نحن في السودان عندنا أمثال تتجلى فيها الحكمة والموعظة قيلت في مناسبات عديدة، وقالها حكماء مجتمعنا، لكن مع ايقاع الحياة السريع وتغير العادات والتقاليد وبعد دخول العولمة، اصبحت هناك امثال لا تفي بالغرض الذي قيلت من أجله، ما دايرين نقول زمانها فات وغنايا مات، لكن نقول إن صلاحيتها انتهت، واصبحت كما يقول الانجليز obselete اوبسيليت او expired اكسبيرد، ولنأكد ما ذهبنا عليه نستعرض الأمثال المذكورة أدناه مع توضيح منطق انتهاء الصلاحية: 1 الجمرة بتحرق الواطيها: الجمرة طبعا هي الفحمة المولعة، والجمرة هي ذاتها بقت جمرة، لأن شوال الفحم الآن سعره 90 جنيها، والفحم كان يستعمل في الطبيخ والمكواة والبخور. الطبيخ اغلبه بقى بالبوتاجاز، وقيمة شوال الفحم بتجيب ستة انبوبة غاز 6*15 =90، ودي تكفي البيت 6 شهور، والشوال بتاع الفحم للطبيخ والتسخين والمكواة لا يكفي اكثر من شهر. المكواة اصبحت بالمكواة الكهربائية، اما البخور فقد ظهرت المباخر الكهربائية، وحليل زمن العطور والبخور.. هاك الصندلية دي. 2 صحيح الاختشوا ماتوا: ظاهرة الاختشاء قلت كثيرا جدا، وغابت مقولة «ان لم تختش فاصنع ما شئت»، وظهرت مقولة بعد العشاء ما في اختشاء، فالمثل معناه أصبح فاقد الصلاحية، لأننا هذه الأيام ما سمعنا بي زول اختشى ولا في زول مات من عدم الاختشاء ولا في زول انتحر. 3 الما عندو ضهر بنضرب على بطنو: المثل يطلق على الشخص الذي ليست له قوة تحميه من الظلم، قوة مثل الاهل او العشيرة او السلطة. البطن ذاتها بقت ما في او بقت ملصوقة على الضهر، مع الرغيف الزادوه مرتين في خلال شهور، والبطن بقت طامة، وحليل مثلنا البقول «ليمونة في بلد قرفان». 4 بلد ما فيها تمساح بيقدل فيها الورل: التمساح طبعا هو الأخطر في خطف الضحايا على حافة النهر، عشان كده الناس بخافوا من التماسيح، والورل طبعا هراش وشكله مخيف لأنه يصدر صوتا مزعجا، وهو يشبه لحد كبير التمساح، وفي مجتمعنا التمساح يشبه به الرجل الفارس: أب رسوة البكر حجر شراب سيتيت أب درق الموشح كله بالسوميت كاتال في الخلاء وعقباً كريم في البيت وفي غياب التمساح الورل بيقبض الجو، والمثل يضرب للأشخاص الذين يحتلون مواقع أكبر من مؤهلاتهم. والمثل بقى منتهي الصلاحية لأن التماسيح بقت كثيرة وملأت كل الأماكن، والورل المسكين اختفى وحقو راح. 5 شكارتها دلاكتها: الشكارة هي المرأة التي تذكر محاسن العروس، وهي نفس المرأة التي تقوم بتدليك العروس، وهو مثل يطلق على الشهادة المجروحة التي تأتي من صاحب المنفعة. وبعد الفضائيات والاذاعات والصحف والمجلات التي غزت المجتمع الشكارات كترو شويه، يعني الواحد تلقاه مدرب وإعلامي وعضو بعثة يشكر في مستوى الفريق القومي، مع أن شبكتنا صارت الاكثر اتساعا. 6 الما عندها تيلة بتسوي الحِد حيلة: التيلة هي عقد من ذهب يُصنع من الجنيهات الذهبية، وهو ثقيل الوزن وتقيل الثمن، والمثل يطلق على المرأة التي تظهر ما لا تبطن تقول «انا ما لابسه ذهب لاني حادة»، «حادة واللا سنينة؟» طبعا التيلة بقت موضة قديمة اثرية، وبالتالي المثل اصبح فاقد الصلاحية. 7 بجي الخريف واللواري بتقيف: ده مثل كان مناسباً عندما كانت الطرق أغلبها ترابية، وعند نزول الأمطار تتوقف الحركة، لأن اللواري بتوحل في الطين، وكان العرف أن تتوقف اللواري حتى انتهاء الخريف، والآن بعد تشييد طرق الاسفلت اصبحت الحركة منسابة طيلة العام وفي جميع انحاء السودان، والمعنى البعيد للمثل أن الناس تحتاج لبعضها في اوقات الشدة. 8 الموية الحارة ما لعب قعونج ده مثل يطلقه اهلنا ناس الغرب على المستهترين الذين لا يقدرون المواقف والخطورة بشكل جيد، و «القعونجة وهي الضفدعة» يمكن ان تلعب في مياه الامطار او في البلاعات، لكنها تتفادى المياه السخنة لأن في ذلك هلاكها. والمثل بالنسبة للحناكيش فاقد الصلاحية، لأنهم لم يتعاملوا مع القعونج، والضب عندهم تمساح صغير لأنهم لم يشاهدوا التمساح الا في الكبريتة. 9 مد رجليك على قدر لحافك: اللحاف هو المرتبة القطنية خفيفة الحجم والوزن «اقل مرتبة من المرتبة»، والمثل يطلق على الشخص الذي يريد أن «يتبوبر» ويحب المظاهر التي قطعا ستوقعه في مشاكل.. واللحافات استبدلت حديثا بمراتب السفنجة، كما ان محلات البيع بالتقسيط كترت في المجتمع، والناس بقت تمشي مع المثل البقول «نتدين ونتبين»، يعني نظهر بمظهر كويس ان شاء الله بالدين وبعد داك يحلها الله، وناس كتار اتدينو وكسروا البضاعة، عشان كده انكسرت رقبتم. 10 عينك في الفيل وتطعن في ظله: يطلق على الشخص الجبان الذي يوجه اللوم والنقد للشخص غير المسؤول، والمثل انتهت صلاحيته لأن الأفيال بقت نادرة ولا تشاهدها إلا في حدائق الحيوان، وما في زول قاعد يطعنها، ونقد بقي ما في في تطبيل.. وحليل زمن الرجال البطعنو الفيل.. وحليل زمن الرجال البكسرو العناقريب.