الحديث عن سيدي الكرة السودانية في هذا المقام يمتد ليشمل كل الأندية الرياضية في السودان،ولكن التخصيص جاء لريادتهما وثقلهما الجماهيري.الهلال والمريخ - كما يقول البعض- هما اكبر حزبين في السودان،وقد لعبا دوراً مؤثراً في الحركة الوطنية السودانية فكانا المنبرين اللذين احتضنا جذوة النضال ضد المستعمر وقاما بتجميع أبناء الشعب السوداني في وحدة وطنية حقيقية،لم يستطع أي حزب سياسي أن يبزهما في هذا المضمار. اذا انتصر الهلال أو المريخ في موقعة كروية تخرج الجماهير في لحظة واحدة في كل مدن وقرى السودان،شماله وجنوبه... شرقه وغربه ووسطه..ويتشح السودان كله بالبيارق الزرقاء أو الألوية الحمراء. حتى صفوف لاعبيها وعلى مختلف الحقب الكروية كانت نسيجاً رائعاً لوحدة السودان،الدينكاوي مع الجعلي مع ابن جبال النوبة والهدندوي مع ابناء الجزيرة وكردفان والنيل الأبيض وأبناء دارفور.حتى مساطبها الشعبية تعكس هذا التمازج الرائع لأبناء الوطن الواحد. من المؤسف أن هذين الناديين يسيئان تقدير هذا الثقل الوحدوي والاجتماعي المتوافر فيهما،اذ ظلا يحصران نشاطهما في كرة القدم دون الالتفات الى استغلال هذا الرصيد في مضمار نشر الوعي والقيم والثقافة. جدران الأندية الرياضية تضم في جنباتها مجالس الونسة التي تبدأ بالكرة...مروراً بأخبار المجتمع وانتهاءً بالسياسة،الى جانب موائد «الكوتشينة» والضمنة، ورواد الأندية كلهم من الرجال مع غياب تام للشرائح النسوية والأطفال.من حين الى آخر نسمع أن بعض هذه الأندية تفكر فى اقامة نادِ اسري، وهذا ما نحن بصدده في هذا العمود..ولكن تظل فكرة النادي الأسري كفقاعة في الهواء سرعان ما تتلاشى. اننا نحلم أن يقوم الناديان الكبيران بانشاء الأندية الأسرية،خارج نطاق المبنيين المحشورين حشراً في العرضة شمال وجنوب.أندية أسرية تمتد على رقعة مساحتها بضعة أفدنة تحتضن الأسرة السودانية بكل عناصرها..الزوج والزوجة والأطفال والشباب وتقدم لهم متنفساً للترويح وممارسة الرياضة ووجبات بأسعار هامش الربح فيها معقول.أندية الى جانب الملاعب وحمام السباحة تضم في داخلها مسرحاً وصالة للمناسبات والعاب الأطفال وتعج لياليها بحفلات السمر ومنتديات الشعر والموسيقى وحتى السياسة.هذه الأندية الأسرية تملك تمويل نفسها بنفسها عن طريق العضوية لآلاف الأسر وبالتالي تمثل اضافة محترمة ومهذبة لعضوية الاستجلاب التي لا تظهر الا في مواسم الانتخابات. في الشقيقة مصر مثال يحتذى،فالنادي الأهلي مثلاً تكاد عضويته تقارب المليون معظمها جاءت عبر الأندية الأسرية وهي تمثل شرائح متباينة من الرجال والنساء والشباب والأطفال مما أعطى النادي الأهلي وزناً مرموقاً في الحياة الاجتماعية المصرية.رئيس النادي الأهلي في مصر يأتي ترتيبه في«البروتوكول الوجداني» للشعب المصري بعد رئيس الجمهورية مباشرة. اننا نأمل أن «يجتمع السيدان»...الهلال والمريخ ويتضامنا من أجل قيام الأندية الأسرية.