٭ لم أحضر مؤتمر وزير المالية لأنني بصراحة لا ادري عنه شيئاً.. لقد كانت العلاقات العامة بوزارة المالية ذات كفاءة ومعرفة بكل الشخصيات المعروفة بالبلد خاصة كتاب الأعمدة المختصين.. ومع تغير العاملين بالادارة غابت المعرفة والتخصص.. ويبدو أن لا أحد يدري أهمية العلاقات العامة في هذا البلد.. في بلد كأمريكا ان احد أهم نواب رئيس المؤسسة هو مدير العلاقات العامة، لأن في نجاحه تنجح المؤسسة وفي فشله تفشل المؤسسة.. ما علينا!! المهم نرجع لمؤتمر وزير المالية الذي بصراحة افتقد المعلومات الدقيقة وبدأ متفائلاً بالرغم من أن ما ذكره لا يدعو للتفاؤل.. ذكر السيد الوزير في مؤتمره تخصيص مائتي مليون دولار لدعم وزارة الزراعة والغابات لرفع الانتاج والانتاجية.. أولاً مسألة رفع الانتاج والانتاجية اصبحت كالاسطوانة المشروخة يظل يرددها السادة المسؤولون دون أن يتحقق منها شيء!! مائتا مليون دولار بالعملة المحلية هى خمسمائة مليار جنيه «بالقديم».. هذا المبلغ تبلغ نسبته 3% للموازنة.. معقولة دي بس يا سيادة الوزير تخصيص 3% من الموازنة لبلد يسعى ليكون سلة غذاء العالم؟! كنا نتوقع أن يكون المبلغ ملياري دولار! حتى لو ذهب نصفها كديون ميتة على المزارعين كما يحدث لكل موسم..!! وقال إن برنامج المالية سيتركز في المرحلة القادمة على زيادة الانتاج.. ويعتقد السيد الوزير ان نجاح زراعة 062 الف فدان مؤشر يجيد لزيادة الانتاج.. هل اصبحنا نتفاءل بإنتاج 062 الف فدان من الحبوب الزيتية، في الوقت الذي كنا ننتج فيه في مساحة مليون فدان من الفول فقط؟! ثم هل تستطيع التقانة الحديثة التي جاء ذكرها في مؤتمر الوزير أن تزيل عن الفول السوداني «الافلاتوكسين» المرض المزمن للفول السوداني؟! على الاقل نعمل على تخفيض نسبته بأقل قدر ممكن..!! ان تقليل فاتورة استيراد زيوت الطعام اصبح اشبه بالامر المستحيل، بعد أن ضيعنا انتاج الحبوب الزيتية في الماضي واعتمدنا كلية على زيت الاولين بعد رشوة الخمسين مليون دولار من الدولة المنتجة التي أنستنا زراعة الحبوب الزيتية!! فما بالنا نبكي اليوم على اللبن المسكوب..؟! نحن دولة ضعيفة الذاكرة.. ضعيفة في تجاربنا الماضية ونكررها دون ملل!! وضعيفة في الارقام التي لا نتعامل بها أساساً ونعتمد على عشوائية مفرطة..!! ويريدنا السيد الوزير أن نعمل على تخفيض استهلاكنا من السكر.. لماذا؟ ومن الذي يستهلك كمية ال «31» مليون طن التي وعدنا بها وزير الصناعة السابق؟! وتكلفة انتاجنا العالية لا تسمح لنا بالمنافسة! وزيادة الكثافة السكانية والتغيير في الثقافات الاستهلاكية هى التي قفزت بالزيادة في استهلاكنا الى خمسمائة ألف طن نعمل على استيرادها من الخارج، وليست مليوناً وربع مليون طن! في تصريح سابق للوزير! ومن ايجابيات حديث وزير المالية، تحقيق عائد من العملات الصعبة عن طريق صادرات الثروة الحيوانية بلغت «662» مليون دولار، وهى تعادل عائدات كل انتاجنا الزراعي الموجه للتصدير.. لذلك لا بد من مزيد من التركيز عليه كما قال السيد الوزير. ولكن من المؤسف أن عائدات صادراتنا غير البترولية التي لم تتجاوز السبعمائة مليون دولار، حسب تقرير البنك المركزي، ولم تصل الى تسعمائة مليون دولار كما ذكر وزير المالية السابق في إحدى إفاداته، تعادل تقريباً استيرادنا من القمح «896» مليون دولار، كما جاء في تقرير بنك السودان.. لقد ادى انخفاض عائدات البترول العام الماضي إلى عجز في الميزان التجاري بلغ مليار دولار! ومع ذلك يقول محافظ البنك المركزي في نفس المؤتمر إن الازمة العالمية لم تؤثر علينا كثيراً..!! ولقد قلت في مقال سابق إن وزير المالية الجديد سيكون في تحدٍ حقيقي، فهو أشبه بمصارع ثيران يمسك بقرون ثور لا يستطيع أن يتركه فيفتك به، ولا يستطيع أن يمسك به للابد..!! ومع ذلك نحن نتفاءل لعل وعسى..!!