قبل ثلاثة اسابيع من الان كانت اذاعة البي بي سي تطرح علي مستمعيها سؤالا عبر برنامجها الجاذب نقطة حوار ، السؤال فحواه « كيف ستتصرف اذا صادفك شخص اصيب بحادث ووجدته ملقي على قارعة الطريق هل ستبلغ الشرطة ام ستقوم باسعافة وانقاذ حياته» ، هكذا كان سؤال البي بي سي الذي جاءت ردود المشاركين فيه متباينة وان غلب عليها الخيار الثاني وتطابق فيه رأي المشاركين في تلك الحلقة من السودان بشكل لافت، في وقت كانت فيه مقدمة البرنامج تظهر امتنانها لهذا الشعور النبيل لكنها تلفت نظرهم للجوء للخيار الاول وتعدد محاسنه التي تحفظ المسعف والمصاب في وقت واحد وهي تذكر ان الشرطة تتميز بالسرعة في ردة الفعل . التاسعة وخمس وعشرون دقيقة مساء الثلاثاء الماضي صعد ذلك الحوار لناصية الذهن بلا سابق انذار ، المكان تقاطع شارع الشنقيطي مع شارع الصناعات بامدرمان، اشارة المرور المتجهة شمالا يسيطر عليها اللون الاحمر ولوحة ارقامها الالكترونية تتناقص بتثاقل لامثيل له ونحن ننتظر في ملل ، لحظة تحركنا بعد ان اخضر الطريق امامنا هي ذات اللحظة التي انقلبت فيها العربة الصالون ماركة «كليك» واصبحت اطاراتها الاربعة تدور في الهواء ليهب الجميع لانقاذ من كانوا بداخلها سريعا ولم تمض دقائق حتي تمكن المواطنون من اخراج سائق العربة اللواء معاش أحمد مرسي محمد واخر كان يرافقه يدعي حسن الشيخ رجل تجاوز العقد السادس من عمره لكن يظهر عليه عنفوان الشباب ، سأترك وصفهم الان فهو لا يهم بشئ حتي احكي دور شرطة المرور وماذا فعلت او كانت ستفعل ان اهتدينا بما اذاعه برنامج نقطة حوار . حتي لا نظلم احدا ونعكس تفاصيل ماحدث لابد من التذكير بامر مهم للغاية قسم مرور كرري يبعد مسافة دقيقة ونصف سيرا علي الاقدام من مكان وقوع الحادث ، الامر اللافت للنظر عدم تواجد اي رجل شرطة في ذلك الوقت عند التقاطع ، والمدهش ايضا لم يظهر اي فرد من افراد شرطة المرور حتي لحظة مغادرتي للمكان عند الحادية عشرة الا خمس دقائق ، من هنا نرسل تساؤلا للسيد مدير عام الشرطة وللسادة قيادات شرطة المرور بالبلاد الذين انهوا احتفالاتهم باعياد المرور العربي قبل ثلاثة اسابيع وقبلها رددوا كثيرا على مسامعنا خططهم التي سينفذونها من اجل سلامة الجميع وشهدنا لهم بالعمل في الفترة السابقة وتقليل الاختناق بقلب العاصمة وحضورهم في كل وقت بلا تهاون او تراخٍ، لكن ماحدث ليل الثلاثاء يهدد القمة التى تصبو لها شرطة المرور وينسف كل النجاحات السابقة فالتهاون وعدم الاهتمام بشكاوي المواطن التي عكسها المسؤولون عن سلامة ليل الثلاثاء مطلع يونيو ساسردها بلا اضافات او تعديل وبلسان حال من حضروا تلك الليلة . بعد ان تم اخراج المصابين من داخل العربة وكانت اصاباتهم طفيفة وغير مؤثرة تم اخراج العربة من الاسفلت وفصل الكهرباء حتي لا تحدث اي مشاكل اخري كل تلك الاشياء قام بها من ترجل من الحافلات يشاركون الذين اوقفوا عرباتهم الخاصة من اجل المهمة النبيلة، بعدها طلبنا من السائق ومرافقه ابلاغ المرور فتبرع احد المسعفين وتحرك الي قسم الشرطة حينها كانت الساعة تشير الي التاسعة واربعين دقيقة، لكنه عاد ساخطا فالذين كانوا بالبوابة رفضوا ان يأذنوا له بالدخول واخبروه بفتح بلاغ بالقسم الاوسط امدرمان الذي يبعد مسافة ربع الساعة بالعربة قبل ان يخبروه انهم سيتحركون بعد ذلك اصابتنا دهشة عارمة لتصرف الشرطة وتحركت بنفسي الي القسم للمرة الثانية حتي اتأكد من الامر بمكتب البلاغات اخبرتهم بما حدث حولوني الي المتحري واخبرته بالحادث فاعادني مرة ثانية الي البلاغات التي لم تتجاوب معي وبعد سبع دقائق طالبني احد الجنود بالانصراف بعد اخذ بياناتي كاملة ورقم الهاتف لم انصرف مباشرة وسألته ماذا سيحدث رد بتثاقل «المتحري سيأتي الي هناك» لم انتظر وذهبت واثقا من حضوره خلفي ان لم يكن سيسبقني فهو يملك عربة وقودها لاينفد والعربات بالشارع تفسح لها المجال والامر الاخر قرب المسافة التي تفصل القسم عن مكان وقوع الحادث ، كانت الساعة تشير الي العاشرة تماما عندما عدت الي العم أحمد مرسي وهو الذي كان يتولي قيادة العربة التي انقلبت واخبرته ان الشرطة ستأتي الان وبدأت احصي له ما انجزته شرطة المرور خلال الاشهر الماضية وكيف هي تردد انها حريصة تماما علي السلامة، وتملك ردة فعل عالية في كل وقت بعد ربع ساعة لم يأت احد حينها لم ننتظر ودفعنا مرسي ومرافقه الشيخ للذهاب الي المستشفى وترك امر العربة والاجراءات فالشرطة ستأتي ونحن سنكون حاضرين ، لكن وللاسف يامدير عام الشرطة اصابنا الملل واحسسنا بعدم التفاعل لما حدث وانت اول شعاراتك التي رفعتها واعلنتها في اول مقابلة صحفية اجرتها معك هذه الصحيفة ان الهدف الاول هو ان تكون الشرطة صديقة للمواطن وقريبة منه لكن الصديق وقت الضيق لم يكن موجودا ليس للمجاملة ولكن حتي يقوم بدوره كاملا فالان هاهي شرطة المرور بقسم كررى افتقدناها لتقوم بدورها وغادرنا مكان الحادث عند الحادية عشرة الا خمس دقائق لم يأت احد ولايمكننا انتظارهم اكثر من ذلك وذهب كل منا في حاله يتساءل عن الاسباب دون ان يجد اجابة، لكن ماقاله برير حسن عمر وهو عامل بالمنطقة الصناعية امدرمان نأمل ان لا يكون هو ما يدور في دواخل كل من حضر تلك المهزلة فبرير غادر المكان وفي ذهنه ان المرور ينشط للمخالفات فقط واخبرني قبل ان يترك عنوانه بانه جاهز لاثبات تقصير المرور اذا طلب منه ذلك في اي وقت وكذلك الاستاذ بجامعة الاحفاد والنيلين سيماوي فيا اهل المرور الوصول الي القمة هو الاسهل لكن تقصير البعض يهددها.