استاذنا الكبير الدكتور منصور خالد حفظه الله ورعاه، نحن ننتمي للمدرسة الثقافية لسيادتكم، وقد اطلعنا على كل الكتب التي اصدرتها مثل: حوار مع الصفوة. وهذا الكتاب في اعتقادي من اعظم الكتب التي قرأتها واستفدت منه ايما استفادة بالاضافة للكتب العديدة التي قرأتها ايضا مثل: النخبة السودانية إدمان الفشل، على جزءين حتى اني اذكر التفاصيل الدقيقة مثل نفوذ الخاشقجي، وعقيلته التي كانت تعمل مديرة للعلاقات العامة في قصر الشعب!! ورفض المقيم الراحل/ رشيد نور الدين، الذي كان سفير السودان في الصومال ان يدعو عقيلة المذكور اعلاه في حفلة غداء!! ولكن استاذي.. اني وغيري وهم كثر يحبونكم ويقدرون مكانتكم العلمية ولكن تأييد شخصكم الكريم لانفصال جنوب البلاد عن شمال البلاد كان صدمة لمريديكم، فأنت من الذين وقعوا على اتفاقية السلام في اديس ابابا عام 2791م وحضر معكم الراحل المقيم الدكتور جعفر محمد علي بخيت طيب الله ثراه والسيد جوزيف لاقو، الذي شغل منصب رئيس حكومة الجنوب ونائب رئيس الجمهورية، بالاضافة لممثل الكنائس العالمية، وهذه الاتفاقية كما تعلم كانت من اعظم الاتفاقات في القرن الماضي وحققت السلام لمدة عشر سنوات، ومنذ توقيع هذه الاتفاقية، اهلنا في جنوب البلاد كانوا يديرون شؤون الجنوب، ألم يكن من المنطقي استاذي الكبير ان تعارض فصل جنوب البلاد عن شماله، وتدعو الى التمسك بمرجعيات تلك الاتفاقية، ونسخ منها تم ايداعها في المنظمات الاقليمية والدولية، ولم يحدث في التاريخ المعاصر في كافة دول العالم ان تمنح دولة مواطنيها حق الحكم الذاتي الى حد ما يشبه النظام الكونفدرالي كما حدث في السودان، وانت تعلم اكثر من غيرك ان الدوائر الغربية وعلى رأسها ما يسمى بالمجتمع الدولي زورا «المجتمع الدولي هو الولاياتالمتحدةالامريكية شرطي العالم ودول 5+1 واسرائيل التي تمتلك كافة اسلحة الدمار الشامل وهددت سوريا العزيزة لتحويلها عن طريقة ضربة عسكرية للعصر الحجري، وتهديد مصر بنسف السد العالي»، وكما ذكر نائب رئيس الجمهورية السابق الفريق جوزيف لاقو ان اسرائيل كانت تمدهم بالاسلحة، ولكن ولله الحمد فان سيادته قد اصبح من المؤيدين لوحدة البلاد ايمانا منه بأن انفصال الجنوب سيشكل كارثة، وطبقا لنظرية الديمنو فان انفصال الجنوب سيؤدي الى تحويل كافة الدول الافريقية الى كونتونات تحارب بعضها البعض، والولاياتالمتحدة لا تريد الاستقرار للدول الافريقية وعلى رأسها سوداننا الحبيب، وهي تطبق سياسة فرق تسد وتفكيك كافة الدول الافريقية، واعادة تشكيلها من جديد لتطبيق الديمقراطية على طريقتها بالرغم من انها لا تود تحقيق الديمقراطية في الدول النامية، وما حصل في العراق دليل ساطع لعدم ايمانها بالديمقراطية، وهي كما نعلم دمرت العراق بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل، وتقوم حاليا بتدمير افغانستان بحجة محاربة طالبان، وانت تعلم اكثر من غيرك هي التي شجعت الذين ذهبوا لمحاربة السوفيت في افغانستان، وكانت تمدهم بالاسلحة والذخائر وكانت تسميهم بالمجاهدين، ولكن بعد ان ساهم المتطوعون من كافة الدول العربية والاسلامية ايمانا منهم بمحاربة الشيوعية!! في طرد السوفيت اطلقت عليهم اولا افغان العرب بالاضافة لتسميتهم بالارهابيين. «التاريخ يحدثنا بأن القبائل النيلية والتي يمثلها الدينكا والنوير كأكبر قبيلتين من القبائل النيلية، التي اشتهرت بالحروب والغارات، والمعروف تاريخيا ان هذه القبائل النيلية تنشيء شبابها منذ الصغر على الحرب وتعدهم نفسيا وجسمانيا لذلك، كما ان هذه القبائل تمجد الحرب في اناشيدها واغانيها، ونسبة لرواسب العداء المستحكم الذي يعتبر طابعا اصيلا ومميزا لهذه القبائل، فقد نشبت بينهما حروب قبلية كما كانت هناك حروب بين فروع القبيلة الواحدة. ويحدثنا التاريخ ايضا ان قبائل بحر الغزال والاستوائية كانت تعيش ففي فوضى وحروب قبلية لفترات طويلة، وكانت القبائل القوية تفرض سيطرتها على القبائل الضعيفة، حيث كانت قبيلة الزاندي تزحف شمالا للاعتداء على قبائل البونقو والكريش والشات، كما كانت قبائل الدينكا تهاجم القبائل المجاورة لها، كما يحدثنا التاريخ عن استغلال القبائل القوية لقوتها وقدرتها في استعباد قبائل مجاورة لها وجعلهم رقيقا لهم، فالزاندي مثلا استعبدوا قبيلة البلندة، والدينكا استعبدوا قبائل الجور لفترات طويلة، وهكذا نجد ان الحروب القبلية بالجنوب تمزق عرى القبائل الجنوبية المختلفة، على عكس القبائل الشمالية وقد نقلت هذه الفقرة من مقال كتبه سعادة الفريق اول ركن حسن يحيى محمد أحمد في العدد «741» في جريدة الاهرام اليوم الغراء». ونحن نؤيد ما ذهب اليه سعادة الفريق اول حسن يحيى، وما يجري حاليا في ساحة جنوب البلاد يؤكد انه ليست هناك لغة مشتركة بين قبائل جنوب البلاد، واللغة كما تعلم وانت استاذ الاساتذة تحمل في طياتها كافة الموروثات الثقافية فالصراع الدائم بين الجنرال اطون، والنائب الاول سلفاكير وهما ينتميان لقبيلة الدينكا التي نحترمها. استاذنا الكبير نرجو لك تمام الصحة والعافية وطول العمر، ولكن نأمل ان تعلن مع غيرك من الوحدويين والغيورين على وحدة السودان الغاء الاستفتاء في يناير المقبل، والابقاء على كافة المزايا التي وردت في اتفاقية نيفاشا. والوحدويون وانا منهم لا نؤيد فصل جنوب البلاد عن شماله، ونرحب بأن تعود كافة آبار البترول لاهلنا في الجنوب في سبيل ان نحقق الوحدة، فالوحدة استاذي الكبير هي النجاة للكل، استاذنا الكبير في كافة دول العالم هناك اقليات، وهذه الاقليات رغم مطالبتها بالانفصال عن الوطن الام، ولكن الاغلبية المستنيرة ترفض منح الاقلية حق الانفصال، ولكنها تحترم الاقليات في اطار المواطنة بمعناها الشامل. انفصال الجنوب لا قدر الله سيؤدي لتحويل السودان الى مقاطعات تحارب بعضها البعض، ونرجو من الله الا يحدث هذا. استاذنا الكبير.. نرى هيكلة اتفاقية نيفاشا والابقاء على كافة المزايا التي وردت في هذه الاتفاقية، مع التمسك بوحدة السودان.. هذا هو الخيار الذي يحبذه الوحدويون في جنوب البلاد وشماله وشرقه وغربه. خارج النص: ٭ الاحزاب الكبيرة مثل حزب الامة والوطني الاتحادي، هذان الحزبان كنا نود ان يصرا على وحدة السودان لان الذين كونوا هذه الاحزاب هم الذين حافظوا على استقلال السودان «عبد الرحمن المهدي، واسماعيل الازهري صاحب المقولة المشهورة« سلمتكم السودان مثل الطبق الصيني لا شق ولا طق!» هذان الحزبان بالاضافة لاحزاب اخرى بدل من ان يعملوا على وحدة السودان اضاعوا وقت الشعب السوداني البطل في ترديد عبارات لا توجد الا في قاموس السودان مثل الوحدة الجاذبة، والانفصال السلس، وكما اضاعوا وقت الشعب السوداني بعد سقوط نظام مايو بالرغم من ان الحزبين قد اصبغا الشرعية على النظام المايوي، ودخلا في اللجنة العليا للاتحاد الاشتراكي! وبعد سقوط مايو اختلف الحزبان على دخول الدكتور الراحل المقيم أحمد سيف حمد في قصر الشعب، وفي من يتولى ادارة المخابرات، وبكل اسف الحزبان لم يشكلا لجنة لدراسة الاسباب التي ادت بشركة شيفرون للخروج من السودان ونقل معداتها وآلياتها عن طريق كوستي الى الكاميرون.. ايها السادة اذا انفصل الجنوب لا قدر الله سيكون هذا ليس مسؤولية المؤتمر الوطني بل هو مسؤوليتنا جميعا. ٭ ايها السادة نحن طلاب الوحدة سيكون انفصال الجنوب وصمة عار في جبيننا، فالموت افضل لنا من ان نرى انفصال الجنوب، نحن في السودان اوفياء ونحب الخير للكل فحين انتقل الى رحمة الله لاعب الكرة النيجيري «ايداهور» حزنوا لفراقه حتى ان شابا صغيرا قد انتحر. * دكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كينيدي وسترن الامريكية