رأيت الشيخ الفلسطيني القائد الديني والاجتماعي رائد صلاح وقد تجاوز السبعين من عمره على ظهر إحدى سفن أسطول الحرية المبحر نحو فك الحصار عن قطاع غزة في اليومين الماضيين. شيخ وقور يلبس جلباباً أبيض و طاقية بيضاء عادية و نظارة كثيفة..... كان ينظر بعيداً إلى أفق الماء الأزرق الذي لا تبدو له نهاية تراها عين وفي فمه ووجهه تصميم كالذي تجده في بطل استل سيفه وقرر الانغماس في خضم الموت.... قرر أن يذهب ويدخل على أعدائه و يعلم أنه إما مقتول أومأسورأو معطوب، ومع ذلك كان قراره واحدا لم يحد عنه سأدخل عليهم وليكن ما يكون! لا ادري لماذا تذكرت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا أيوب الأنصاري وقد ركب السفينة المبحرة نحو ميدان الجهاد وعمره مائة وعشرين سنة، ولما انزلوه منها انزلوه محمولاً على سرير وانغمس في خضم غمار الموت و قاتل ما استطاع و قتل لأنه كان يريد ذلك بعد أن صمم عليه. لم أعجب من فارق الزمن وفارق الحال وفارق الظرف بين الرجلين ولكني عجبت من اتحاد قرار الموت الذي اتخذاه أيكون الموت مطلباً تتوق له الروح إذا آمنت وعلمت و غضبت وشاءت بمشيئة الله (وما تشاءون إلآ أن يشاء الله رب العالمين) وسلم الله الشيخ رائد صلاح لأن اليهود قد رصدوه رصداً دقيقاً منذ لحظة دخوله المركب و أبوا أن يهدوا له الشهادة كيداً إضافياً.... بل كبلوه بالقيود و قدموه لمحاكمة صورية سريعة قررت تغريمه أربعين ألف دولار وطردوه من وطنه الذي عاد إليه .... يفهمون النكاية و يجيدونها ويبرعون فيها ... فهم يعلمون إنهم لو قتلوه مع التسعة الذين قتلوهم لكان أمراً مختلفاً قرأوا نتائجه وابتعدوا عنه عمداً. مراكب أبحر على ظهرها أصحاب الضمائر الحية من كل الشعوب و الديانات والتحقت بهم اليوم السفينة راشيل كورى التى قِوام ركابها من الايرلنديين فقط راشيل كورى التي داستها جرافة كانت تريد أن تهدم منزلاً فلسطينياً فتعرضت لذلك بجسدها ففرموها!! أريدكم أن تتصوروا تضحية طاقم الملاحين الذين قبلوا أن يتعرضوا لخطرٍ مساوٍ لما يتعرض له أصحاب الفكرة. كل الشهداء من الترك و كل الكلام السليم هذه الأيام من الترك ولا صوت علا فوق صوت أردوغان . في سفن الحرية بعض العرب و أكثرهم فلسطينيون. لا سودانيون ..... هل هذه ليست مرحلتنا؟ يبدو أن مرحلتنا ستتأخر قليلاً أما قرأتم:(لن تكتمل الثلة ألا برعاة الإبل من أهل السودان) الظاهرأننا لن نبتدئ الأمر ولكننا نكمله.