمتحدة الانمائي . وكشف جلال ان الميزانية تحددت ب« 639» مليون جنيه اي ما يعادل حوالي « 315» مليون دولار، مشيرا الى مساهمة المانحين ب«43%» من الميزانية اي حوالي 275 مليون جنيه بينما تكفل السودان بنسبة 57% اي «364» مليون جنيه ، مشيرا الى ان التزامات المانحين وضعت في صندوق دعم المانحين، وكشف عن مشاركة 163 خبيرا اجنبيا في مجالات اللوجستيك وتقسيم الدوائر والسجل الانتخابي والمراقبة. وقال جلال ان المفوضية لم تتوقف عن العمل منذ انتهاء الانتخابات، مشيرا الى انهم شرعوا في مراجعة قانون الانتخابات ومراجعة السجل الانتخابي ومراجعة الهيكل والتدريب المكثف، موضحا انهم سيرفعون القانون للجهات المختصة. عضو المفوضية عبدالله بله الحاردلو قال ان انتخابات 2010 كانت محفوفة بالصعوبات حيث اجريت الانتخابات على «6» مستويات من انتخابات رئيس الجمهورية وحكومة الجنوب و25 مجلسا تشريعيا ولائيا، مشيرا الى ان الناخب تحمل عبء 12 بطاقة انتخابية بالجنوب و «8» بالشمال، مشيرا الى تقسيم عدد سكان البلاد البالغ عددهم انذاك «39» مليونا على عدد الدوائر الجغرافية والتمثيل النسبي والولائي، موضحا صعوبات تحديد الدوائر الجغرافية في كل البلاد، مؤكدا ان اختيار الدوائر الجغرافية احيط بسياج قانوني واداري كامل، لافتا الى المجهودات التي بذلت في السجل الانتخابي من تكوين عدد من اللجان وتحديد شروط اهلية الناخب، مؤكدا انهم سلموا كل الاحزاب السجل الانتخابي ، وقال ان عدد الذين تم تسجليهم في السجل الانتخابي ويحق لهم التصويت بلغ « 16176420 » ، واقر الحاردلو بان الحملات الانتخابية واجهت لغطا كبيرا لجهة ان اجهزة الاعلام مملوكة للدولة. ولفت الحاردلو الى ان المفوضية ظلت في حالة انعقاد بعد انتهاء الانتخابات وشارك في المناقشات خبراء واحزاب للوصول لخريطة انتخابات 2015 ، مشيرا الى تواصلهم مع الاحزاب السياسية وقطع بانه لا انتخابات بدون احزاب ولفت الى ان اكبر انجاز في انتخابات 2010 كان عملية تأمين الانتخابات من قبل وزارة الداخلية والشرطة، مشيرا الى ان كل لجان المراقبة الدولية اشادت بعملية التأمين. عقب على الورقتين السفير حسن عابدين، وقال ان الانتخابات ليست تنظيما اداريا وفنيا مهما بلغ كمال تنظيمها ، مشيرا الى ان هناك جانبا سياسيا سماه « المناخ السياسي» وقطع بانه لا توجد انتخابات حرة ونزيهة بمعزل عن البيئة السياسية التي تمت فيها ، وابان ان انتخابات 2010 كانت نزيهة وعادلة وخالية من التزوير بيد انها كانت من جانب واحد، مشيرا الى ان البيئة السياسية السائدة جعلت بعض الاحزاب تقاطع الانتخابات. واوضح السفير عابدين انه في الانتخابات لايتم الاكتفاء بمعايير الحرية والنزاهة وانما يجب التحدث عن التنافسية ، وابان ان معيار التنافسية يمنح الانتخابات الاعتمادية والمصداقية، وقال ان المصداقية تأتي من المشاركة الواسعة في كل مراحل الانتخابات من التسجيل الى الاقتراع، مشيرا الى ان انتخابات 2010 انتهت ببرلمان حزب واحد . من هذه الجزئية ينطلق السفير عابدين لوضع حصان الانتخابات امام العربة ويقول ماهى الحوافز والضمانات لمشاركة واسعة في اطار التنافسية لضمان مصداقية الانتخابات؟ يجيب عابدين بعبارة واحدة: « المناخ السياسي والبيئة المواتية » ويؤكد انه لابد من وجود ثقة متبادلة لشركاء العملية السياسية خصوصا الاحزاب السياسية ، ويضع وصفة لنجاح الانتخابات تبدأ من اتاحة وتوسيع الحريات حيث يطبق القانون بمرونة دون تضييق واشاعة حرية الاجتماع واللقاءات والترويج الاعلامي وتنتهي بالتزام الاحزاب بطرح قومي وبرامجي والنأي عن المكايدات الشخصية . ويؤكد عابدين ان توفير المناخ السياسي ليس من اختصاص المفوضية بيد ان المناخ السياسي ان حدث فانه سيكرس التداول السلمي للسلطة ويضمن سمتين هامتين : المشاركة الواسعة والتنافس الحقيقي والقبول « السمح» للنتائج .