الشعديناب تنسب الى شاع الدين، وهو الذي كان ينادي بنشر الدين بين الناس كما تقول الروايات، وترقد الشعديناب على صفحة النيل، ويقال ان مؤسسها هو الشيخ الحاج عيسى ود قنديل (راجل درو) وبها بيانه وهو من الصالحين .. وبها شدرة حراز مشهورة، ويروي انه تحت ظلالها حفظ الشيخ المجذوب القرآن. ويرجع تاريخ الشعديناب الى العصر الوسيط، لأنه توجد دلالات على ذلك في المنطقة بين المقابر والنهر تتمثل في الخزف والرفوف التي توجد تحت الارض، وقد اهتم بذلك الدكتور صلاح عمر الصادق عليه رحمة الله، وقد اكد الدكتور علي التجاني الماحي ان الشعديناب غرب المقابر لأهالي المنطقة بأنها منطقة اثرية وبها افران، وقد وجد الاهالي من قبل قوارير عطور ولما رائحة جميلة. ويسكن الشعديناب الكريماب وهم آل ابو زيد عبد الكريم والمحاميد، وهم أهل السفير عثمان نافع، والعراديب وهم آل محجوب عرديب، وآل دعاك وآل قدور. وابو قاضي ومنهم زين العابدين ابو قاضي، وهو من اوائل خريجي كلية غردون، وبها اولاد سعران وموسى ود شطة وبها اولاد الماحي وبركة وبريك، وبها الرشايدة والحلب، وجاءها العبابدة من صعيد مصر منذ قديم الزمان لأنها تقبل الآخر. وهي مدينة الشعراء ينظم رجالها ونساؤها واطفالها الشعر. ويقول عنها الشاعر ابو زيد عبدالكريم والد الشاعر قاسم ابو زيد: الحاج عيسى والصلاح مسيد وبنيه فوق الشالو قلبي ودرجو في القادريه اللابس نواشينو وطلع دوريه ديمه يغيظني كان دق الشتم حربيه والأخ الشقيق لأبو زيد عبد الكريم عبد الله كان شاعرا ومسرحيا، فقد كتب مسرحية (عاشة) ونشرت من قبل في مجلة الاذاعة والتلفزيون وعرضت على خشبة مسرح نادي النصر بالشعديناب. ومن اشهر اشعار عبد الله عبد الكريم : يا حليل ساعة المقيل في شمال الدامر قبيل وقد كان الجد عبد الكريم صاحب منسج اي نساج، وكان ينسج الشعر ايضا، وكان ابو زيد ترزيا يخيط الملابس ويخيط الرباعيات وفي احداها يقول: راجل درو أبوي وجوارك صيد قدامه وراه وكتلي منو صعيد الناحل جسمنا وقلل الغميض فتق الشالو قيح ما بنفعوا الكميد وقد كتب أبو زيد عبد الكريم كثيراً من الأغاني تغنى بها فنانو المنطقة، ومنها أغنية الطيبة التي غناها الفنان عمر العبد: تلقى الطيبة والجمال هناك في بلدنا في الشمال يا طالب الهناء والسرور أرجا معاي شمال نزور صابح النيل قطف الزهو وساهر الليل ظبي التلال الى أن يقول: شمالنا يا ناس أرضه جنة فيهو الخير والمحنة وفي الشعديناب للمديح مكانة، وذلك لأن للصوفية والمجاذيب أثر، فنجد العم قسم الله وابناءه جلال والسيد وخلف الله وميرغني ينظمون المدح ومن اشهر مدائحهم: الحجاج سافروا مننا حجوا وطافوا بعرفة ومنى وفي الشعديناب نجد ان آل قدور ابداع من الاجداد الى الاحفاد، فجدهم ود شزيب شاعر كبير، واحمد قدور مادح وشاعر. وهو والد الشاعر السر وعمر وعبد المنعم ومحمد احمد. واخوات احمد قدور التومات شاعرات. ونجد ان ابن ام الحسين مادح وشاعر وفنان وهو هساي، وقد كان يطلق عليه فنان الجعليين لحماسة كلماته، وغنى مع بابكر ود السافل ومن اشهر اعماله: الواعي ما بوصو وغنى ايضا: البشيل فوق الدبر ما بميل والدكتور عمر قدور ألف ديواناً بعنوان «صوت السماء» قدم له البروفيسور عبد الله الطيب، وغنى له الكحلاوي «ليل الزمان يا حليلو» وله ديوان تحت الطبع بعنوان «الوجه الآخر».. وفي الشعديناب عبد المنعم قدور البستاني بمحطة ابحاث الحديبة، فقد كتب جميع انواع الشعر، وكان حاضر البديهة ويرتجل الشعر في اي زمان ومكان، ويكتب المنلوج ومن منلوجاته: السرق جزلاني في دقائق ما في انسحب خلاني أو منلوج آخر: يا وليه أوعي تزابني دلالية وفي إحدى المرات كان ابو زيد عبد الكريم وعبد المنعم قدور يتناولان الافطار بمطعم بحر بالدامر، واحضرت لهم الماء في علبة محلبية ميسو وفيها قالا: ابوزيد: الجدية المصورة فوق عليبة ميسو ورد عليه عبد المنعم: ما ظن بالوصف يا خوي نحنا نقيسه واضاف ابو زيد: الداقسات عيونه وبرضو سادل ديسه ليقول عبد المنعم: من غير أدنى شك لا بد تلقى عريسه ونجد عبد المنعم دائما يجادع الشعراء.. وقد ورَّث الشعر والفن لابنه بشرى قدور.. ومحمد احمد قدور اصغر ابناء الشاعر احمد قدور شاعر وله ديوان بعنوان «سفر العيون». ومن الشعديناب الشاعر السر قدور الذي اسهم في بناء خريطة الغناء السوداني، ويكفيه فقط «أرض الخير» التي صدح بها الكاشف. والشعراء في الشعديناب يفوق عددهم عدد الشجر، وهم يبثون العلم والمعرفة والجمال، ومنهم الشاعر عمر العوض والدرديري علي محمود والشاعر مبارك رضوان، والسعيد البدوي الذي يجيد صناعة السيوف للفرسان ويجيد صناعة الشعر .. والشاعر بابكر عثمان دعاك وأبناء محمد الأمين فرح الزبير وعبد الله ود عمارة الشاعر والفنان صاحب ديوان «النغم الأصيل». وفي الشعديناب يأتي سكان الدامر للفرجة على منطقة النيل بالشعديناب، وللتسامر والاستماع لفحول الشعراء، ويسمعون ابو زيد عبد الكريم يرد علي دعاك: شيطان شعري يا دعاك رماك في هوة إنت أصلك ما بتقدر خوة وجاء ود شوراني مرة لأبو زيد عبد الكريم، فهبت عاصفة ترابية وهم في دكان ابو زيد في مدينة الدامر، وهو دكان خياطة ملابس، فقال ودشوراني: الصيد طلق دعاشه وجانا قاعدين في سجن عمك عجاجو عمانا من جيل الفلانة الرايقة مي عكرانا اخوي الترزي اخوي ليه منها بتنسانا فيرد ابو زيد في اللحظة: عبد الله اخوي كان شفت جنس هضليم نهدن برتكان لهجن بيشفي سقيم دارس الفن طبيعي خلقة مو تعليم جافلة نافرة عند بابه العبوب ما بريم وما ذكرته من شعراء الشعديناب نماذج من الشعراء، لأنك في الشعديناب تجد بين شاعر وشاعر شاعراً او شاعرة، فالشعديناب وادي عبقر الشعراء في السودان.