تقرير : صديق رمضان: بوصول القوات العازلة الى ولاية شرق دارفور اخيرا،تكون الدولة قد اتبعت قولها بالفعل واكدت جديتها في تنفيذ استراتيجيتها التي اعلنت عنها قبل شهرين الرامية الى ايقاف الاقتتال القبلي بالاقليم المضطرب امنيا منذ 2003 ،التي تمضي بالتزامن في مسارين ، فرض هيبة الدولة واجتثاث اسباب النزاعات واجراء مصالحات. وقال رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور محمد بن شماس لفرانس برس إن «انتشار القتال الاثني بين القبائل هو المصدر الرئيس للعنف وسبب نزوح السكان المدنيين في دارفور خلال هذا العام». وشهد هذا العام الاكثر دموية ارتفاع وتيرة الاقتتال القبلي ،وفي وقت انحسرت فيه المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والحركات المتمردة،وهذا ماجعل رئيس السلطة الاقليمية الدكتور التجاني سيسي يعتبر النزاعات القبلية ، اكثر خطورة على الاستقرار الامني والاجتماعي بالاقليم من الحركات المسلحة. ولايقاف التدهور الامني وقطع الطريق امام ما اسمته الحكومة بالطرف الثالث الذي يسعى لتأجيج وازكاء نيران الاقتتال القبلي حتى لا تشهد دارفور استقرارا ومن ثم يلقي ذلك بظلاله على الاوضاع بالبلاد عامة خاصة الامنية والاقتصادية كما اشارت، اظهرت الدولة جدية واضحة حيال هذه القضية تجسدت في تولي رئيس الجمهورية شخصيا مهمة الاشراف على تنفيذ استراتيجية ايقاف الاقتتال القبلي بدارفور ،حتى ان المشير البشير ومن خلال مؤتمر الحركة الاسلامية الذي عقد اخيرا ،وفي افطار رمضاني بمنزل رئيس السلطة الاقليمية، اكد اهتمامه بالامر. وشهدت دارفور خلال الفترة الاخيرة اهتماما كبيرا من قبل المركز الذي ابتعث ارفع قياداته لتعزيز الاستقرارالامني واجراء مصالحات قبلية واجتماعية، وتجلى ذلك في حضور النائب الاول لمؤتمر الصلح الذي انعقد في محلية السريف بولاية شمال دارفور بين الرزيقات والبني حسين، كما قام نائب الرئيس بزيارة الى مدينة نيالا بُعيد الاحداث التي اعقبت مقتل رجل الاعمال اسماعيل وادي ،علاوة على زيارات قام بها نائب رئيس الحزب الحاكم الدكتور نافع علي نافع ، ووزيرا الداخلية والدفاع ومدير جهاز الامن الوطني والمخابرات ووزير الحكم اللامركزي ورئيس السلطة الاقليمية وعدد من قيادات الدولة. واشرف المركز على توقيع العديد من اتفاقيات الصلح التي بذل فيها حكام الولايات بدارفور جهدا كبيرا بمشاركة فعاليات شعبية ،حيث تم توقيع اتفاقية صلح بين الرزيقات الابالة والبني حسين بمحلية السريف بشمال دارفور ،واتفاق اهلي اخر اشرف عليه الوزير بديوان الحكم اللامركزي موسى هلال بين القبيلتين ذاتهما، ثم عقد اتفاق بين الرزيقات والمعاليا بمحلية الطويشة ،وبين المسيرية والسلامات بالجنينة ، كما شهدت ولاية جنوب دارفورالتي شهدت عددا من النزاعات القبلية المسلحة ، توقيع عدد من الاتفاقيات ابرزها بين القمر والبني هلبة. وهذا العام يعتبر كما اشرنا سالفا الاكثر دموية حيث شهد وقوع اعداد كبيرة من القتلى والجرحى ،ورغم عدم وجود احصاءات دقيقة توضح ارقام القتلى والجرحى والنازحين ،الا ان تصريحات لقادة رسميين وشعبيين في الاعلام ومؤتمرات صلح ،تشير الى ان النزاع بين المسيرية والسلامات اوقع 500 قتيل وذلك بحسب والي وسط دارفور المهندس يوسف تبن،الذي اكد ان النزاع بين القبلتين ادى الى نزوح كبير داخل المنطقة ودول الجوار. وفي شمال دارفور التي لم يعرف الاقتتال القبلي اليها سبيلا منذ اندلاع ازمة دارفور، الا العام الماضي ،شهدت بداية هذا العام نزاعا مفاجئا بين الزريقات الابالة والبني حسين بسبب خلاف بمنجم جبل عامر للذهب بمحلية سرف عمرة ،وتسبب في مقتل 720 من قبيلة البني حسين وذلك حسبما كشف في مؤتمر صلح السريف ،اما قبيلة الرزيقات فلم تعلن عدد قتلاها في ذلك النزاع. وفي الصراع الذي شهدته ولاية شرق دارفور بين الرزيقات والمعاليا لم تخرج ارقام رسمية توضح عدد القتلى من الجانبين الا ان مسؤولا بالولاية»رفض ذكر اسمه» قال ان العدد لايقل عن 200 قتيل. وفي ولاية جنوب دارفور التي شهدت هذا العام عددا من النزاعات القبلية ابرزها بين القمر والبني هلبة بمدينة كتيلا بمحلية عد الفرسان التي اوقعت قتلى يقدر عددهم باربعة واربعين قتيلا، كما شهدت منطقة سيح المر والدليب نزاعا بين التعايشة والسلامات اوقع ايضا بحسب تقديرات 32 قتيلا . ومثلما اهتم المركز والحكومات الولائية بايقاف الاقتتال القبلي ،شهد المجتمع الدارفوري عددا من المبادرات ، حيث دشنت بمدينة نيالابجنوب دارفور، مبادرة شعبية لمناهضة النزاع القبلي والعنف ، حيث طالبت المبادرة الشعبية بنبذ الخلافات القبلية ، وعدم السماح باستمرار الحرب ، وتوحيد الصف الداخلي أفرادا وجماعات ، ورأت المبادرة بأن الحرب الاهلية واستخدام السلاح ليس الوسيلة لحل الخلافات ، وإنما لغة الحوار، والاعتراف بكل الثقافات المحلية واحترام وتقدير الاعراف والتقاليد لكل فئة أو مجموعة تعيش في الولاية هو الحل. ويرى عدد من المراقبين ان من ابرز اسباب الاقتتال القبلي هذا العام في دارفور جرائم يرتكبها متفلتون وتكون سببا لجر القبائل الى مواجهات مسلحة،وهذا ما اشار اليه معتمد محلية بحر العرب بولاية شرق دارفور الضيف عيسى عليو، الذي اكد حرصهم على إنهاء الصراعات القبلية التي تحدث من قبل بعض المتفلتين وتكون خصماً على المواطن. ويعتبر نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية شمال دارفور ان اهتمام الدولة بوضع حد للاحتراب القبلي جاء في توقيته، ويرى ان ما يدور في دارفور يعتبر جزءا من الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ، وقال ان التنمية المنشودة لا يمكن ان تتحقق بدون استقرار امني ،مشيرا في حديث «للصحافة» الى ان الحلول العسكرية يجب ان تمضي بالتوازي مع جهود المصالحات القبلية والاجتماعية، منبها الى ضرورة ايقاف تعقب سارقي الماشية من قبل المواطنين وما يسمى بالفزع وترك الامر للجهات الامنية الرسمية ،وذلك لأن المتفلتين من اسباب الاقتتال القبلي. من جانبه يعتبر المستشار الاسبق لوالي شرق دارفور صديق عبدالغني،انتشار قوات حكومية في مختلف انحاء دارفور من شأنه فرض هيبة الدولة ومحاربة الخارجين عن القانون الذين يقودون القبائل للاقتتال ،وقال «للصحافة» ان وصول القوات العازلة الى شرق دارفور يؤكد اهتمام الدولة الحفاظ على روح الانسان الدارفوري التي يتسبب الاقتتال القبلي في ازهاقها.