ساره هاريس التايمز اللندنية في هذا الوقت يثار الجدل حول ارتداء النساء البريطانيات للحجاب، ففي الشهر الماضي أصبحت بلجيكا أول دولة أوربية تجيز قانوناً يحظر ارتداء البرقع واصفة إياه ب»المهدد» للكرامة الأنثوية في ذات الوقت الذي تبدو فيه فرنسا مستعدة لاحتذاء بلجيكا. وفي مطلع شهر مايو الماضي فرضت إيطاليا غرامة قدرها 500 يورو «ما يعادل 430 جنيه أسترليني» على امرأة مسلمة بسبب ارتدائها حجاباً إسلامياً خارج أحد مكاتب البريد. ومع ذلك وفي الوقت الذي يشهد فيه أقل من 2 في المائة من السكان طقوس كنيسة إنجلترا كل أسبوع نجد أن عدد النساء اللاتي يعتنقن الإسلام يمضي في تصاعد، ففي مسجد لندن الكبير في ميدان ريجنت يصل عدد النساء تقريباً إلى ثلثي «المسلمون الجدد» الذين يعلنون رسمياً اعتناقهم للإسلام هناك وأن معظمهنَّ تحت سن الثلاثين. إن إحصاءات اعتناق الدين غير منتظمة، ولكن لدى إحصاء عام 2001م كان هناك على الأقل 30000 مسلم بريطاني اعتنقوا الإسلام في المملكة المتحدة. ووفقاً لما أورده كيفن برايس الذي يعمل بمركز بحوث سياسة الهجرة بجامعة سوانسي فإن هذا العدد قد يكون الآن قارب ال50000 وأن الأغلبية فيه من النساء، حيث يؤكد برايس قائلاً: (يعكس التحليل أن الأعداد المتزايدة من الفتيات ذوات التعليم الجامعي ممن هنَّ في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهنَّ يعتنقن الإسلام). ويفسر د. محمد سيدون محاضر الدراسات الإسلامية بجامعة تشيستر هذه الظاهرة بقوله: (إن مجتمعنا مجتمع القرن الواحد وعشرين الليبرالي التعددي يشير إلى أننا يمكن أن نختار سياستنا ووظائفنا ويمكن لنا أن نختار هويتنا الروحية. فنحن في عهد «السوبرماركت» الديني). وهذه بعض قصص النساء اللاتي اعتنقن الإسلام: *جوان بيلي (30 عاماً، محامية، من برادفورد) تقول جوان بيلي: (إن أول مرة ارتدي فيها الحجاب كنت داخل المكتب وكنت في حالة عصبية. فمنذ عهدٍ مضى كنت واقفة خارج المكتب لأحدث صديقتي على الهاتف، وسألت نفسي «ما الذي سيقوله عني أي شخص؟»، وعندما دخلت المكتب سألني شخصان «لماذا ترتدين ذاك الحجاب؟ نحن لم نكن نعرف أنك مسلمة». لقد كنتُ آخر شخص تتوقعه يعتنق الإسلام: كانت تربيتي تربية طبقة عاملة، تربية محجوبة جداً عن الآخرين في جنوب يوركشير، كان يصعب عليَّ حتى رؤية شخصٍ مسلم قبل أن أذهب إلى الجامعة. واتذكر محاولتي لأداء دور الفتاة الوحيدة المتوظفة عندما كنت أمارس وظيفتي الأولى لدى شركة محامٍ في بارنسلي حيث كنت أقوم باتباع نظامٍ غذائيٍّ صارم واتسوق وأذهب إلى الحانات، ولكنني لم أشعر أبداً أنني مرتاحة. ومن ثم وفي ذات أصيل من الأصائل في عام 2004م تغير كل شيء: فقد كنت اتحدث مع صديقٍ مسلم عن القهوة عندما لاحظ الصليب الذهبي الصغير حول عنقي حيث قال لي: «هل تؤمنين بالله؟» فقد كنت ألبس الصليب للموضة أكثر مما لخاطر الدين وقلت له: «لا، لا اعتقد أنني أؤمن به». وبدأ يتحدث لي عن عقيدته. لقد استهنت به في البداية ولكن كلماته ركزت في ذهني، وبعد أيام قليلة وجدت نفسي أطلب نسخة من القرآن على الإنترنت. لقد أخذتُ برهة من الوقت لاستجمع شجاعتي لكي أذهب إلى مناسبة اجتماعية نسوية ترتبها مجموعة المسلمات الجدد. واذكر أنني عندما وصلت كنت اترنح خارج الباب وأنا أفكر «يا للويل ماذا تراني أفعل هنا؟»، ولقد تخيلت أنهن يرتدين عباءات سوداء من الرأس إلى إخمص القدم: فما عسى أن يكون لي معهن وأنا فتاة إنجليزية شقراء في الخامسة والعشرين من العمر؟ ولكن عندما دخلت عليهن لم أر فيهن الصورة النمطية لربة المنزل المسلمة المضطهدة، فقد كنَّ جميعهنَّ طبيبات ومعلمات وطبيبات أمراض نفسية. لقد أدهشني كيف أنهنَّ بَدَوْنَ مطمئناتٍ وآمنات، فلقد كان لقائي بهؤلاء النسوة هو الذي أقنعني أن أصبح مسلمة بأكثر من أيٍّ من الكتب التي قرأتها. وبعد أربع سنوات وفي شهر مارس عام 2008م أعلنتُ عن عقيدتي في منزل أحد الأصدقاء. وفي البداية كنت قلقة من أنني لم أفعل الشيء الصحيح ولكنني سرعان ما استرخيت كالشعور الذي ينتابك عندما تدخل في وظيفة جديدة. وبعد أشهر قليلة أجلستُ والديَّ وقلت لهما «لديَّ شيء أريد أن أخبركما به»، وكانت هناك لحظة من الصمت قالت لي بعدها والدتي «أتريدين أن تكوني مسلمة، أليس كذلك؟»، وانهمكتُ في البكاء وظلت تسألني أسئلة من شاكلة «ماذا يحدث عندما تتزوجين؟ فهل تخفين ذلك؟ وماذا عن وظيفتك؟»، وحاولت أن أطمئنها بأنني مازلتُ أنا أنا ولكنها كانت قلقة بشأن سعادتي. إن الإسلام خلافاً لما يعتقد معظم الناس لا يضطهدني فهو يتركني أن أكون على ما أنا عليه. والآن أنا أكثر اقتناعاً وامتناناً للأشياء التي حصلت عليها، فقبل أشهر قليلة تمت خطوبتي لمحامٍ مسلم التقيت به في دورة تدريبية إذ لم تكن لديه مشكلة إطلاقاً مع مهنتي كما أنني اتقبل المنظور الإسلامي حول العادات التقليدية بالنسبة للرجال والنساء. فأنا أود أن اعتني بزوجي وأطفالي ولكنني أريد طبيعتي الاستقلالية أيضاً، فأنا فخورة بكوني بريطانية وبكوني مسلمة، ولا أراهما متضاربتين بأية حال). *عقيلة ليندساي ويلر (26 عاماً، أمٌّ وربة بيت، من ليستر سيتي) تقول عقيلة ليندساي ويلر (كنت أظن وأنا مراهقة أن الدين على علاته شيء بائس، فلقد اعتدت أن أقضي كل نهاية أسبوع في السُّكْر وأنا ارتدي التنانير القصيرة والأخفاف ذات الكعب العالي. كنت اتساءل عن السبب الذي يجعل المرء يضع القيود على نفسه؟ فأنت تعيش مرة واحدة فقط في حياتك. وفي الجامعة عشت الحياة الطلابية ذاتها حيث اتعاطى الشُّرب وأذهب إلى النادي، ولكنني استيقظ دائماً صباح اليوم التالي وأحس بدوارٍ من أثر الخمر وأفكر: ما الغرض من ذلك؟ ولكنني لم التق بالطالب حسين حتى عامي الثاني، فلقد عرفت أن حسين مسلم ولكننا وقعنا في شرك الحب، ولذا وضعت كل قضية الدين تحت البساط، ولكن خلال ستة أشهر من علاقتنا قال لي حسين إن وجودي معه يتنافى مع عقيدته. لقد بتُّ مرتبكة جداً وفي تلك الليلة بتُّ ساهرة وأنا أطالع كتابين حول الإسلام أعطاني إياهما حسين. اذكر أنني انهمكتُ في البكاء لأنني كنت مأخوذة جداً بالكتابين. وقلت لنفسي «هذا معنى الحياة كله»، ولكن كانت لديَّ أسئلة كثيرة من شاكلة: لماذا يجب أن أغطي رأسي؟ لماذا لا يمكن لي أن آكل ما اشتهي؟ وبدأت اتحدث للنساء المسلمات في الجامعة حيث غيَّرن رأيي تغييراً كاملاً، فقد كنَّ متعلمات وناجحات وبالفعل وجدن الحجاب غير مقيد. لقد اقتنعتُ وبعد ثلاثة أسابيع اعتنقت الإسلام رسمياً. وعندما أخبرت والدتي بعد أسابيع قليلة باعتناقي الإسلام لم اعتقد أنها أخذت الموضوع مأخذ الجد، فقد أبدت تعليقات قليلة من شاكلة «لماذا ترتدين ذاك الحجاب؟ فأنت لديك شعر جميل، ولكن لا يبدو أنها فهمت مغزاه. وفي الجامعة هاجمتني أفضل صديقاتي بشدة، فهي لم تفهم كيف أنني قد خرجت للنادي في أحد الأسابيع وفي الأسبوع التالي أبطلت كل شيء واعتنقت الإسلام. لقد كانت لصيقة جداً بي في حياتي السابقة ولكن لم اتأسف على فراقها. لقد اخترت اسم «عقيلة» لأن معناه «عاقلة وذكية» وهذا ما كنت أطمح أن أكون عندما اعتنقت الإسلام قبل ستة أعوام. لقد أصبحت شخصية مختلفة تماماً حيث محوت من ذاكرتي أي شيء يتعلق بالممثلة الأمريكية ليندساي. وأصعب شيء بالنسبة لي كان هو تغيير طريقة اللبس لأنني كنت دائماً ذات وعيٍ بالأزياء، واذكر أن أول مرة حاولت فيها ارتداء الحجاب كنت أجلس أمام المرآة وأقول لنفسي «ماذا أفعل بوضع قطعة قماش على رأسي؟ أنا يبدو مخبولة!». أما الآن فأحس بأنني عارية دون الحجاب وأراني أحياناً استغرق في أحلام اليقظة وهبوب الريح يسري خلال شعري. وفي ذات مرة أو مرتين أتيت إلى المنزل وانهمكت في البكاء بسبب شعوري برثاثة الملبس، ولكن كان ذلك مجرد غرور، فمن دواعي الراحة عدم إحساسك بذلك الضغط مرة ثانية، فلبس الحجاب يذكرني بأن كل ما يجب أن أفعله هو عبادة الله وأن أكون متواضعة. واجتزت مراحل ارتداء النقاب لأنني شعرت أنه أكثر لياقة ولكنه يمكن أن يسبب لي مشاكل أيضاً، فعندما يرى الناس فتاة بيضاء ترتدي نقاباً سيعتبرون أنني تنكرت لثقافتي لأتبع زمرة من الآسيويين. ولقد كان حتى الصبية في الشارع يصرخون في وجهي ويقولون «اخلعي ذاك الن... من رأسك يا ابنة الحرام». وبعد تفجيرات لندن خشيت أن اتجول في الشوارع خوفاً من الانتقام. ولكنني أعيش حياة سعيدة في الغالب فقد تزوجت حسين ولدينا الآن طفل عمره سنة واسمه «ذاكر»، وحاولنا أن نتبع عادات المسلمين التقليدية: فأنا الآن أمٌّ وربة بيت في حين أن حسين يخرج للعمل. لقد كنت أحلم في السابق بأن أنال وظيفة ناجحة وأصبح طبيبة نفسية ولكنني الآن لم أعد راغبة فيها. فأن تكون مسلماً ليس مخرجاً سهلاً ذلك أن هذه الحياة يمكن أن تكون سجناً في بعض الأحيان بقوانينها وقيودها الكثيرة ولكننا نؤمن بأننا سنجد الجزاء في الحياة الأخرى. *كاثرين هيزلتاين (31 عاماً، معلمة مدرسة حضانة، شمال لندن) تقول كاثرين هيزلتاين (إذا طلبتَ مني عندما كنت في سن السادسة عشر أن أكون مسلمة لقلت لك «لا، شكراً»، فلقد كنت سعيدة جداً وأنا اتعاطى الشرب وأذهب إلى الحفلات والتئم بأصدقائي. لم نمارس مطلقاً ونحن الذين نشأنا في شمال لندن الطقوس الدينية في المنزل، فلقد كنت دائماً أظنها ممارسات عفا عليها الزمن وغير ذات موضوع. ولكن عندما التقيتُ بشريك حياتي المستقبلية «سيِّد» الذي كان في نهاية مرحلته الثانوية وضع حداً لكل أفكاري السابقة، لقد كان سيد شاباً مسلماً يؤمن بالله ومع ذلك فقد كان عادياً. فالفرق الوحيد بينه وبين معظم الشباب المراهقين أنه لم يكن يتعاطى الشرب أبداً. وبعد عام وقعنا في شراك الحب وقوعاً كاملاً، ولكن سرعان ما استدركنا كيف يمكن لنا أن نكون مع بعض إذا كان هو مسلماً وأنا لست مسلمة؟ فقبل أن التقي سيداً لم أفكر أبداً أن أؤمن بشيء، لقد تعلمت فقط عقيدتي «اللا أدرية» من خلال التناضح الفكري، وبدأت أقرأ كتباً قليلة عن الإسلام بدافع حب الاستطلاع. وفي البداية جذبني القرآن على مستوىً فكري ولكن الجانب الروحي والوجداني لم يأت إلا لاحقاً، فقد أحببت تفسيرات القرآن للعالم المادي واكتشفت أن الإسلام من قبل 1500 عام قد منح النساء الحقوق التي لم يحصلن عليها هنا في الغرب إلا في الآونة الأخيرة نسبياً. لم يكن الدين شيئاً بائخاً كي تتحدث عنه لذا احتفظت برغبتي في الإسلام لنفسي لمدة ثلاثة أعوام، ولكن في عامي الأول بالجامعة قررنا أنا وسيد الزواج وعرفت أنه قد حان الوقت لأخبر والديَّ حيث كان رد فعل أمي أن سألتني «ألا يمكن لكما أن تعيشا معاً أولاً؟»، فوالدتي كانت قلقة بشأن الاندفاع نحو الزواج ودور النساء في البيوت المسلمة. ولكن لم يدرك أحد كيف أنني أخذت تحولي الديني مأخذ الجد، فأنا أذكر خروجي مع والدي لتناول وجبة العشاء وكان يقول لي «هيا، خذي كأس خمر ولن أخبر سيد بذلك!». وزعم كثير من الناس أنني اعتنقت الإسلام فقط لكي أجعل أسرة سيد سعيدة لا لأنني آمنت به. وفي وقت لاحق من ذاك العام كان لدينا زفاف بنغالي ضخم وانتقلنا معاً إلى شقة، ولكنني قطعاً لم أقيد بعمل المطبخ ولم البس حتى الحجاب ولبست بدلاً منه قبعة. لقد اعتدت أن أحصل على قدر معين من لفت انتباه الصبية عندما كنت أخرج إلى الأندية والحانات لكن كان عليَّ أن ادع كل ذلك جانباً. لقد بدأت اتبنى تدريجياً طريقة التفكير الإسلامي: كنت أريد من الناس أن يحكموا على ذكائي وشخصيتي لا على الطريقة التي أبدو عليها. لم أكن من قبل جزءاً من أقلية دينية لذا كان ذلك تغييراً كبيراً ولكن أصدقائي كانوا جدَّ راضين ولكن بعضهم صُدموا قليلاً: «ماهذا، لا شراب لا مخدرات لا رجال؟ لا يمكن أن أفعل ذلك!»، لقد استنفدت بعض الوقت حتى يتذكر أصدقائي بالجامعة أشياء مثل عدم تقبيلي على الخد، كان عليَّ أن أقول لهم «آسف، إنه أمر مسلمين». وأصبحت بمرور الوقت أكثر تديناً من زوجي. لقد بدأنا ننفصل بطرقٍ أخرى، وفي النهاية اعتقد أن مسؤولية الزواج كانت كثيرة عليه، فقد أصبح بعيداً ومنفصلاً، وبعد سبع سنوات مع بعضنا قررت الطلاق. وعندما رجعت لوالديَّ كان الناس مستغربين أنني مازلت اتجول في الحجاب، ولكن إن كان هناك من سبب فهو أنني عززت عقيدتي بطريقتي: بدأت أحس بأنني مسلمة مستقلة عنه. إن الإسلام منحني إحساساً بالمقصد والهدف، فأنا عضوة في لجنة شئون المسلمين العامة وأقود الحملات ضد «الإسلاموفوبيا» والتمييز الممارس ضد النساء في المساجد والفقر والوضع في فلسطين. وعندما يصفنا الناس ب»المتطرفين» أو «نقطة ضعف السياسة البريطانية السوداء» فإنني اعتبره مجرد سخف. هناك مشاكل جمة في المجتمع المسلم ولكن عندما يشعر الناس أنهم محاصرون فإن ذلك يجعل عملية التقدم أكثر صعوبة. وأنا مازلت أشعر كثيراً بأنني جزء من المجتمع البريطاني الأبيض بيد أنني مسلمة أيضاً، واستغرقت بعض الوقت لتكييف هاتين الهويتين معاً ولكن الآن أشعر أنني واثقة جداً من هويتي، فأنا جزء من كلا العالميْن ولا يمكن لأحد أن يستلب مني ذلك). *سوكينا دوجلاس (28 عاماً، شاعرة، من لندن) تقول سكينة دوجلاس (كانت نظرتي مُركزة بقوة على إفريقيا قبل أن اكتشف الإسلام. لقد تربيتُ على الديانة الراستافارية واعتدت أن يكون لديَّ جدائلُ شعَرٍ مرسلة طويلة ومجزعة: فنصفٌ شقراء والنصف الآخر أسود. ومن ثم وفي عام 2005م عاد صديقي السابق من رحلة إلى إفريقيا وأعلن أنه اعتنق الإسلام. كنت غاضبة وقلت له «إنك فقدت جذورك الإفريقية». فلماذا يحاول أن يكون عربياً؟ لقد كان أمراً غريباً على الطريقة التي عشت بها حياتي، فكلما أرى امرأة مسلمة في الشارع تجدني أقول لنفسي «لماذا يتدثرن مثل ذاك التدثر؟ أوَ لم يكنَّ مولعاتٍ بالجنس؟» لقد بدا لي الأمر ثقيلاً. كان الإسلام سلفاً موجوداً في وعيي ولكن عندما بدأت أقرأ سيرة مالكولم إكس في الجامعة انفتح شيءٌ ما بداخلي. فذات يوم قلت لصديقتي المفضلة منيرة «لقد أحببت الإسلام»، ضحكت منيرة وقالت «هوِّن عليك يا سوكينا!»، لقد بدأت تستكشف الإسلام لتثبت أنني على خطأ ولكنها سرعان ما بدأت تؤمن به أيضاً. لقد كنت دائماً متحمسة حيال حقوق المرأة، فلم يكن هناك ما يجعلني أدخل في دينٍ يسعى لإذلالي، لذا عندما عثرت على كتاب كتبته امرأة مغربية وجدت أن هذا الكتاب قد فسخ كل آرائي السلبية: فالإسلام لا يضطهد المرأة، بل الناس هم الذين يضطهدونها. وقبل أن اعتنق الإسلام أجريت تجربة حيث تدثرت بتنورة غجرية طويلة وحجاب وخرجت، ولكنني لم أشعر بأنني رثة الملبس بل شعرت بأنني جميلة. وأدركت أنني لم أكن سلعة جنسية للرجال ليلهثوا شبقاً خلفها، أنا أريد أن يحكم عليَّ مقابل مساهمتي العقلية. وبعد أشهر قليلة نطقتُ أنا ومنيرة بالشهادة وقمت بجزِّ شعري الطويل المسترسل لأقدم الجديد: لقد كانت بداية حياة جديدة. وبعد ثلاثة أسابيع فقط من اعتناقنا الإسلام حدثت تفجيرات السابع من يوليو، وفجأة أصبحنا عدو الجمهور رقم «1». لم أشهد عنصرية في لندن من قبل مطلقاً ولكن في الأسابيع التي أعقبت التفجيرات كان الناس يقذفونني بالبيض ويقولون لي «إرجعي إلى بلادك» رغم أن إنجلترا هي بلادي. ولم أخجل من أي مظهرٍ من مظاهر هويتي، فبعض الناس يرتدون أزياء عربية أو باكستانية ولكنني امرأة بريطانية وكاريبية ولذا فإن الزي القومي بالنسبة لي هو «البريمارك» و»التوبشوب» المخطط بأوشحة الحوانيت الخيرية الملونة. وبعد ستة أشهر من اعتناقي الإسلام التأمت مع صديقي السابق وتزاوجنا الآن حيث أن أدوارنا في المنزل مختلفة لأننا شخصان مختلفان ولكنه لم يحاول أبداً أن يأمرني بشيء، فهذا ما لم اتربَّى عليه. لقد كنت قبل أن اكتشف الإسلام متمردة بلا قضية ولكن الآن لديَّ هدف في الحياة: فالآن يمكن أن أحدد عيوبي وأعمل لأن أصبح شخصاً أفضل، فبالنسبة لي أن يكون المرء مسلماً يعني مساهمته للمجتمع بغض النظر عن المكان الذي أتى منه). *كاثرين هنتلي (21 عاماً، مساعدة بائع تجزئة، من بورنموث) تقول كاثرين هنتلي (كان والداي يظنان دائمأً أنني غير طبيعية حتى قبل أن أكون مسلمة. ففي بداية مراحل مراهقتي يجدانني أشاهد التلفزيون في أمسية يوم الجمعة ويقولان لي «ماذا تفعلين في المنزل؟ أليس لديك أي أصدقاء تخرجين معهم؟ ولكن الحقيقة هي أنني لم أحبَّ الكحول ولم أجرب التدخين أبداً ولم أكن أرغب في مصاحبة الصبية. لقد كنت دائماً شخصاً روحياً، لذا أحسست بشيء ينقر في داخلي عندما بدأت أدرس الإسلام في عامي الأول بالثانوي العام. وتراني أقضي وقت الغداء وأنا أقرأ عن الإسلام في الكمبيوتر، وأحسست بالسلام في قلبي ولم يعد هناك شيء آخر يعنيني، فلقد كانت تجربة غير طبيعية وقد اكتشفت نفسي ولكن الشخص الذي اكتشفته داخل نفسي لم يكن كأي أحدٍ آخر عرفته. لم أكن بالكاد قد شاهدت مسلماً من قبل لذا لم تكن لديَّ أفكار مسبقة ولكن والديَّ لم يكونا منفتحيْ العقل، فلقد أخفيت كل كتبي الإسلامية وأقنعتي في أحد الأدراج لأنني كنت أخشى أن يجدانها. وعندما أخبرت والديَّ ارتاعا وقالا لي «سنتحدث عن ذلك عندما تبلغين سن الثامنة عشر ولكن حبي للإسلام نما أكثر قوة وطفقت اتزيا بصورة أكثر تواضعاً وأصوم رمضان سراً. لقد نجحت في تبني حياة مزدوجة حتى أنني ذات يوم عندما بلغت سن السابعة عشر لم استطع الانتظار أكثر، فقد تسللت خارج المنزل ووضعت حجابي في حقيبة محمولة وركبت القطار إلى بورنموث، وربما كنت أبدو مخبولة تماماً وأنا اضعها في عربة القطار واستخدم غطاء صندوق النفاية مرآةً. ولم اكترث عندما حدجني شخصان بنظرتين حقيرتين فلأول مرة في حياتي شعرت بنفسي. وبعد أسبوع من اعتناقي الإسلام أتت والدتي تمشي داخل غرفتي وقالت «هل لديك شيء تخبرينني به؟»، وجذبتْ شهادة اعتناقي الإسلام من جيبها، وربما كان لهما أن يجدا أي شيء آخر لدى تلك المرحلة مخدرات وسجائر وأوْقية ذكورية لأنهما على الأقل يمكن أن ينسبا ذلك لتمرد المراهقة. استطعت أن أرى الخوف في عيني والدتي فهي لم تدرك لماذا أريد أن اتخلى عن حريتي لخاطر ديانة أجنبية ولماذا أريد أن انضم إلى كل أولئك الإرهابيين والانتحاريين؟ لقد كان من الصعب أن أكون مسلمة في منزل والديَّ، فأنا لن أنسى ذات مساء عندما كانت هناك صورة امرأتين ترتديان بُرقعيْن على الصفحة الأولى من الصحيفة، وبدأ والداي يمزحان وهما يقولان «ستكون كاثرين كهاتين قريباً». بل لم يرد لي والداي أن أصلي خمس مرات في اليوم فقد كانا يظنان أنها عبادة مفرطة، وتجدني أصلي أمام باب غرفتي مباشرة لذا لم تستطع أمي أن تدخل ولكنها دائماً ما تنادي عليَّ في الطابق العلوي «يا كاثرين، هل تريدين كباية شاي؟». ومازالت جدتي تقول لأربع سنوات لاحقة أشياء من شاكلة «إن على النساء المسلمات أن يسرن ثلاث خطوات خلف أزواجهنَّ»، وهذا يغضبني لأن ما تقوله يرتبط بالثقافة لا بالدين. إن خطيبي الذي التقيت به قبل ثمانية أشهر قد جاء من أفغانستان وهو يرى أن المرأة المسلمة هي جوهرة وأن زوجها هو الصَّدف الذي يحميها. وأنا أثمِّن ذاك النمط العتيق من الحياة فأنا مسرورة بأننا عندما نتزوج سيقوم زوجي على دفع الفواتير، فأنا دائماً أريد أن أكون ربة بيت. إن الزواج من رجل أفغاني كان مثل الكرز على الكيك بالنسبة لوالديَّ، فهما يعتقدان أنني مخبولة تماماً الآن، فهو يعمل محاسباً ويتحدث بالفعل لغة إنجليزية أفضل مما اتحدثها ولكنهما لا يأبهان. إن عقد الزفاف سيتم في مسجد ولذا لا اعتقد أنهما سيحضران، ومما يؤلمني ظني بأنه لن يكون لي ذاك الزفاف العبقري الذي تحيط به أسرتي. ولكنني اتمنى أن تكون حياتي الجديدة مع زوجي أكثر سعادة، فأنا سأصنع المنزل الذي أتوق إليه دائماً دون الإحساس بالألم من جراء الحكم الذي يصدره الناس عليَّ).