٭ الملف الاقتصادي من أصعب واسخن الملفات في المرحلة المقبلة ولابد ان يضطلع به الرئيس شخصياً لأنه يتطلب متباعة دقيقة على اعلى المستويات . وفي هذا الاطار ينبغي ان يتقدم وزراء القطاع الاقتصادي بتقاريرهم الدورية في فترات متقاربة حتى تتم المتابعة بقدر كبير من الانضباط والشفافية. ٭ من أهم وزارات القطاع الاقتصادي في هذه المرحلة وزارة النفط والتي لم تبتعد كثيراً عن وزارة المالية إذ تم إسناد امرها الى د. لوال والذي كان وزير دولة بوزارة المالية.. وكان يمسك بملف حسابات البترول وقسمته بين الشمال والجنوب وبالتالي فهو ادرى بما يدور في هذا القطاع على الاقل من ناحية التكلفة والمردود.. كما ان وزير الدولة بالوزارة علي احمد عثمان قد يكون الاقرب الى الفهم الفني لهذه الوزارة بحكم خلفيته الهندسية.. وتتاح له الفرصة الآن لاظهار قدراته في الاداء بعد ان طمستها الضغوط التي كانت تحيط به من الوزارات الاخرى عندما كان وزيراً بوزارة الصناعة!! المطلوب من وزارة النفط الآن تكريس جهودها في زيادة الانتاج والتخلص من العقبات التي تحيط به خاصة وأن التقديرات السابقة بالقفز بالانتاج الى ما فوق الخمسمائة الف برميل يومياً ذهبت ادراج الرياح! ان عائدات النفط التي تشكل ما يقارب نصف الايرادات العامة او تزيد قليلاً واكثر من ثمانين في المائة من العائدات بالعملات الصعبة بعد ان انخفضت أسعار البترول منذ الازمة المالية العالمية.. هذه العائدات اصبح يهددها شبح الانفصال!.. والبحث عن موارد تكميلية في فترة وجيزة امر يصعب تحقيقه.. ومع ذلك ان البحث عن مصادر جديدة سريعة العائد كالمعادن ينبغي ان يكون ضمن اولويات الحكومة في البحث عن تلك المصادر وقد خصصت وزارة بأكملها لتقوم بهذا الدور وهى وزارة المعادن.. لذلك فإن هذه الوزارة لابد ان تسابق الزمن لتحقق ماهو مرجو منها.. وعلى الحكومة ان توفر لها الموارد اللازمة.. وتأتي وزارات أخرى لتقوم بنفس الدور في مجال البنيات التحتية لتهيء المجال لمشروعات قادمة ذات عائد سريع. كما لابد من الاهتمام بالعائدات غير البترولية بشكل خاص.. وتلعب المنتجات الزراعية دوراً مهماً في هذا الاطار.. وبالرغم من إسناد ملف النهضة الزراعية للاستاذ علي عثمان محمد طه منذ بداياتها والذي اثبت نجاحاً في كل الملفات التي اوكلت اليه.. إلا أننا بمتابعتنا لهذا الملف منذ سنوات لا نراه يسير الى الامام.. ويكفي مراجعة الانتاج والانتاجية في أهم السلع الزراعية كالصمغ العربي والحبوب الزيتية والقطن والقمح والذرة وغيرها حيث من الصعب علينا أن نقول انها لم تحقق نجاحاً يدفع بها الى الامام ولكنها الحقيقة المُرة والتي لا نستطيع تجاوزها!! وعندما ارتفع عائد تلك الصادرات من العملات الصعبة الى ما يقارب المليار دولار العام الماضي هللت وزارة المالية لهذا الانجاز بالرغم من أنه لا يشكل إنجازاً حقيقياً بالمقارنة الى ما صرف على برنامج النهضة الزراعية وإسناد أمرها الى اعلى قيادات الدولة؟في بداية حكم الانقاذ تصدى وزراء الزراعة والري لتحقيق شعار نأكل مما نزرع وعندما لم يتحقق هذا الشعار ذهب الثاني الى حال سبيله أما الاول فقد عاد مستشاراً للنهضة الزراعية والشواهد الحالية تقربنا من مصير ذلك الشعار! ٭ ونحن نتساءل الى متى نظل نكرر تجاربنا الخاطئة؟! السياسات النقدية تعود بنا الى المربع الاول والسياسات الصناعية حالها يغني عن سؤالها والسياسات الزراعية كما نراها.. لماذا لا تخرج علينا النهضة الزراعية بتقرير مفصل بما تم انجازه حقيقة ونحن نسمع عن ارقام لا نراها على ارض الواقع؟! هل زاد إنتاج الذرة مثلاً عن الفلك الدائري الذي يبلغ خمسة مليون طن؟! هل ارتفع انتاج الصمغ العربي الموسم الماضي؟ وأنا لا أتحدث عن المخزون الذي ظل يلوكه مجلس الصمغ العربي.. هل قامت للحبوب الزيتية قائمة بعد ان انخفض انتاجها عن مليون طن؟! أما القمح الذي انخفضت مساحته الى نصف مليون فدان فلا نسأل عنه؟ وكذلك القطن الذي يتم تشييد محالج جديدة له وهو غير موجود؟! من الافضل ان تعاد تركيبة النهضة الزراعية خاصة بعد ان تم اسنادها لوزير الزراعة حتى نرى واقعاً جديداً ينعش الآمال ويحقق الرجاء تحت القيادة الجديدة.. ونقول في نهاية المقال أن الموجهات السياسية لا يمكن تحقيقها في ظل اقتصاد قد يتهاوى إن لم ندركه!!