تظل النظافة مقياسا للحضارة، وهى المحطة التي يقف عندها أي شخص قادم من الخارج، لذلك الاهتمام بالعاملين عليها أمر حتمى وضرورى، ولا بد من توفير كافة معينات العمل للقائمين على امرها لفرط حساسيتها، وأثرها على الصحة العامة. غير أنه فى ظل غياب الهيكل الادارى الواضح تنجم مشاكل واضطربات تنعكس على حياة العاملين، وهو ما أشار إليه العاملون بقطاع نظافة جبل الأولياء الذين ناشدوا والي والخرطوم زيارتهم ميدانيا للوقوف على واقع الحال بنفسه، وتفقد أوضاعهم، والوقوف على مشاكلهم التى انعكست على بيوتهم. «مع الناس» التقت بمجموعة من سائقي مشروع نظافة جبل الأولياء، وتحدث الينا أزهرى محمد علي الذي قال إن المشروع كان قسما واحدا، لكنه انقسم الى قسمين ليصبح محلية الخرطوم ومحلية جبل الأولياء، وأنه يعمل منذ ثلاث سنوات، والمشاكل تحاصر المشروع من كل جهاته ابتداءً بمشاكل السائقين المتمثلة في تقاضيهم مرتبات ضعيفة لا تتجاوز ال «277» جنيهاً، ومع ذلك يتأخر صرفها حتى اليوم العاشر من الشهر. واشتكى من ضعف بدل الإعاشة المقرر لهم الذي يبلغ جنيهين فقط. وعلاوة على هذا الضعف المادي أبان أزهري أنه تم إلغاء المعينات التي كانت تخصص لهم في العطلات، بمنحهم عشرة جنيهات. وزاد بأن المسؤولين أفادوهم بأن هناك خطاباً يفيد مضمونه بتحسين وضع البدلات بقيمة مائة جنيه، غير أنهم إلى الآن لم يروا منه شيئا على ارض الواقع. واختتم حديثه بأن طبيعة مهنتهم قاسية، وتتطلب توفير معينات العمل. وطالب بإدخال شريحتهم تحت مظلة التأمين الصحي والتأمين الاجتماعي، بالإضافة الى توفير بدل العدوى، لأن بيئة العمل تجعلهم عرضة للكثير من الأمراض، وبدل إعاشة وبدل طبيعة عمل، فلا توجد لديهم أية مخصصات ولم يجدوا آذاناً صاغية من المسؤولين، بالرغم من انضباطهم في أداء عملهم والعربات التي يقودونها تحتاج إلى الصيانة، ولا يوجد بها زجاج عازل أو تكييف، ومكبات الأوساخ عبارة عن حفرة تنزل فيها العربات لتفريغ الشحنة. وتعجب أزهري من السياسة التي تتبعها الشركة معهم عند حدوث عطل للعربة، وذلك بأن يتم خصم من راتب السائق الشهري، مما يعني نقصان المرتب، مع أي عطل يطرأ على العربة. وتساءل عن أية عدالة وشريعة تسمح بذلك. وبالقسم الهندسي أفادنا أحد منسوبيه بأن العربات لا تتم صيانتها بالطريقة المطلوبة، ويتبع ذلك الظلم الواقع على العاملين من ضعف الحوافز والمرتبات، حيث يشتغل العاملون بالحد الادنى للأجور. وقال إنهم في القسم الهندسى يحتاجون الى خبرات حتى يتمكنوا من ادارة العمل بشكل افضل، وان يعمل كل في تخصصه، وان تقدم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية. وقال إن الذين يديرون الورش ليسوا مهندسين مؤهلين، بل تقع هذه المهمة على عاتق الضباط الاداريين، وما يتم في الشركة لا يخرج عن كونه مجاملة للمحليات. وعندما يتوقف السائقون عن العمل يستخدم ضدهم قانون العمل ولوائحه للضغط عليهم لإثنائهم عن المطالبة بحقوقهم التى تكفل لهم العيش الكريم . ولم يكن القسم الفني بمنأى عن المشكلات، فهو بالرغم من قدم العاملين به- أقل خبرة ست سنوات- إلا أن حوافز العاملين لم تصرف لمدة «16» شهراً وأوضحوا أن كل مدير يأتي الى الشركة يفيدهم بأن مديونيتهم تابعة إلى المحلية، وعند تسديدها سوف تصرف لهم، وتعاقب عليهم ثلاثة مديرين وهم على حالهم البائس. والكل يقول انه غير مسؤول عن حقوقهم ومستحقاتهم المالية القديمة. وأوضحوا أنهم أضحوا في حيرة من أمرهم، ولا يدرون أية وجهة ييممون لبثها تظلمهم. وفي قسم شؤون العاملين بالمشروع الذين اشتكوا من تهميش المحلية لهم ويتعاملون معهم بأسلوب الصراخ والتهديد، فعندما اضرب العاملون عن العمل بسبب تأخر مرتباتهم حتى اليوم الخامس، تم منحهم إنذارات بالفصل عن العمل بحسب اللوائح والقانون. وقالوا إن القانون يلزم المخدم بدفع الرواتب في فترة أقصاها اليوم الثالث من الشهر. وأوضحوا أن إيقاف النظافة في يوم الجمعة بحجة عدم المقدرة على توفير أجور العاملين، أمر لا يسنده قانون، وأن المحلية ترفع يدها وإدارة المشروع تستكين لهذا الأمر.