كان حلم (هاريت أيمس) منذ الصغر أن تصبح معلمة.. الأطفال الصغار يجذبونها.. براءتهم.. ضحكاتهم.. ومحبتها لهم جعلها تأمل أن تكون عاملا فعالا في حياة كثير منهم. وتخرجت هاريت فعلا في المرحلة الثانوية لكنها لظروف كثيرة لم تتمكن من الحصول على شهادة جامعية، فقررت أن تبدأ ب(دبلوم) في التعليم يمكنها من السير في طريق أحلامها، وفعلا تمكنت هاريت من إستلام شهادة الدبلوم في عام 1931. بعد حصول هاريت على دبلوم التعليم، تمكنت من الحصول على وظيفة لتدريس أطفال السنة الأولى. كانت هاريت معلمة متفانية.. مخلصة لأطفالها الصغار.. كانت تقرأ لهم قصص التراث الأمريكي الشهيرة مثل قصة الطفلين (ديك وجين) وتجعلهم يندمجون ويعيشون أحداث كل قصة.. تقول إحدى طالبات هاريت والتي كبرت لكي تصبح أستاذة هي نفسها:» لقد كنا نشعر في تلك الفترة أن هاريت وديك وجين هم أعز أصدقائنا..» ولكن بالرغم من كل النجاح الذي حققته هاريت في وظيفتها، إلا أنها لم تكن سعيدة تماما. لقد كان حلم هاريت هو الحصول على شهادة جامعية بدرجة في التدريس وليس دبلوماً فيها.. فقررت أن تسعى وراء أحلامها وأن تتعب حتى تحققها.. فقدمت هاريت أوراقها لكلية التربية والتعليم بجامعة (نيو هامشير) ولسعادتها البالغة، لقد قبلت أوراقها.. وصارت هاريت أستاذة أطفال صباحا وطالبة كلية التعليم مساءا.. كانت تذهب إلى أطفالها في المدرسة لكي تخرج منهم وتذهب إلى مدرستها هي.. ثم تعود إلى منزلها وتبدأ واجباتها الأخرى.. من طبخ وإطعام.. ثم تصحيح لأوراق طلبتها ثم كتابة لدروسها هي.. ولكن ليس تحقيق الأحلام بالأمر السهل، فالعقبات تظلل الطريق من كل جنب.. لقد أصيبت هاريت بضعف في النظر شديد.. صارت لا تستطيع على إثره مواصلة دراستها في الجامعة ولا تتمكن من متابعة دروس أطفالها في المدرسة.. وتوقفت من الإثنين، التعلم والتعليم وتقاعدت في عام 1971. كانت هاريت دوما تتساءل، هل أخذت فصولا كافية تمكنني من إتمام شهادتي؟ هل أستطيع فعلا الحصول على شهادة جامعية؟ وعلمت إدارة الجامعة التي كانت تدرس بها هاريت برغبتها الشديدة في الحصول على شهادتها. وبدأت الجامعة تبحث بين دفاترها وسجلاتها السابقة على هاريت والمواد التي درستها وهل تؤهلها للحصول على شهادة جامعية أم لا..وبينما البحث لا يزال جاريا، كانت هاريت تحقق إنجازات أخر، لقد أكملت هاريت في الثاني من يناير 2010 عامها المائة.. لكن تدهورت صحتها أكثر بعد إصابتها بمرض السرطان.. وكانت ترقد على فراش مرضها وهي تقول:» إن مت اليوم فسوف أكون سعيدة، إنني أعلم أن الجامعة تبحث في أوراقي القديمة ومن يدري، ربما أتمكن من الحصول على شهادة جامعية بعدما أموت..» لكن القدر هذه المرة كان أرحم بهاريت، لقد وصلتها رسالة من الجامعة تبشرها بإكمالها لجميع متطلبات الشهادة الجامعية وأنها تعتبر خريجة رسمية للجامعة بشهادة في التدريس.. وبعد ثلاثة أسابيع من إكمال هاريت لعامها المائة وبعد يوم واحد من إستلام شهادتها الجامعية، أغلقت هاريت عينيها إلى الأبد وهي سعيدة بإنجازات حياتها.. وربما توقفت هاريت عن التدريس لكنها لن تتوقف عن تعليم الأجيال القادمة درسا في الإصرار على الهدف ومتابعة الأحلام ما حيينا أبدا.