كابد المغترب السوداني كثيراً في سنين السودان العجاف في الثمنينيات و التسعينيات، فقد فرضت عليه ضرائب باهظة وتحويل إلزامي ورسوم دخول ومغادرة إلى آخر القائمة الطويلة، وتحملها في صبر وشجاعة، لأن البلاد تعاني الندرة والفاقة بسبب أخطاء الساسة القاتلة، ففي كل بلاد الدنيا الراقية يعفى المغترب من الضرائب عند خروجه للعمل بالخارج، لأن الضرائب ببساطة تُفرض مقابل الخدمات. كما شارك المغترب بفعالية اجتماعيا، وساند الأسرة الممتدة يوم كان الحصول على الأساسيات ضرباً من الإعجاز في السودان، فهناك جيل كامل فرضت عليه الأقدار أن يغترب طويلاً عن الوطن لغياب التخطيط السليم وأخطاء الحكومات المتعاقبة. والآن أذنت شمس الاغتراب بالأفول، وجل المغتربين لم يحققوا طموحاتهم، وداهمتهم الرسوم الدراسية الباهظة في الجامعات والمدارس الخاصة بعدما كبر الأبناء، وتجزأت الأسرة بين الدراسة في الوطن والاستقرار في بلاد الاغتراب، ورحلات مكوكية للحفاظ على الإقامة، وملاحقة الدراسة، وتنوء الكواهل بالديون. واقترح على الإخوة في جهاز المغتربين وهم أصحاب الخبرة والدراية، أن ترد الدولة دين المغترب، وذلك بحصر التزاماته التي دفعها للدولة أيام العسرة، وترصد لصالحه الآن بعد أن قيض الله للدولة من يأخذ بيدها، وتحسن وضعها الاقتصادي. وهذه المبالغ يمكن أن ترصد لصالح المغترب بعدة طرق: يمكن أن ترصد لصالحه في صندوق الضمان الاجتماعي، ويستفيد منها حسب شروط الصندوق. يمكن أن تحسب لصالحه في قطع الأراضي التي يوزعها الجهاز على المغتربين لتساعده في سداد قيمة الأرض، وما تبقى يحول للصندوق، ليؤسس الجهاز إدارة لمعاشات المغتربين، وترصد لهم هذه الأموال باتفاق مع وزارة المالية لتعطى باعتبارها معاشاً شهرياً. واعتقد أن هنالك طرقاً أخرى كثيرة، وأعلم أنها خطوة جبارة تحتاج لجهد كبير، لكن إن أقدم عليها الجهاز وهو يملك الآن قسماً لدراسة الهجرة وآثارها، فهو يقدم خدمة جليلة لرعاياه، والإخوة في الجهاز أهل لهذا العمل الكبير. ولأن الفكرة قد لا تروق لبعض الجهات، فالقصيدة المرفقة تشفع لهذا الاقتراح: الغربة طالت والمدامع قول يا رقيب يا جامع جينا شايلين الأمل الحلم سنتين وراجع نحصد المال الوفير نطعم المسكين وجائع نرقع البيت الكبير نسند الطالب وزارع والبدور الحج سريع والعمرة ولعرسو قاطع نقدم العون للجميع والكريم أجرو واسع والبلد تنهض شوية ما تعيسة وحالها واقع إلا زادت في التعاسة اتراجعت وزيتها طالع وقدر ما نرسل فلوس يطاها الفيل وضالع والأعباء فاقت حدودنا وبرضو مندفعين نصارع نكافح والسنين اتسربت واتضاءل الأمل المخادع لو بديت البيت بتبقى في ديون وطولها فارع ولو بديت مشروع صغير يشيلك التمساح يقالع والرسوم أنواعها شتى كيف بتدفع وكيف تدافع وناس دخلت مزالق والهموم صبحت مراتع وناس غلبت تمام في متاهة عيالو جادع وناس جنت عديل لا سفر لا قعدة نافع المغترب حالتو حالة وللضمير لا بد وازع بعد البلد بحمدو زانت وازدهت المشارع والمضارع احكموا للعودة خطة احصوا البدائل والمنافع يا الجهاز ألفونا عاجل المغترب روحو بتنازع