وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النيل .... بذور النزاعات وآفاق التعاون
نشر في الصحافة يوم 13 - 09 - 2013

الخرطوم:بله علي عمر: خلص الخبير بالبنك الدولي الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان في محاضرته التي قدمها بمركز ابحاث السلام بجامعة بحري الثلاثاء الماضي والتي نشرتها الصحافة إلى:
- يحجز سدّ النهضة جزءاً كبيراً من كميات الطمي الضخمة التي يحملها النيل الأزرق كل عام الى السودان والتي تفوق كميتها خمسين مليون طن. وقد تسبّبت هذه الكميات الضخمة عبر السنين في فقدان خزاني سنار والروصيرص لأكثر من نصف الطاقة التخزينية للمياه والتوليدية للكهرباء.
- سوف يُطيل سدّ النهضة عمر خزان الروصيرص بحجزه لكمية الأشجار والحيوانات والمواد الأخرى الضخمة التي يجرفها النيل الأزرق.
- يوقف سدّ النهضة الفيضانات المدمّرة التي تجتاح مدن النيل الأزرق في السودان كل سنواتٍ قليلة، وسوف ينظّم انسياب النيل طوال العام في السودان،
- ان انسياب النيل الأزرق على مدى العام سوف يساعد في التغذية المتواصلة كل أشهر السنة للمياه الجوفية في المنطقة بدلاً من تغذيتها فقط في الأشهر الثلاثة التي يفيض فيها النيل الأزرق، وسوف ينظم توليد الكهرباء من سد مروي ويساعد على تعدد الدورات الزراعية المروية.
- وعدت اثيوبيا ببيع كهرباء السدّ للسودان ومصر بسعر التكلفة. وهذا السعر هو حوالى ربع التكلفة لتوليد الكهرباء في خزان مروي والسدّ العالي.
- لاثيوبيا حقوق بمقتضى القانون الدولي والمنطق والعدالة في مياه النيل سيما انها المصدر لحوالى 86% من مياه النيل.
كما ان اتفاقية مياه النيل لعام 1959 «والتي أُبْرِمتْ بين السودان ومصر فقط» قد اعترفت بحقوق الدول النيلية الأخرى في مياه النيل.
- احتج السودان ومصر بشدّةٍ على السدّ بحجة أنه يسبّب أضراراً بالغة ويقلّل كميات المياه التي سيحملها النيل الأزرق لهما. واقترحت اثيوبيا تكوين لجنة من عشرة أعضاء تشمل عضوين من كلٍ من مصر والسودان واثيوبيا، وأربعة أعضاء آخرين من خارج دول حوض النيل لتنظر في أي أضرارٍ قد تنتج من سدّ النهضة وتقترح الحلول اللازمة للتقليل من هذه الأضرار.
- تأكيد اثيوبيا أن مياه النيل الأزرق التي سوف يتمّ استخدامها لتوليد الكهرباء في سدِّ النهضة تعود بعد ذلك للنيل الأزرق وتواصل انسيابها للسودان ومصر. كما أن اثيوبيا قد أوضحت مراراً وتكراراً أنه لن تكون هناك استخدامات أي مياهٍ من سد النهضة لأغراض الري وأكّدت ذلك طبيعة منطقة السد الصخرية.
- القول بأن تحويل مجرى النيل الأزرق هو خرقٌ للقانون الدولي لأنه تمّ بدون اخطارٍ للسودان ومصر قولٌ يناقض الواقع أيضاً. فالسودان ومصر عضوان فاعلان في اللجنة الدولية التي لديها ما لديها من معلوماتٍ عن سدّ النهضة منذ أكثر من عام.
- لو انهار سدّ النهضة فستكون له آثار كارثية على السودان. ولكن لو انهار السدّ العالي فستكون آثاره الكارثية أكبر على مصر. ولو انهار سدّ مروي فستغرق معظم المدن والقرى السودانية حتى حلفا القديمة. ولو انهار خزان الروصيرص فستغرق كل المدن والقرى على ضفافه حتى الخرطوم. انهيار السدود ونتائجه الكارثية اذن ليست حكراً على سدّ النهضة ثم كيف لدولة تصرف خمسة مليارتن دولار من أموال شعبها على سدٍّ وتهمل موضوع سلامة ذلك السدّ.
- القول أن سدّ النهضة يقع في منطقة زلزالٍ «وعليه فهو معرّضٌ للانهيار» قولٌ مردودٌ أيضاً. فنحن لم نسمع عن أي زلزالٍ في اثيوبيا اطلاقاً. ولو كانت المنطقة منطقة زلزال لانهار خزان الروصيرص، ابن الخمسين عاما، والذي يقع في نفس المنطقة الجغرافية لسدّ النهضة.
- ان السودان يحتاج الآن أكثر من أي وقتٍ مضى «بعد ذهاب بترول الجنوب» لاستعمال كل نصيبه من مياه النيل واسترداد السلفة المائية التي منحها لمصر عام 1959، كما أن مصر تحتاج الى مياهٍ اضافية لتوقف استيراد أكثر من 60% من احتياجاتها من القمح كما تفعل الآن «مصر هي أكبر مستوردٍ للقمح في العالم رغم الاستعمالات الضخمة والمهولة لمياه النيل، والتي تتكوّن حالياً من كل نصيبها وثلث نصيب السودان من مياه النيل ،الزيادات في مياه النيل لن تتأتّى الا بالتعاون التام وبحسن نية وصدق مع دول حوض النيل الأخرى، والتخلّي عن سياسة الاستعلاء والاقصاء والتهديد التي ظلّ السودان ومصر يمارسانها لأكثر من نصف قرنٍ من الزمان، والتي لم تولّد الا الغبن والاصرار من هذه الدول على انتزاع حقوقها، بأي ثمنٍ، كما يحدث الآن.
المداولات :
استاذ الجغرافيا السياسية بجامعة بحري الدكتور جمعة كندة:
المعقب الرئيسي للورقة تحدث قائلا بان الموقف المصري متشدد ورافض للمشروع مثولا للدراسات التي اعدها اكاديميون وخبراء بمجموعة دراسات النيل بجامعة القاهرة كما دعم ذلك التوجه الصحفيون والعاملون بالوسائط الاعلامية المصرية، ووصف كندة الحراك السوداني تجاه المشروع بالمتواضع .
واكد دكتور جمعة كندة بان حوض النيل حلقة تجمع افريقيا بالوطن العربي وان اي توتر فيه يمكن ان يتحول الي صراع اقليمي منتقدا التصريحات التي ادلي بها نائب وزير الخارجية السعودي الذي اكد بان قيام المشروع تهديد مباشر للامن القومي العربي اذ يمثل خطرا علي مصالح مصر والسودان.
واشار دكتور جمعة الي ردة الفعل الاثيوبية المتمثلة في الحديث الذي ادلي به بروفيسور اميقو وهو اكاديمي اثيوبي مقيم بلوس انجلوس الامريكية الذي رد بمقال جاء فيه ان الافضل للاثيوبيين الموت حربا بدلا عن الموت فقرا .
واكد كندة ان الموقف السوداني واضح بدعم قيام السد من خلال تقديم الحكومة لعدد «22» آلية ثقيلة لاعمال النظافة في الموقع المقترح مطالبا بعدم الزج بالسودان في الموقف المصري .
الاستاذ عبدالمحمود نورالدائم الكرنكي رئيس تحرير الصحافة:
ان عدم تمويل المشروع من قبل البنك الدولي لدولة فقيرة وذات كثافة سكانية عالية «90» مليون نسمة امر له دلالات سياسية ، و ثمن الكرنكي جهود اثيوبيا واصرارها علي قيام السد اعتمادا علي مواردها الذاتية ، مؤكدا الانعكاسات الايجابية للسد علي السودان مستدلا بمشروع سد نهر تكزي « نهر عطبرة » والذي كان له الفضل في اعادة الحياة لمشروع خشم القربة اذ اسهم الخزان في حجب ملايين الاطنان من الاطماء التي قللت الطاقة الاستيعابية لخزان خشم القربة .
واشار الكرنكي الي ان السودان اخطأ في حق اثيوبيا بدعمه المتواصل للموقف المصري وقد جاءت نتائج ذلك الموقف كارثية علي البلاد معتبرا انفصال الجنوب احد نتائج تلك المواقف.
واكد الكرنكي ان السد يعني حماية الولايات النيلية واراضيها الزراعية من مخاطر الفيضانات، وقال الكرنكي بامكانية عمل اقتصادي كبير فاثيوبيا لديها الماء والسودان يملك الاراضي الزراعية الواسعة مؤكدا بامكانية شق قناة لري الاراضي الزراعية بالقضارف.
المهندس ميرغني تاج السر:
سد النهضة فيه مصلحة للسودان خاصة الاجيال القادمة غير ان المشروع لم تسبقه الدراسات الاكاديمية والهندسية اللازمة.
واكد تاج السر ان من ايجابيات المشروع حجب الاطماء وما تسببه من اضرار ، مشيرا الي ان التعتيم الذي سبق تنفيذ المشروع ادي للتخوف من قيامه برغم ايجابياته المتعددة وحذر تاج السر مما سماه بعقليية المؤامرة التي قد تشعل المنطقة.
ممثل السفارة المصرية :
اكد ان الحوار هو المسلك الوحيد الذي تعتمده الحكومة المصرية لمناقشة الاثار المترتبة علي المشروع وانه لا الصحافة ولا الوسائط الاعلامية الاليكترونية هي التي تمثل الرؤية الرسمية المصرية، وقال ممثل السفارة المصرية ان سد النهضة لا يختزل في السد مؤكدا بامكانية التوصل لاتفاق مشترك.
ممثل السفارة الاثيوبية:
اكد بان السودان ليس ببعيد في مواقفه تجاه السد من اثيوبيا واكد ان السد يأتي ضمن استراتيجية بلاده في الخروج من دائرة الفقر ، مشيرا للانعكاسات الايجابية للسد علي السودان مستدلا بتجربة خزان تكزي «نهر عطبرة » التي مكنت مزارعي خشم القربة من 3 عروات زراعية في العام كما تمتد الجدوي لمصر. وقال ممثل السفارة الاثيوبية ان النيل سيظل جسرا للتواصل.
الدكتور سلمان في تعقيبه علي مداخلات المتحدثين قال ان لنهر النيل خصائص كثيرة تميّزه عن الأحواض المشتركة الأخرى. فهو أطول نهرٍ في العالم، حوالى 6,660 كيلومتر وقد اقيمت عليه أقدم وأكبر السدود بدءا بخزان اسوان 1902 وخزان سنار في السودان عام 1925، وخزان جبل أولياء عام 1937، وسدّ "شلالات أوين" في يوغندا في عام 1949 و خزاني الروصيرص وخشم القربة ، ثم السد العالي في مصر والذي كان أكبر سدٍّ في العالم حين اكتمل بناؤه في عام 1971 وشملت أيضاً مجموعة سدود اثيوبيا «فينشا وتٍس أباي وتانا بيليس وتكزي» وسدود يوغندا «الطاقة الثاني والثالث وسد بوجاغالي» معتبرا سدّ النهضة بانه سيكون أكبر سدٍّ في أفريقيا والعاشر في العالم ان اكتمل عام 2017 بناءً على خططه التصميمية وبرنامج وخطة بنائه.
وقال دكتور سلمان ان سبعاً من دول الحوض «بوروندي ورواندا ويوغندا والكونغو الديمقراطية واثيوبيا واريتريا وجنوب السودان» التي يبلغ عددها احدى عشرة تقع في مجموعة أفقر خمسة عشرة دولة في العالم، بينما تقع بقية دول الحوض في الثلث الأكثر فقرًا بين دول العالم. ويساهم في تفسير هذا الفقر حقيقة أن 10% فقط من الطاقة الكهربائية المتاحة من نهر النيل قد تمّ استغلالها، وأن أقلَّ من 30% فقط من سكان الحوض لهم خدمات كهربائية. كما أن حوالى 40% من الأراضي القابلة للري هي مُستغلّة في حقيقة الأمر. ولا بدّ من الاشارة هنا الى أن مصر والسودان وحديهما يأخذان قرابة 70% من كلٍ من هذين الرقمين في الكهرباء والأراضي المرويّة، مما يوضّح حالة الفقر والتخلّف التي تعيشها بقية دول الحوض.
وقد عانت كل دول الحوض، عدا دولة تنزانيا، خلال العشرين عاماً الماضية «أي منذ عام 1994» أو ما تزال تعاني، من نزاعاتٍ مسلحةٍ دموية بين سكانها أو مع احدى دول أو مع عددٍ من دول الحوض الأخرى. فقد شهدت دولة رواندا الابادة الجماعية في عام 1994، وامتدت آثار النزاع المسلح والقتل بين قبائل التوتسي والهوتو الى بوروندي. وشهدت اثيوبيا واريتريا الحرب الطويلة المدمّرة التي أدّت لميلاد دولة اريتريا، ثم لحرب الحدود القاسية بين الدولتين. وقد تكرّر هذا المشهد في السودان ونتج عنه انفصال جنوب السودان وعانت كينيا من نزاعٍ قبلي بعد انتخابات عام 2008 قُتل فيها الآلاف، ومازال جيش الرب يعيث قتلاً وبطشاً في أجزاء كبيرة من يوغندا.
في وقفة مع حجم المياه الواردة سنويا من روافد النيل نجد ان النيل الازرق يمد النيل الرئيس بحوالي «50» مليار متر مكعب من المياه وهو بالتالي يشكل نسبة «59%» من جملة مياه النيل يليه النيل الابيض بموارد تبلغ «11,5» مليار متر مكعب بنسبة تشكل «14%» من جملة المياه والسوباط بذات الكمية والنسبة التي يشكل النيل الابيض يليهما نهر عطبرة الذي يرفد النيل بحوالي «11» مليار متر مكعب بنسبة «13%» وبذلك تشكل الهضبة الاثيوبية المورد الاكبر لمياه النيل اذ تساهم بحوالي «72,5» من جملة واردات المياه البالغة «84» مليار متر مكعب بنسبة تبلغ «86%» من اجمالي المياه بينما تبلغ جملة المصادر من البحيرات الاستوائية «11,5» مليار متر مكعب بنسبة «14%» من مياه النهر.
ورغم مساهمة اثيوبيا الكبيرة لمياه النيل فقد ظلّت المجاعات القاسية تداهم اثيوبيا بسبب الجفاف في بعض مقاطعاتها كل عقدٍ من الزمان. وقد لقي قرابة المليون اثيوبي حتفهم وفقدت اثيوبيا ثلاثة ملايين رأس من الماشية في مجاعة الأعوام 1983 - 1985 والتي سُمّيت مجاعة القرن.
وقد نتج هذا التباين في مصادر واستخدامات المياه من التباين في المناخ في حوض النيل الذي يتراوح بين مناخٍ استوائيٍ ماطرٍ معظم العام في دول المنبع، الى مناخٍ جافٍ طول العام في مصر وشمال السودان،مع وقوع بعض أجزاء السودان في منطقة السافنا التي تمطر لبضعة أشهرٍ في العام.
ولا بد من الاشارة الى أن كميات مياه النيل محدودة وضعيفة مقارنةً بالأحواض الأخرى. فقد أوضحت اتفاقية مياه النيل لعام 1959 الى أن كل مياه النيل مقاسةً عند أسوان هي 84 مليار متر مكعب فقط. وهذه الكمية تساوي 2% من نهر الأمزون، و6% من نهر الكونغو، و12% من اليانغستي، و17% من النيجر، و26% من الزمبيزي. وهذا بالطبع انسيابٌ ضعيف جعل دول النيل تستورد جزءاً كبيراً من احتياجاتها الغذائية. فمصر تستورد أكثر من 60% من القمح رغم استعمالاتها الكبيرة من مياه النيل، في حين ظلّت المجاعات حتى وقتٍ قريب تضرب أجزاء من اثيوبيا.
ورغم انفصال جنوب السودان فان الجزء الأكبر من حوض النيل - حوالى 45% - ما يزال في السودان، يليه جنوب السودان بحوالى 18%. وتأتي اثيوبيا في المرتبة الثالثة بحوالى 12%، وتليها مصر التي يقع 9% من حوض النيل فيها. غير أن يوغندا التي يغطي حوض النيل 8% فقط من مساحتها، تقع حوالى 99% من أراضيها في حوض النيل. وينسحب هذا الوضع على رواندا التي يقع فيها أقل من 1% من حوض النيل، بينما يغطي حوض النيل 80% من أراضيها،
لا شئ غير مياه النيل يربط بين دول نهر النيل الاحدى عشرة بعضها البعض - لا مشاريع تنمية مشتركة على حوض النيل، ولا تبادل تجاري أو ثقافي أو تعليمي أو رياضي. وقد ظلّت برامج التنمية على نهر النيل آحادية، بلا تفكيرٍ أو تخطيطٍ مشترك تتمّ بمقتضاه الاستفادة من المنافع الكبيرة من نهر النيل. فهناك ثروة بحيرة فكتوريا السمكيّة الضخمة، والكهرباء المتاحة من الهضبة الاثيوبية والتي تتجاوز 30,000 ميقاواط، وأراضي السودان وجنوب السودان الشاسعة التي يمكن أن تُروَى من مياه النيل، ومستنقعات جنوب السودان الضخمة التي يمكن أن تزيد بعض مياهها معدّل انسياب النيل الأبيض،وامكانيات مصر الصناعية الضخمة. كل هذه الفرص المتاحة يمكن أن تتحوّل الى منافع مشتركة وحقيقية بقدرٍ معقولٍ من التعاون الذي تنعدم أبسط مقوماته ومبادئه في الوقت الحاضر بين دول حوض النيل.
بل ان التنقّل بين معظم هذه الدول صعبٌ، ويتطلّب المرور عبر دولةٍ ثالثة. كما أنه لاتوجد لغة تخاطبٍ مشتركة بين سياسيي وفنيي دول الحوض. فسياسيو وفنيو بوروندي ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية يتحدثون الفرنسية فقط والتي لا تتحدثها بقية دول الحوض، والتي تسود فيها اللغة الانجليزية، في حين أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لمصر والسودان.
هذه التحدّيات الكبيرة والمتزايدة تتطلّب بدورها ارادةً ووحدةً وعملاً جماعياً لكل دول الحوض، يتمثّل في التوافق على اتفاقيةٍ عادلة وشاملة لكل دول الحوض تحت مظلة التعاون وترشيد الاستخدامات والاستفادة القصوى من امكانيات النيل المتاحة الضخمة، والعمل معاً من أجل زيادة مياهه.
وتمثّل اتفاقية عنتبي في رأي المحاضر الاطار العادل المنصف الذي تعترف فيه كل دولةٍ بحقوق الدول الأخرى في الاستفادة من مياه النيل للخروج بشعوبها من دائرة الجوع والفقر والعطش والظلام، دون اقصاءٍ أو استعلاء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.